خالد مصطفى لـ"الفجر": ماي تُواجه 3 أزمات.. والاتحاد الأوروبي سيتضرر حال خروج بريطانيا (حوار)

عربي ودولي

الإعلامي خالد مصطفى
الإعلامي خالد مصطفى


قال الإعلامي المصري المتخصص في الشأن الأوروبي، خالد مصطفى، إن من يظن أن الاتحاد الاوروبي يتلاعب برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي فهو واهم.

وأكد مصطفى خلال حواره لـ "الفجر"، أن الاتحاد الاوروبي أول المتضررين من خروج بريطانيا إذا حدث الخروج بإتفاق، ولكن سيتضرر الاتحاد أكثر حال خروج بريطانيا بدون إتفاق.

ما تفسيرك للرفض الأخير لخطة "تيريزا ماي" من قِبل مجلس العموم البريطاني؟ 
عبرت اللاءات الثلاثة لأعضاء البرلمان البريطاني عن حالة الرفض الصريحة لإستمرار الفوضي السياسية في البلاد لأن بريطانيا شهدت للمرة الأولى اشتباكاً سياسياً وصراعاً بين النخبة لم تشهده البلاد منذ الحرب العالمية الثانية وظهر الصراع على كرسي رئاسة الوزراء، وأصبح إبعاد تريزا ماي هدفاً استراتيجياً لوزير الخارجية السابق بوريس جونسون وزعيم حزب العمال جيرمي كوربين.

ولكن صمدت ماي أمام كل المحاولات، وبعد حالات من الشد والجذب أعيدت الكورة مرة أخرى لملعب "ماي" في الوقت الذي ظن فيه الجميع بأن البرلمان سيمسك بزمام الأمور ويبدأ في التفاوض من جديد مع التكتل الأوروبي لكن حدثت المفاجأة حيث أعلنت الأغلبية مؤخرًا في مجلس العموم البريطاني عن رغبتها الأكيدة تأجيل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي من 29 مارس إلى الثلاثين من يونيو القادم وذلك في تصويت اعتبر انتصارًا حقيقياً أعاد لرئيسة الحكومة تيريزا ماي قبلة الحياة.

ما تقييمك لتحركات "ماي" بشأن خطتها بعد الإخفاق الثاني نتيجة اعتراض العموم البريطاني؟

أمام ماي مشكلتان رئيسيتان، وهما:
الأولى: التصويت الخامس والمقرر عرضه علي البرلمان يوم 20 مارس، فيجب على ماي أن تبذل مجهودًا إضافياً مع قادة الاتحاد وبعض القادة الكبار مثل رئيسة الوزراء الألمانية إنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون لأن الإثنين يختلفان في الرأي حول عملية التمديد وإعطاء بريطانيا فرصة أخري فيقول ماكرون لا يوجد سبب مقنع للتمديد، أما ميركل كانت أقل حدة من ماكرون وقالت يجب أن نعطي بريطانيا وقتاً ولذلك على ماي أن تبذل مجهوداً إضافياً مع رئيس الاتحاد ورئيس المفوضية لتصل إلي ماتريد دون أن تتنازل عن الخطوط الحمراء.

المشكلة الثانية: محاولة لم الشمل بين أعضاء الحكومة ونواب حزب المحافظين، أما الأزمة الثالثة فتكمن في عملية التوافق مع الحزب الوحدوي الديمقراطي الأيرلندي وإعطاءه تطمينات إضافية وإزاحة كافة التخوفات التي تنتاب رئيس الحزب لأن وجود أعضاء الحزب مجتمعين مع النواب المناوئين لماي داخل البرلمان سيكون لديها القوة التصويتية لتمرير أي خطة خلال الأيام والأشهر الثلاثة القادمة وفِي حالة تعثرها في أية مشكلة من هذه المشاكل سوف تتعرض لمواقف صعبة لن تستطيع حلها

البعض يرى أن المادة 50 من معاهدة لشبونة تمثل طوق نجاة لتريزا ماي بعد هذا الرفض التاريخي ما رأيك في ذلك؟
بالنسبة للمادة 50 من معاهدة لشبونة لا نعطي بريطانيا فقط الأحقية في طلب التمديد ولكنها مادة ملزمة قانوناً للاتحاد الأوروبي بضرورة الإستجابة حال استخدام أي دولة من دول الاتحاد للمادة فهي لم تكن لتريزا ماي طوق نجاة ولكنها للبلد التي تريد الخروج من التكتل الأوروبي ويتطلب الأمر وقتاً إضافياً لتعديل بعض البنود التي تمس الأمن القومي لأي دولة من دول الاتحاد وقد وافق مجلس العموم علي العمل بالمادة 50  أن كان قد رفض التعامل بها في شهر يناير الماضي ولكن مع اقتراب الموعد النهائي للخروج من الاتحاد بإنتهاء شمس يوم الـ 29 من مارس الجاري وهناك مشكلة حقيقية تمس الأمن القومي البريطاني لم تستطع ماي الحصول على موافقات قانونية ملزمة من القادة الأوروبيين بتفادي مشكلة شبكة الآمان ما بين أيرلندا الشمالية التي تخضع للتاج البريطاني وجمهورية أيرلندا الجنوبية التي تتبع الاتحاد الأوروبي وظهور طريق واحد للخروج بدون إتفاق فكان لزاماً علي مجلس العموم أن يتراجع خطوة ويوافق علي استخدام ماي للمادة 50 وتمديد فترة الخروج لعدة أشهر.

