"الجوامع والمسكوكات والمشاعلي" وسائل الإعلام في عصور مصر الوسطى

أخبار مصر

الجوامع والمسكوكات
الجوامع والمسكوكات والمشاعلي


فى عصرنا الحديث أصبحت المعلومه متاحة بسهولة ويسر، بمجرد الضغط على أزرار التلفاز أو الهاتف المحمول أو الكمبيوتر تجد الخبر حاضرًا وبعدة وسائل، فقد تعددت فتعددت الوسائل الإعلامية في هذا العصر الحديث المقروءة والمسموعة الورقيه والإلكترونية، وأصبح الخبر يسابق الضوء سرعة ووصولًا، فماذا عن وسائل الإعلام، فى عصور مصر الوسطى.

وقال شريف فوزي، منسق عام شارع المعز لدين الله الفاطمي، إنه من المعروف أن الحملة الفرنسية هي أول من أدخلت المطبعة إلى مصر، وطبعت الجرائد والمنشورات لإعلام المصريين بقراراتهم وإبلاغ الشعب بتعليماتهم، وجاء من بعدهم محمد علي باشا، وأنشاء مطبعة بولاق، وأسس جريدته الوقائع المصرية، والتي إلى الآن تعلن فيها القوانين والقرارات الحكومية.

وأضاف فوزي لـ"الفجر": ولكن ما سبق أن فعله محمد علي هو بدايات العضصر الحديث، فماذا عن العصور الوسطى، وكيف كان يعلم الناس ما يجري من تغير في الأحوال، وفي مصر نستطيع أن نقول إن أحد أهم الوسائل الإعلامية كانت هي المساجد الجامعة، فكان يتم استغلال تجمع المصريين فى خطبة الجمعة، وتتلى عليهم المراسيم والأخبار.

وضرب فوزي مثالًا على ذلك بأنه لما نجح السلطان المملوكى برسباي في فتح قبرص، فتم إعلان ذلك في المساجد الجامعة في ذلك الوقت، حيث تم إعلان الأمر في مدرسته الأشرفيه بشارع المعز لدين الله الفاطمي، وكذلك في جامع المؤيد شيخ، وفي جامع عمرو بن العاص بالفسطاط.

وأضاف فوزي، أن منبر المسجد استخدم كذلك في الدعاء للسلطان أو الخليفة كل جمعة، وهو ما يعني أنه مستمر في الحكم، فإذا ما تم خلعه واستخلاف غيره كان يتم إعلان ذلك على المنابر ويتغير الدعاء في الخطبة للخليفة الجديد.

المسكوكات
وقال شريف فوزي المنسفق العام لشارع المعز، أن المسكوكالت كانت أحد أقوى الوسائل الإعلامية في العصور الوسطى، والمسكوكة هي العملة المعدنية من الدراهم والدنانير، والتي يتم صنعها من خلال الدولة فقط، ويتم الكتابة عليها بشعارات وكتابات تحت إشراف السلطان شخصيًا، والدراهم هي العلمة الفضير، والدنانير هي العملة الذهبية.

وأوضح فوزي أن الدينار والدرهم كذلك من الوسائل الإعلامية فقد سجلت عليهم معاهدات الصلح والمصاهرات، وأسماء الحكام والملوك، وفي بعض الأحيان الأمراء والوزراء.

مثال ذلك درهمين أيوبيين عليهما اسم كل من الصالح نجم الدين أيوب وعمه الصالح إسماعيل ومن المعروف أنه كانت هناك بينهما حروب إلا أن الدرهمين صدرا بمناسبة الصلح بينهما فصار ذلك إعلامًا للشعب بهذا الصلح، وكذلك فتغيير اسم الخليفة أو الحاكم على العملة هو بمثابة إعلام للشعب بذلك التغيير السياسي، حيث صارت المسكوكة والتي تطوف طول البلاد وعرضها، كالنشرة السياسية يتم تسجيل كل أحداث البلاد عليها تباعًا فيعلمها الشعب أينما كان مكان إقامته في الدولة.

حاملي المشاعل
وتابع فوزي قائلًا أن أحد أهم الوسائل الإعلامية، سواء في العصر المملوكي أو العثماني هو المشاعلي أو المشاعلية أي حاملي المشاعل، والذين كان من أهم وظائفهم المناداة بقرارات الحاكم، والترهيب، وتجريس المجرمين، وكذلك إعدامهم، فكانوا يجوبون الأسواق والشوارع لإعلام الناس بآخر الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية

وضرب فوزي مثال على ذلك فقال إنهم كانوا يعلمون الناس بإلغاء أنواع الضرائب او المكوس أو النقود أو يعلموهم بوفاة السلطان وتولي آخر مثل ما حدث عند مقتل السلطان قطز وتولى الظاهر بيبرس السلطنة حيث خرج المشاعلي مناديًا "معاشر الناس ترحموا على الملك المظفر وادعو لسطانكم الملك الظاهر بيبرس"

وكذلك فى العصر العثماني لما توفي السلطان سليم الأول نادى بوفاته أربعة مشاعلية اثنان بالتركي وآخران بالعربية، كما كان المشاعلية ينادون على الناس بالأمن والأمان وفتح المحلات بعد حدوث أي فتن وانتهائها.
وضرب فوزي مثال على ذلك بما حدث بعد دخول سليم العثمانى مصر، حيث نادوا بالأمان لأمراء المماليك، فنادوا عليهم بالظهور والأمان.

المراسيم والمنشورات على الحجر
واضاف فوزي أن أحد الوسائل الإعلامية هي المراسيم السياسيه أو الاقتصادية والاجتماعية التي تُنقش على الحجر، عند بوابات المدن وفى المساجد، مثال ذلك النقش الموجود عند باب النصر لأخذ الضرائب، وهناك أيضا نقش أوقاف مثل الموجود على واجهة وكاله قايتباي الواقعة بعد باب النصر، والتى يوضح بها السلطان قايتباى أنه أوقفها للحرمين الشريفين ويلعن كل من يتجرأ على التلاعب بتلك الأوقاف.

وكذلك نرى نقشًا فى مدرسه السلطان برسباي الأشرفية بشارع المعز لدين الله الفاطمي، توضح أوقاف تلك المدرسة، وختم فوزي كلماته قائلًا هذا ما كان عليه الحال الإعلامي في العصور الوسطى، حيث استخدم المسؤولين في هذا الوقت عدة وسائل لإيصال وإعلام الشعب بما يجري من أمور الدولة المختلفة.