خلافات "الصناعة والإسكان" على أراضي الدولة تصل للرقابة الإدارية

العدد الأسبوعي

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي - رئيس الوزراء


"مدبولي" يشكل لجنة للقضاء على "تسقيع الأراضى الصناعية"

إلزام المستثمر ببدء إنشاء المشروع خلال عام من الاستلام


رغم مرور أكثر من عامين على تعديل القانون 83 لسنة 2016، الخاص بأملاك الدولة، والذى يمنح هيئة التنمية الصناعية الحق فى إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى الصناعية، إلا أنه لم يتم تفعيله، بسبب النزاع بين التنمية الصناعية، وهيئة المجتمعات العمرانية على تبعية الأراضى.


تسبب هذا الصراع، مع تنوع الضوابط التى تضعها كل جهة، بينها المحليات، فى زيادة عملية المتاجرة فى الأراضى وتسقيعها، والإضرار بالمستثمر الجاد، وهو ما دفع رجال الأعمال للجوء للحكومة مطالبين بتحديد جهة الاختصاص، والطرح وفقاً لآلية معلنة، وبأقل سعر، وأفضل جودة.

وتقدمت هيئة التنمية الصناعية بشكوى إلى هيئة الرقابة الإدارية، اتهمت فيها هيئة المجتمعات العمرانية بالتعنت فى توفير وتحديد الأراضى الصناعية، ودخولها على اختصاصاتها وطرح أراض على الصناع، وذلك فى مخالفة صريحة للقانون.

وقال تقرير المراجعة الثالثة لصندوق النقد الدولى، الخاص ببرنامج مصر للإصلاح الاقتصادى، إن على الحكومة وضع خطة لإصلاح طريقة تخصيص الأراضى الصناعية، مشيراً إلى أن ذلك ما زال يشكل إحدى العقبات الرئيسية أمام القطاع الخاص.

وأضاف أن الأراضى الصناعية المباعة سنوياً، ليست كافية لتلبية احتياجات المستثمرين، كما أن اشتراط أنشطة محددة، والبيع لها بسعر محدد، يساهم فى سوء التخصيص، ويترك الأمر عرضة للفساد والمضاربة.

وأوضح أنه سيصدر قبل نهاية مارس الحالى، قرار وزارى بالقواعد الاسترشادية الجديدة لتخصيص الأراضى الصناعية، وأن الخطة الجديدة للإصلاح تشمل إنشاء منصة عبر الإنترنت، يتم من خلالها تخصيص الأراضى، بدءاً من الإعلان عن المناقصة – الطرح، وحتى إعلان النتيجة - الترسية.

وفى سبتمبر 2018، شكل الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، لجنة لمراجعة منظومة ترفيق وتخصيص الأراضى الصناعية، ووضع آليات لتوحيد جهات التخصيص، وفض الاشتباك وحل النزاعات بين الجهات الحكومية صاحبة الولاية، والتنسيق فيما بينها.

تضم اللجنة فى عضويتها، نائب وزير المالية للسياسات المالية، ورئيس هيئة التنمية الصناعية، وممثلاً عن هيئة المجتمعات العمرانية، وممثلين عن اتحاد الصناعات، وممثلاً عن جمعية رجال أعمال الإسكندرية، وممثلين عن جمعيات شباب الأعمال.

وبدأت هيئة التنمية الصناعية أعمال ميكنة خدمات تخصيص الأراضى الصناعية، منتصف ديسمبر الماضى، بعد الانتهاء من ميكنة خدمات التراخيص، ورخص البناء، والتشغيل، والسجلات الصناعية، بحيث يستطيع المستثمر الحصول على تلك الخدمات فى زمن قصير.

وكلفت الحكومة، المهندس مجدى غازى، فى 15 يناير الماضى، برئاسة هيئة التنمية الصناعية، وكان يشغل منصب نائب رئيس الهيئة لشئون الأراضى والمناطق الصناعية، وذلك خلفاً للمهندس أحمد عبد الرازق، الذى بلغ السن القانونية للمعاش.

وخلال الأيام القليلة الماضية، قدم النائب سليمان وهدان، وكيل البرلمان طلب إحاطة لوزير الصناعة والتجارة المهندس عمرو نصار، حول قيام هيئة التنمية الصناعية بالتعاقد مع أحد رجال الأعمال، لإنشاء مصنع بنجر سكر على قطعة أرض جنوب بورسعيد، لكن لم يتم إنشاؤه حتى الآن، كما لم تتخذ الوزارة أى إجراء ضده.

وشهدت لجنة الصناعة بمجلس النواب، خلال اجتماعها مناقشات حادة حول الطلب، فى حين أكد الوزير فسخ التعاقد، وسحب الأرض، مضيفاً أن المستثمر لجأ للقضاء.

تعود أزمة المصنع والأرض إلى عام 2012، وتم عرض نتيجة النزاع القضائى على رئيس الوزراء، ولكن لم يتم اتخاذ أى إجراءات.

