"معرفتش تربي".. قصة عامل مغسلة انتحر هربا من "كلام الناس" بروض الفرج

حوادث

بوابة الفجر


"الخلفة العار تجيب لأهلها الكافية"، مقولة رددها المصريون على مر الزمان، تعبيرا منهم عن سوء سلوك الأبناء، لكن هذه المرة، أدت إلى انتحار الوالد.


"ن.ك" 49 عاما، عامل مغسلة بروض الفرج، شأنه شأن ملايين المصريين، يخرج للعمل صباحا، ويعود مساءً وقد حمل معه قوت يومه من أجل أبنائه، ما إن يرى البسمة على وجههم حتى ينسى تماما تعب الجسد، ومرارة الأيام، إلا أنه بمرور الوقت أخذ المارة والجيران، في الخوض بشرفه والنيل من عرضه، وسمع ما لا يمكن سماعه، حتى ضاقت به الدنيا، فقرر الانتحار حرقا.


"هي بنتك ليه طالع عليها كلام إنها ماشية مع "م.ع" سواق التوك توك، ما تشوف الحكايه دى، عيب كده الكلام هيطلع عليها ومش هتتجوز، أنت معرفتش تربي ولا إيه؟"، كلمات عابرة قالها صديق عامل المغسلة، ولكنه لم يكن يعلم أن عتابه هذا سيدفع والد الفتاة صاحبة "المشي البطال"، مع سائقي "التكاتك" إلى الانتحار.


الوالد لم يكذب خبرا، وذهب مسرعا إلي منزله، وعندما سأل عن ابنته أخبرته والدتها أنها خارج المنزل لحضور درس وستعود، وظل الأب جالسا ينتظر ابنته، دقيقة بعد أخرى؛ ليسألها عما سمعه من صديقه المقرب، وفور قدومها نظر الأب في عينيها: "أنتي تعرفي الواد اللي شغال على توك توك؟" فما كان منها إلا أن أنكرت وهي مصدومة من سؤال أبيها لها، ما جعل الأب يقوم بلطمها على وجهها بعد أن تأكد من نظراته الحادة لابنته أنها تسير مع أحد سائقي التوك توك، وقام بحرمانها من النزول لعدة أسابيع، وبعدها قام بفك الحظر عنها، بعد توسلات الأم له أنها لن تخاطب شخصا غريبا مرة ثانية دون وجه حق، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه، الأب يذهب إلى عمله فى المغسلة، والابنة تقوم بتحصيل دروسها وتعود إلى المنزل.


هدأ بال الأب لعدة أيام، حتى لاحظ ضحكات سائقي "التوك توك" المارين أمام مقر عمله، بالإضافة إلى نظراتهم الحادة، وإلقاء بعض الكلمات الساخرة، وفي يوم من الأيام في أثناء عودته من عمله ليلا قام شاب بإلقاء التحية عليه مستهزئا، فنشبت مشادة كلامية مع الشاب، فصدمه الأخير: "يا عم بدل ما تطلعهم عليا روح ربى بنتك شوية مش كل يوم راكبه "توك توك" شكل وتيجي تقولي احترم نفسك"، وما أن سمع الأب تلك الكلمات حتى قام بلطم الشاب، وتدخل الجيران؛ لفض المشاجرة الكلامية، وعاد الأب إلي منزله باحثا عن ابنته وما إن وجدها: "يا بنتي حرام عليكي أنا مش قادر أرفع راسي بين الناس، جبتي ليا العار وخليتي العيال سواقين التكاتك يضحكوا عليا ويقولوا شوف بنتك ماشية كل يوم مع واحد"، وقام بتسديد 5 طعنات لها، فدافعت الابنة عن نفسها، حتى نقلتها الأم إلي أقرب مستشفى لمعالجتها من الجروح، وما إن ذهبت الأم مع ابنتها، حتى سكب الأب البنزين على نفسه وأشعل النيران في جسده مما أدى إلى وفاته في الحال.


وبحسب التحريات التي أجرتها مباحث روض الفرج التي أشرف عليها المقدم قدري الغرباوي رئيس مباحث روض الفرج، أن النار تمكنت من جسد العامل، وأحدثت به إصابات وحروق من الدرجة الأولى تجاوزت نسبتها 90%،  ما أدي إلى وفاته أثناء نقله إلى المستشفي؛ لإسعافه، وأن محاولة الجيران بإطفاء النار التي أشعلها في جسده لم تسهم في إنقاذه.


كما نفت التحريات الأولية وجود أي شبهة جنائية في الحادث، وأن الأب أشعل النار في نفسه بسبب معاتبة ابنته على سوء سلوكها وأن المعاتبة تطورت إلى طعن الفتاة في يديها، وأضافت والدة الفتاة، أنها في أثناء سيرهما في الطريق تلقت اتصالًا من جيرانها أخبروها بأن زوجها أشعل النار في نفسه، وعندما وصلت إلى المنزل أسرعت هي وجيرانها بنقله إلى المستشفى، لإسعافه فلفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله.