"الست فاطمة" أمً مثالية بالمنوفية: مات زوجها وتركها برضيعتين فجعلتهما "صيدلانية" وخريجة علوم" (فيديو وصور)

محافظات

فاطمة محمد  - أم
فاطمة محمد - أم مثالية بالمنوفية


"جوزي مات بعد جوازنا بـ4 سنوات فقط، ومن هنا بدأت متاعبي".. بهذه الكلمات أخذت فاطمة محمد أبوالمعاطي، 50 عامًا، أنفاسها وسردت قصة كفاحها التي تشهد بها قريتها ساقية أبو شعرة في مركز أشمون التابع لمحافظة المنوفية.

لم تكن "فاطمة" تتخيل يومًا أنها ستكون الأب والأم معًا في بداية حياتها الزوجية من 29 أكتوبر 1993 حتى 15 أغسطس 1997، ولديها طفلتين رضيعتين، شاءت الظروف أن تُجبرها على توفير المال وقوت يومها، كي تمُر بطفلتيها "روميساء- ريهام" إلى بر الأمان، لكن معية الله ظهرت في دعم عائلتها لها، الأب والأم والإخوة كانوا السند لها بعد الله عز وجل، لكنها لم تشأ أن تُثقل كاهلهم بأزمتها المزمنة، وقررت أن تبحث فورًا عن عمل تكسب منه الرزق.

وبعد مشقة وعناء في البحث عن وظيفة، علمت بوجود وظيفة شاغرة داخل مدرسة، فالتحقت بها كمُعلمة بالأجر، وظلت خلال تلك الفترة يبدأ يومها في الصباح، تأخذ طفلتيها في يدها وتتركهم لوالدتها حتى ترعاهم في الرضاعة والملبس، ثم تعود مرهقة من عملها وتأخذ أطفالها وتتابع هي رعايتهم، ولكن "رضينا بالهم والهم مرضيش بينا".. فالأمر لم يدُم إلا سنتين فقط، بعدما استغنت عنها المدرسة، وكان السبب "عايزين اللي يشتغلوا معانا من النهاردة خريجي آداب او تربية إنجليزي، وانتي بكالوريوس زراعة".

فكان خبر الاستغناء عنها في المدرسة كالصاعقة على أذنيها، وبدأت من جديد في البحث عن عمل أخر، وبالفعل وجدت عملها الجديد في حضانة الجمعية الشرعية بقريتها ساقية أبو شعرة، وظلت في العمل 10 سنوات كاملة، حتى عام 2011، وبعدما تجاوز عمرها الـ 40، وطفلتيها أصبحت في المرحلة الإعدادية، جائها خبرًا سعيد.

وأعلنت مدرسة الثانوية بساقية أبو شعرة في أشمون، حاجتها لمعلمين، شرط أن يكون قد عمل في أي مدرسة سابقًا ولو لمدة شهر واحد بالأجر، فهرولت "فاطمة" وقدمت أوراقها، وكانت ممن أراد الله أن يكتب لهم نصيب العمل بهذه المدرسة، فقُبلت أوراقها واشتغلت فيها بعقد، ولاحقًا تقرر تعيينها رسميًا.

وقالت فاطمة: "أبويا وأمي الله يباركلهم أكتر ناس ساعدوني ووقفوا جنبي، وشالوا همي طول سنين فاتت، لحد ما أمي توفت من خمس سنين وبعدها أبويا اتوفى من سنتين بس، والحمد لله بناتي كبروا واتعلموا أحسن تعليم، الأولى روميساء اتخرجت من كلية صيدلة واتجوزت دكتور معيد في جامعة أسيوط، أما بنتي التانية ريهام، اتخرجت السنة اللي فاتت من كلية علوم وتربية شبين الكوم، وجوزتها من كام شهر ظابط مهندس".

وأكدت فاطمة لـ"الفجر" وبسمة الرضا تكسو ملامح وجهها، أنها رفضت أن تتزوج بعد زوجها الأول، وعكفت على تربية طفلتيها فقط، لم تكن تريد أن تدخل رجلًا غريبًا على بناتها، أو أن تكشفهم على أحد.. "ربنا بعتهم ليا هدية، إزاى أنا ابهدلهم في الدنيا"، مشيرة إلى أنها نجحت، بفضل الله، أن تكمل رسالتها في تربيتهم وتعليمهم وتزويجهم، وخير شاهدٌ على ذلك هم أهل بلدتها، فإن سألت أحد الأهالي عن "الدكتورة روميساء وأختها"، سيذكرونهما بالخير ويأكدوا أنهن بنات الأصول.

وأشارت إلى أن جمعية "شباب حب سنتريس"، إحدى الجمعيات النشطة والفعالة بالمركز، قد كرمتها قبل ساعات، كأمً مثالية وسط حفاوة الأهالي، ودعت الله في نهاية حديثها أن يرزقها بالحج أو العمرة إلى بيت الله الحرام، ولكنها سرعان ما استطردت وقالت "لكن بيقولوا إنهم بقوا غاليين أوي.. فربنا بقى يكتبهالي من عنده".