لوبيتا نيونجو: السينما في السعودية أمر مذهل

الفجر الفني

بوابة الفجر


لا يمكن لأفلام الرعب أن تحقق نجاحاً محيّراً، فهي إما متقنة ويتفق عليها الجميع أو فاشلة إذ لا يتمكن القيّمون عليها من تحقيق البديهيات، أبرزها عدم الاستخفاف بعقل المشاهد.. وقد نبعت أفلام الرعب الأولى وشخصياتها من الأدب الكلاسيكي منها دراكولا، وفرانكنشتاين، وتلا هذه المرحلة العديد من الأفلام التي حصلت على أفكارها من أوضاع الحرب العالمية الثانية.

أحد أبرز أنواع أفلام الرعب هو الرعب النفسي الذي يعتمد على مخاوف الشخصيات وعدم الاستقرار العاطفي لبناء التوتر وعدم الاستقرار، ويمكن لجميعِنا أن نتماهى مع هذا النوع من الأفلام إذا كنا من أصحاب القلوب القوية بما يكفي لنشاهدها، منها فيلم الرعب US الذي كتبه وأخرجه جوردان بيل، ورغم أن لجوردان تاريخا طويلا في الأعمال الكوميدية منها Wanderlust،Storks و Toy story إلا أنه نجح قبل عامين بأن يفاجئ الجميع بأولى الأفلام من إخراجه فيلم الرعب Get Out الذي رشح لثلاث جوائز أوسكار وفاز بالتمثال الذهبي عن أفضل سيناريو أصلي، كما أنه حقق نجاحاً جماهيرياً مذهلاً.

هذه المرة يأتي جوردان بيل بـ US فيلم يلاحق عائلة مؤلفة من أم وأب وطفلين صبي وفتاة يذهبون في رحلة استجمام في منزل العائلة على البحر، لكن سرعان ما تتحول راحة البال والهدوء لديهم إلى توتر وفوضى وسباق للحفاظ على حياتهم حين تبدأ مجموعة من الغرباء بمطاردتهم، واللافت أن هؤلاء هم صورة طبق الأصل عن أفراد العائلة، ما حتّم على الأبطال تأدية أدوار مزدوجة، وهو تحدٍ كبير نجحوا فيه بحيث أشاد النقاد بأداء الأبطال على رأسهم "لوبيتا نيونغو" التي تؤدي دور الأم و"وينستون ديوك" الذي يؤدي دور الأب بجانب الإشادة بالسيناريو، الإخراج، الموسيقى والتصوير السينمائي.

الفيلم صوّر بميزانية بسيطة نسبياً مقارنة بما يحكى عن مثاليته، ولم يتخطَ المبلغ المنفق عليه العشرين مليون دولار، وهو إشارة ضرورية إلى أن الأعمال الناجحة لا يجب أن تكلّف بالضرورة مئات الملايين، وكنا قد التقينا على هامش إطلاق US حول العالم أبطال الفيلم، منهم اللامعة لوبيتا نيونغو التي بدأت عملها في هوليوود كمساعدة إنتاج العام 2008 لتطل سينمائياً للمرة الأولى بدور "باتسي" في 12 Years a slave حيث باتت أول كينية تفوز بأوسكار أفضل ممثل بدور مساند في تاريخ الجائزة!

عن دورها في US أكّدت نيونغو في حديث خاص لـ"العربية.نت" أن تأدية شخصية الأم "آدلايد" كان مختلفاً جداً، فهي حضّرت لشخصيتها والشخصية الشريرة المقابلة "ريد" في الوقت الذي تحضّر فيه عادة لشخصية واحدة، وأكبر التحديات كان أن الشخصيتين متناقضتان كلياً لبعضهما بعضا، فجسدياً عاطفياً وعقلياً كان عليها أن تفصل وتفهم كي تنتقل من شخصية إلى أخرى بأسرع وقت ممكن، "كان الأمر صعباً"، وفق تعبيرها.