وتكشف الواقعة عن استمرار عمليات السمسرة، والتربح من الأراضى الصناعية وتسقيعها، وهو ما ناقشته الحكومة خلال اجتماع المجموعة الاقتصادية الأسبوع الماضى.

وكان الدكتور مصطفى مدبولى، قد استعرض خلال الاجتماع عناصر المنظومة الجديدة لتخصيص الأراضى الصناعية، والتى تهدف لتوفيرها وتسعيرها بسعر ثابت وآلية واحدة، على أن تتولى جهة واحدة إدارة الطلبات.

وصدرت عناصر المنظومة بعد استطلاع الحكومة آراء المصنعين، ومنظمات الأعمال، والمستثمرين الأجانب، والمطورين الصناعيين، بالتعاون مع التنمية الصناعية، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كما تمت دراسة تجارب أستراليا، وجنوب إفريقيا، وسنغافورة، والصين، والهند، فى هذا الصدد. وتمت مناقشة الاحتياجات الواقعية من الشركات والمستثمرين، وبيانات استغلال الأرضى فى كل منطقة، والمشروعات الحاصلة على ترخيص، ووضع نظام تسعير يهدف لتنمية الصناعة، وعدم التفريط فى موارد الدولة.

وتهدف المنظومة الجديدة بالأساس لاستبعاد سماسرة الأراضى، والحد من أساليب التربح والتسقيع والاتجار، مع المساعدة فى تحقيق أولويات استراتيجية الصناعة، مثل تنمية الصادرات، وذلك من خلال قواعد للبيع تنص على منع أى تصرفات قانونية تؤدى لإعادة البيع قبل التصنيع الفعلى، بالإضافة لحظر البيع.

ومن بين القواعد التى سيتم الالتزام بها، إجراء فرز مالى وفنى للمتقدمين الجدد، وذلك وفق معايير استحقاق واضحة، تشمل سرعة البناء والتشغيل والإنجاز، بغرض استبعاد السمسرة، وأن تكون معدلات البناء وفق نظام تقييم معلن، وتخصيص مناطق وقطع تكون مقصورة على توسعات المصانع القائمة، بناء على أدائها. وتواصل هيئة التنمية الصناعية، المسح الذى تقوم به للأراضى التى تم طرحها على المستثمرين، خلال السنوات الماضية، ولم يتم استغلالها، ليتم سحبها وإعادة طرحها، بعد تسعيرها من جديد. وحصرت الهيئة خلال الشهور الماضية، أكثر من 4 آلاف قطعة أرض تم تسقيعها بمختلف محافظات الجمهورية، وتم بالفعل سحبها من المستثمرين، بعد إمهالهم فترة لتقديم أسباب عدم الاستغلال، وأعادت الهيئة 3800 قطعة لمستثمرين قدموا أسباباً مقبولة.

ولاحظت الهيئة أن الكثير من الحاصلين على الأراضى الصناعية، يقومون باستغلالها فى غير الأغراض المخصصة، وتقع أغلب المخالفات بمناطق العاشر من رمضان، وبدر، والسادات، والسادس من أكتوبر، والصالحية الجديدة.

ووضعت وزارة التجارة والصناعة، بالتعاون مع الهيئة عدة ضوابط وإجراءات للحد من دخول السماسرة فى الطروحات، مع القيام بزيارات دورية لمتابعة أعمال البناء والتشغيل. وتشمل الضوابط، تقديم المستثمر دراسات فنية ومالية مفصلة، على أن يتم اللجوء للقرعة كخيار أخير، حال تقدم أكثر من مستثمر على نفس القطعة، وتنطبق عليهم الشروط.

الضابط الثانى، يقضى بإلزام المستثمر ببدء الإنشاءات خلال عام من تاريخ استلام الأرض، والحصول على رخصة التشغيل، وبدء الإنتاج الفعلى خلال 3 سنوات، وعدم منح أى مهل زمنية فى حالة التأخر عن الموعد، مع سحب الأرض فوراً، وتنص قواعد الهيئة على إتمام نصف الإنشاءات خلال عام ونصف العام.

وربط الضابط الثالث، الحصول على رخصة تشغيل المصنع بتخصيص الأرض، بحيث لا يمكن ممارسة نشاط غير الذى تم التخصيص لأجله. ويخص الضابط الرابع، حظر التعامل على الأرض ببيعها أو تأجيرها أو التنازل عنها، أو الرهن، إلا بعد مرور 3 إلى 5 سنوات على بدء التشغيل والإنتاج، لمنع استغلال أراضى الدولة. ووفرت هيئة التنمية الصناعية، أراضى صناعية مرفقة بمساحة أكثر من 30 مليون متر مربع، منذ يوليو 2016، بينها مساحة 1.3 مليون متر تم طرحها خلال النصف الأول من العام المالى 2018/2019، وتخطط لطرح 20 مليون متر خلال العام الحالى، كما تستهدف وزارة التجارة والصناعة طرح 60 مليون متر، بحلول 2020.