من هو السائح الفرنسي الغامض الذى حاول قتل صاحب فندق بالإسكندرية؟

منوعات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


 شهيرة النجار

الزمان أول فبراير الماضى، المكان فندق بسيط فى منطقة محطة الرمل اسمه «فندق الـ...» بالإسكندرية، الواقعة غريبة، والذى يزيد من غرابتها ما تم بعدها، والسؤال قبل أن أقص الحكاية، لماذا أحكى عن واقعة مر عليها تقريباً شهر ونصف الشهر، ولماذا لم أتحدث عنها فى وقتها؟

الإجابة أن الواقعة عرفتها مصادفة بعد أسبوع من حدوثها، من المجنى عليه، عن طريق مكالمة من صديق صيدلى مشترك بيننا، ولم أتحدث عنها وقتها، حتى أعلم إلى أين سترسو الحكاية، وبدون مقدمات، هذا الفندق بسيط، يعتاد النزول فيه الأجانب والسائحون من الدرجة الثانية والثالثة.

نزل شاب فرنسى فى الثلاثينات من العمر لهذا المكان، تأشيرة دخوله سليمة، جاء لمصر كسائح، لكن الشاب الذى يدعى أرنود ميل ورقم باسبوره «12ax28108» كانت تصرفاته غريبة، إذ إنه يظل طوال النهار داخل الحجرة ولا يخرج منها أبداً، وفى الليل يخرج فقط لشراء الخمور والعودة للبقاء بالحجرة مرة أخرى.

لم يكن يهتم مسئولو المكان بأمر ذلك السائح الفرنسى فى بداية الأمر، ولكن مع طول المدة التى قضاها والتى وصلت لأربعة أشهر تقريبا، ومع تعالى الأصوات من داخل حجرته بدأت الأنظار تتجه إليه، فمن الذى يتحدث إليهم «أرنود ميل» بصوت عال وهو جالس وحده بالمكان؟

تبين أنه يكون أغلب وقته جالسا على الكمبيوتر، ويتحدث عبر الأقمار الصناعية والإنترنت، وطوال النهار خناقات عبر التليفون، حتى جاء اليوم الموعود، إذ خرج من حجرته ليلاً لشراء الخمور كالعادة ولكن هذه المرة لم يتجه لحجرته، ولكن جاء من الخارج يتمايل وبيده زجاجات الخمر، وجلس باللوبى ثم طلب من العمال بالريسبشن أن يشاركوه احتساء الخمور لكنهم رفضوا، وبدأوا «يزيحونه» من على أكتافهم بعدما كان يلقى بنفسه عليهم.

وإذ بصاحب الفندق «عادل. أ» يظهر بالكادر، حيث كان يمر بالمكان، فطلب من العمال بعدما شاهد حالة السكير الفرنسى أن يبتعدوا عنه ويتركوه لشأنه، وما أن التف صاحب الفندق وأعطى ظهره لأرنود ميل، وفى ثوان معدودة، يلحظ صاحب الفندق من خيال المرآة التى أمامه أرنود يستل سكينا أخرجه من ملابسه، وهجم عليه من الخلف ليذبحه، فتشاء الأقدار أن يلتفت صاحب الفندق للسائح ولكن بعدما قطع السكين جزءاً من وجه صاحب الفندق.

ولولا العناية الإلهية لنفذ السكين لرقبته وذبحه الفرنسى، وعلى الفور هجم العمال وصاحب الفندق على السائح، واتصلوا بقسم العطارين وتحرر محضر 3210 لسنة 2019 جنح عطارين، حتى الآن الأمر يمكن أن يحدث فى أى مكان، سائح سكير يفقد وعيه ويطعن أى شخص، لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن عادياً، ليؤكد أن ذلك الفرنسى ليس شخصاً عادياً، حيث تطور الأمر وألقى بالسائح فى الحبس، وقامت القنصلية الفرنسية بالاتصالات اللازمة فى مثل تلك المواقف، وتطور الأمر لتدخلات من مسئولى السفارة الفرنسية، يطلبون من صاحب الفندق الضحية أن يتنازل عن المحضر، ولكنه رفض.

ومع إصراره، وصل الأمر لوزارة الخارجية الفرنسية، بل جاء مسئولون من قصر الإليزيه والخارجية الفرنسية لمقابلة ذلك الشاب الفرنسى، والضغط على صاحب الفندق للتنازل، كما روى صاحب الفندق «بطل الحادثة»، وتم عرض مبلغ مالى يصل لـ2 مليون يورو، والغريب هو إصرار المصرى صاحب الفندق، على رفض المبلغ المالى والتنازل، سألته لماذا لم تقبل هذا الرقم الخرافى وتتنازل؟ أجاب: كبرت فى دماغى، ولو عرضوا أضعاف ذلك المبلغ، أنا مصر على عدم التنازل.

قلت له: بهذا المبلغ تستطيع تطوير المكان، فقال: لا، أنا عايز أشوفه محبوس فى بلدنا، هم يفعلون ما يفعلونه حتى لا يدخل ويعاقب فى سجوننا، سألته وما هى هوية ذلك الشاب الذى تنتفض له حكومة فرنسية بجلال قدرها وهو «جانى»، أهذه هى الحريات عندهم، ولو كان هذا الأمر صدر من شاب مصرى فى فرنسا هل كانت المعاملة ستكون هكذا؟ أجابنى أن الشاب تصرفاته غريبة جداً، والحقيقة نظراً لأن العاملين بالفندق لا يتدخلون فى تصرفات النزلاء، فكانوا فقط فيما بينهم يتابعون أمره دون تدخل.

يعنى طوال النهار مكالمات دولية وخناق ولا يخرج، مع إن الباسبور مكتوب فيه سائح، يعنى مفروض ينزل يتجول بالإسكندرية، رغم أن البلد كمزار سياحى أثرى كبيرها يومين ثلاثة، وليس شهوراً، ومع ذلك لم يخرج من حجرته إلا لشراء الخمور ليلاً، وكان سؤالى له: ألم تجعل كل هذه التصرفات هذا الشاب محل شك وريبة؟، وأنه ربما لا يكون قادماً للسياحة؟، أجاب بعد الذى حدث معى وبعد التحركات الكبيرة بدأ الشك يساورنى، أنه ربما لم يكن قادماً بغرض السياحة، وحتى كتابة هذه السطور لم يجد جديد، لكن الغريب الذى استوقفنى أن ذلك الأمر الذى لم يتعد ثمانية أسطر كحادثة، تم نشره فى صفحة الحوادث ومر مرور الكرام، هو أمر جلل وخطير.

من هذا الشاب الذى تنتفض له حكومة فرنسا؟، ثم إن رئيس فرنسا جاء وزار مصر قبل شهرين وتحدث عن الحريات وحقوق منظمات حقوق الإنسان، كما تطرق لحقوق الأقباط فى مصر، وكان «يرمى» بكلام للبابا تواضروس، من شأنه الإيحاء أن الاخوة الأقباط مضطهدون، وكان رد الرئيس والبابا لماكرون خير درس، بعدم التدخل فى شئون مصر وأحوالها، وحدث الآن ما يحدث وتتابعه الفضائيات من أصحاب السترات الصفراء فى شوارع فرنسا وتكسير محال الشانزليزيه.

بعد كل هذا ألم يحن الأوان لمراقبة الداخلين والوافدين بتأشيرة سائح وقادم من أوروبا أو تركيا، خاصة أننا كما قالها الرئيس مراراً وتكراراً مستهدفون، ألا يوجد ربط بين ذلك الشاب الذى سبق زيارة ماكرون لمصر وكلام ماكرون فى بلادنا عن الحريات عندما جاء؟، أعلم يقيناً أن الأجهزة المصرية الأمنية بمختلف قطاعاتها تراقب عن كثب كل عابر للحدود المصرية من كل الطرق، ولكن يوجد فنادق بسيطة وأماكن كالشقق يتم استئجارها من قبل هذه النوعيات، التى تتخفى فى أشكال سائحين أو طلاب علم قادمين للأزهر، وما أكثر الذين يأتون ويملأون مصر بحجة الدراسة بالأزهر وتحدث الكوارث.