كيف سيكون تصرف ماي في حالة الهزيمة مع الوضع، وماذا سيحدث في غضون ذلك؟
من يظن أن الاتحاد الأوروبي يتلاعب برئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي فهو واهم ومن يظن أن البرلمان وأعضاءه من الأحزاب المختلفة يتلاعب أيضاً بماي فهو واهم لأن الصورة باتت أكثر وضوحاً حالياً هناك تصريحات عديدة صارمة من القادة الأوروبيين لكنهم في نهاية جميع المفاوضات يتراجعون بنسب مختلفة وباتت رئيسة الوزراء قاب قوسين أو أدني من الحصول على ما تريد وهددت الأوروبيين أكثر من مرة بأن بريطانيا سوف تخرج بدون اتفاق ولو فعلتها لتضرر الاتحاد الاوروبي تضررًا مباشرة سوف يخسر التعامل الأمني مع المملكة المتحدة لأن بريطانيا في هذه الحالة سوف تخرج أحادية الجانب من شرطة اليوروبول إذا سوف تختفي المعلومات الخاصة بالإرهابيين والتنظيمات المتشددة والتي تمتلك الأجهزة الأمنية البريطانية أغلب ملفاتهم بل سيخسر الاتحاد الأوروبي فاتورة الطلاق المالية التي تصل إلي 60 مليار دولار سوف تضبط بريطانيا حدودها أيضاً من جانب واحد بالإضافة إلي أنها لن تعترف بما يسمي بشبكة الآمان أو الحدود العالقة بين الأيرلنديين وبالتالي ليس من مصلحة الاتحاد الاوروبي تعثر تريزا ماي لأنها الوحيدة القادرة علي الخروج بإتفاق إذا الدلائل كلها تشير أن المرأة الحديدية هي من تلاعب الاتحاد الاوروبي وليس العكس.


هل خطة تريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي مقنعة؟ 
بالفعل الخطة مقنعة ولكن بها بعض الثغرات حيث تم التوافق أثناء شهور التفاوض علي ملفات مهمة كالأمن والهجرة والحدود المائية والحقوق المالية للطرفين وحقوق ما يقرب من أربعة مليون أوروبي يعيشون في بريطانيا وحوالي مليون بريطاني يعيشون في أوروبا لكن نقطة الخلاف الوحيدة كانت مشكلة (الباكستوب) أو شبكة الأمان التي تنص علي وجود حدود عالقة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا بدون سقف زمني وهذا ما آثار حفيظة البريطانيين لأن وجود حدود بين الجزيرتين سوف ينهي اتفاق بلفاست للسلام الموقع بين الجارتين وسيبقي أيرلندا الشمالية طواعية داخل الاتحاد الجمركي مع أوروبا وتخرج إسكتلندا في هذه الحالة سوف تشتد الأزمات وبالفعل هدد الأسكتلنديون بتنظيم إستفتاء للخروج من المنظومة البريطانية ثم بدأت أيرلندا تفكر في نفس الاتجاه فانتفض البرلمان ورفض الاتفاقية حفاظاً على وحدة المملكة المتحدة إذا يجب علي رئيسة الوزراء ان تعود بإلتزامات قانونية جديدة ملزمة للاتحاد الأوروبي بخصوص شبكة الأمان لتجنب وضع حدود فعلية بين الجزيرتين أو فصل أيرلندا الشمالية عن بريطانيا حال بقاءها في الاتحاد الجمركي مع أوروبا.

هل خروج بريطانيا سيشكل بداية لانفراط العقد الأوروبي؟
هذا ما يخشاه الأوروبيين لذلك هم يحاولون الضغط على تريزا ماي حتي يصلوا إلى نقطة اللاخروج لكن السيدة تتعامل معهم بمبدأ النفس الطويل حتي وان كانت المفاوضات مكثفة ما بين الشد والجذب نظراً لوجود حالة من الانتظار لدي ما يقرب من 50% من دول الاتحاد يرغبون في الخروج لكنهم ينتظرون الموقف القانوني لبريطانيا حال خروجها من التكتل وهذا مايعلمه جيداً القادة الأوروبيين فدولة مثل السويد ستخرج مباشرة بعد بريطانيا ثم إيطاليا واليونان والبرتغال والنرويج لذلك قادة أوروبا مدركين تماما أن خروج بريطانيا من التكتل بمثابة وفاة إكلينيكية للاتحاد الأوروبي.

ما هي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. إذا حدث ذلك؟
الإتحاد الاوروبي سيكون أول المتضررين من خروج بريطانيا إذا حدث ذلك بإتفاق، ولكن سيتضرر الاتحاد أكثر حال خروج بريطانيا بدون إتفاق لذلك نري تراجعاً للقادة الأوروبيين خوفاً من ذلك.