هاني سامي يكتب: إلغاء (عيد الأم) حق لهؤلاء

مقالات الرأي

هاني سامي
هاني سامي


قلوب مذبوحة تسطر حروف الًألم بدماء فقدان الأم النازفة على جدران الحياة لا يمحوها سوى الرحيل واللحاق بها والرقاد بجوارها فى سلام ، نفس الدماء تسقط من عيون امرأة لم يمنحها القدر فرصة لتسمع كلمة " أمى أو ماما " من وليد حملته احشاءها صار يحبوا أمام عيناها وحرمتها الظروف من الانجاب لتتعرض للغمز واللمز من ناقصى العقل والانسانية .

لا شك ان نوايا الإحتفال بالأم ومعانى الأمومة كانت لها أبعاد انسانية بالغة حينما تلاحظ للأوربيين وبعض الدول الغربية فى بداية القرن العشرين أن الابناء يبالغون فى إهمال امهاتهم بل ويتنكرون لهم فقام أهل الثقافة والفكر بدراسة الأمر وتحليله لتنفجر فكرة تخصيص يوم فى العام للإحتفال بالأم وتكريمها وحققت الفكرة نجاحا كبيراً فى مختلف بلدان العالم مع اختلاف موعد الاحتفاء بالأم من دولة لأخرى ، وهو الأمر الذى دفع الأمريكية أنا جرافيس لتفعيل وتطوير الفكرة فانشأت ما يسمى " الجمعية الدولية ليوم الأم " عام 1912 بعد ان حقق احتفالها بيوم الأم صدى واسعا عام 1908 وذلك قبل ان ينشأ نزاع على الفكرة واتهامات متبادلة باطلاقها لاهداف تجارية وربحية بين جرافيس وأخرين .

بعد ان صار الانضباط فى السلوك العام من الابناء تجاه الأم على مستوى العالم من أهم المبادىء  الإنسانية المفروغ منها  رغم وجود استثناءات بالطبع لأننا بشر ،  لنا سؤال : هل الاحتفال بالأم واطلاق عيد لها الآن يحقق هدفا جديداً أم فقد كل معانيه ؟ ، الحقيقة ومن وجهة نظرى انه فقد كل معانيه بل تجاوز ذلك وبات جرحاً ذبحيا فى عنق الإنسانية ، وذلك حينما تعلم أن رجلاً تجاوز الخمسين من عمره يحصل على إجازة من عمله يوم عيد الأم المصرى فى 21 مارس ويتجول هائماً على وجهه فى الشوارع حتى لا يستمع لأغنية " ست الحبايب " لفايزة احمد ، حينما التفت انه فى هذا اليوم لا يكف عن البكاء أمام زوجته وابناءه حزناً على فراق أمه .

هل بات من الانسانية ان نحتفل بالأم حين تعلم ان امرأة اربعينية تمكث فى حجرتها كلما واجهتها مشكلة تتحدث إلى صورة أمها الراحلة وتبكى ساعات الليل وتتعرض لهلاوس تارة تجد امها تحتضنها وأخرى تتحدث اليها وفى النهاية تلجأ لطبيب نفسى بسبب يوم عيد الأم حين ترى الجميع يحمل الهدايا ذاهبا ليرتمى فى احضان الأم ، هل بات انسانياً أن نطلق اهازيج الفرح فى يوم الأم وهناك امرأة شاء القدر ألا تنجب ابناء تحبس نفسها فى هذا اليوم الذى صار مشئوماً لديها حتى لا تصطدم بمن يقول كلمة " ماما " لغيرها ، أو امرأة مثلها تختار طفل بين ابناء عائلتها ليقول لها تلك الكلمة السحرية ، الأمر ليس له علاقة بفضيلة الرضا ، بل علاقته أكبر عند المرأة بغريزة الأمومة التى هى منحة من الخالق يهبها ويمنعها كلً لمن له الخير فيها.

لم يعد الأمر يحتمل أن نتحدث بمفردات ناعمة ودبلوماسية ، فالجروح وصلت لأبعد عمق فى هذا الشأن حيث فقد الإحتفال بالأم فيما يسمى عيدها كل معانيه الإنسانية التى خصصت من أجله ليتحول إلى سيفاً موسمياً يذبح كل يتامى الأم والنساء اللاتى لم ينجبن أبناء ، إلغاء عيد الأم بات ضرورة للحفاظ على هؤلاء.

ملحوظة: والدتى لم ترحل بعد متعها الله بالصحة والعافية.