د.حماد عبدالله يكتب: صالون "عمر مكرم" والجنازات فى مصر !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله


نتذكر جميعا حادثة نصب شهيرة تحدثت عنها الصحف حين قامت شركة سياحة  بوضع زيارة لمسجد عمر مكرم ضمن برنامجاها السياحي – للأفواج السياحية التي تستضيفها وذلك أثناء " المأتم " التي تقام في قاعة المناسبات الملحقة بالمسجد! 

ومن الطبيعي أن المأتم في دور المناسبات الملحقة بالمساجد الشهيرة وأهمها بالقاهرة عمر مكرم ، الحامدية الشاذلية ، ال رشدان ، الكواكبي ، ودار مناسبات الشرطة بالدراسة وسيتى ستارز ، والشيخ زايد ، والقاهرة الجديدة وأخيراً قاعة مناسبات المشير بالتجمع الخامس.

وإقامة المأتم في هذه" الدور " تحتاج لحجز وفي أغلب الأحيان نؤجل المأتم يوما أو يومين وربما ثلاثة حتى يتسنى أيجاد مكان بدار بعينها لأقامة المأتم !!
واشتهر مسجد عمر مكرم بهذه الطقوس " الجنائزية " حيث تخرج الجنازة ظهرا ثم يقام العزاء مساءاً وتخصص هذه المسجد لمشاهير القوم وأضافه إلى الأبهة الاجتماعية.

كما صاحب هذه " الشعيرة المصرية" مظاهر غير مسبوقة كأن يكون هناك مصور خاص سواء فوتوغرافي أو فيديو حيث يسجل عزاء "عليه" القوم من وزراء ومسؤولين وفنانين وغيرهم !!

ويتندر المعزون ويتحاكون عن مجئ فلان بك وفلان باشا للعزاء وكأن هذا مظهر اجتماعي يضاف إلى المظاهر الكاذبة التي أصبحت سمة من سمات المجتمع المصري للأسف الشديد !!


وصاحب هذه الطقوس مظاهر أخرى مثل نوع كسوة الكراسي داخل دار المناسبات منها الأبيض ومنها الأخضر وإضافة سجاد جديد فوق فرش الدار الثابتة  ووضع أواني نحاسية ضخمة ( مباخر ) في المداخل وعلي الأرصفة المجاورة أثناء فترة العزاء !!

ويستتبع بعض حالات العزاء والمأتم دعوة الأمن المشدد وإغلاق نصف الطريق  حيث المسؤولين المتوقع مجيئهم وذلك تبعا لدرجة قرابة أو كنهة الميت  ( المتوفى )  فالأموات من الباشوات أو أقارب الباشوات معزيهم " يخاف علي أمنهم " ويحتاجوا إلى تيسيرات في وقوف سياراتهم أمام المسجد وكذلك أثناء خروجهم وإحضار السيارة أمام الباب حتى لا يتعب المعزي من الباشوات في طريق عودته إلى بيته !!

ومن جانب أخر المقرئ فالمقرئ له دلاله علي أهمية المتوفى وأهله ففي العزاءات الكبيرة يحضر مقرئ الإذاعة والتليفزيون فلان الفلاني وطبعا هذا ثمنه بالشيء العلاني!!

وحين قراءة القرآن الكل داخل " الصوان " أو الدار يتحدث عن " البيزنس " في الغالب الأعم أو الحديث عن أحد المعزيين الذي ترك منصبه وظهر أن كان أبن حلال أو أبن ......... وماذا يفعل الآن ...وكيف يبدوا !!

ومنهم من ينتهز فرصة العزاء لكى بسلم على كل المشهورين وربما يتبادل التليفونات والكروت فمهمة اللقاء في غير هذه المناسبات ربما تكون صعبه للبعض مع البعض ..

وتميزت هذه العادة المصرية القاهرية بعدم اللياقة التى أصبحت طبيعية ولا تنتقد  أى أصبحت ( عادة ) وعرفا الكل يتسابق للاشتراك به أو فيه !!

فى الفصل بين" المعزين " تقطع القراءة القرآنية حتى يتسنى خروج البعض لدخول البعض فنتيجة عدم أتساع المكان لاستقبال الكل دفعة واحد ونتيحه للازدحام .

يخرج البعض ليقف على الرصيف لكي يرى من القادم الذى لم يصادفه حظه بمقابلته داخل العزاء أو الانتظار الخارج من الدار لكى يستكمل معه الحديث .

وطبعا لا يخلى الحديث من بعض أخر النكات والطرائف  هات يا ضحك والميت (المتوفى) وأهلة على الباب يتصببون عرقاَ من تبادل السلام والقبلات والبقاء لله .

إن عمر مكرم هو الصالون الجديد الذى لا ينتظر داخليه إلى دعوة حضور فالكل يستطيع الدخول والحديث دون دعوه وأقر بأن غالبيه من الناس يحضرون العزاء ولا يعلمون من المتوفى ولا أهلة بل يتوقعون داخل العزاء مقابلة شخصية بعينها يبحث عن اللقاء بها ويجد صعوبة في تحديد موعد معها.

 لذا وجب اطلاق صالون على دار المناسبات الملحقة بالمساجد بالقاهرة أو الجيزة والان في الإسكندرية في مسجد " القائد إبراهيم " والعزاء اصبح للرجال وملحق للسيدات حتي تستكمل الوجاهة الاجتماعية بظهور قمة  الشياكة   " والألماس " علي الأثواب السوداء وكامل المكياج !!

مصر أم البدع ولا اعرف هل أجدادنا الفراعنة هم أصحاب هذه البدع أم إنها سمات المحروسة الجديدة !!
   Hammad [email protected]