ولتأدية دور "آدلايد" التي كانت راقصة، وجب على لوبيتا أن تخضع لدروس في الباليه كي تمتلك الأمور الأساسية الخاصة بالراقصات، وأيضاً مع شخصية "ريد" كان هناك الكثير من العمل على اللهجة وأسلوب النطق الذي كان عليها أن تقوم به بجانب إتقان طريقة تحركها، ما استلزم أن تقوم بالكثير من البحوث لتجمع الشخصيتين في حقيبة واحدة!

وعلى ما يبدو فإنه عام النجاحات لـ "لوبيتا نيونغو"، فقد فاز الفيلم الذي تشارك ببطولته Black Panther بثلاث جوائز أوسكار، وبات أول فيلم بالتاريخ عن الأبطال الخارقين الذي يرشّح لأوسكار أفضل فيلم، الأبرز أنه وبعد حظر السينما في المملكة العربية السعودية لخمسة وثلاثين عاماً كان Black Panther أول فيلم يعلن عودة الفن السابع إلى السعودية، حيث عرض أولاً في حفل خاص حضرته شخصيات محلية وعالمية بارزة، وفي هذا الشأن وعن التطور السينمائي في الشرق الأوسط قالت لنا "نيونغو" إن الأمر مشجّع جداً والتغيير الكوني مستدام، وواقع أن Black Panther افتتح في السعودية أمر مذهل بالنسبة لها، وهو يبدو إنجازاً حقيقياً، وتأمل أن نتمكن من الاستمرار في هذا الاتجاه وأن نجعل الاختلاف بين الحضارات أمراً سهلاً مريحاً!

الممثلة النجمة "لوبيتا نيونغو" لم تكن الوحيدة التي أخذنا رأيها بفيلم US، بل كان لزاماً أن نعرّج على الكاتب والمخرج جوردان بيل الذي صرّح لـ"العربية.نت" أنه لطالما كان معجباً بهذا النوع من الأفلام منذ صغره ربما لأنه يشعر بالخوف، فالخوف هو إحساس قوي جداً، وقد شكل الأمر طفولته، إذ كان يخشى من الوحش خلف بابه، والساحرة التي تحاول أن تفتح الأقفال بأظافرها الطويلة، وفي مرحلة معينة كان يشاهد أفلام الرعب فشعر بأن الخوف يجذبه وساعده هذا النوع من الخوف على أن يتعامل مع مخاوفه الخاصة، وكراوٍ للقصة هذه هي الحال، إذ يشجع مخاوفه الخاصة من خلال هذه الأفلام.

أما الممثل البطل وينستون ديوك الذي يؤدي دور الأب "غابرييل" من جهة ودور الشرير الذي يشبهه تماماً، "أبراهام" فقد أكد لنا أن التنوع الذي نراه في هوليوود رائع، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل لإنجازه، وهو سعيد جداً للمكانة التي يحتلها هذا الفيلم، وللاتجاه الذي يسلكه الفن السابع، فالممثلون من جيله ورفاقه في صناعة الأفلام والفنانون بدأوا يأخذون الخطوة التالية ولم يعد الأمر يتعلق بالتمثيل بل بسبر الأغوار وإظهار ألوان مختلفة في الطيف واستنطاق السيكولوجيا السوداء، ما يُظهر أن الكثير من المنبهات الخارجية تأتي لتجعل الشخص ما هو عليه، فنحن لسنا سيئين لأننا كذلك أو جيدين لأننا كذلك،، بل للعديد من الأمور التي تجتمع لتصنع ما نحن عليه.

US أحد أفلام الرعب المميزة والمتقنة، قيل فيه إنه "قصة رعب أميركية جديدة رائعة"، وإنه "استكشاف مثير للماضي والقمع الذي لا تزال أميركا تخشاه، وأنه يضع النور في بعض الجوانب المظلمة للحالة الإنسانية والتجربة الأميركية المعروفة بالحلم"!