كلمة البابا تواضروس في صلوات تدشين كنيسة "أبي سيفين ودميانة" ببورسعيد

أقباط وكنائس

أرشيفية
أرشيفية


ألقى البابا تواضروس الثانى، كلمته خلال صلوات تدشين كنيسة القديسين ابى سيفين أو الشهيدة دميانة ببورسعيد صباح اليوم الخميس 28 فبراير، وجاء نص الكلمة كالتالي:

هذا اليوم يوم تدشين الكنيسة المباركة كنيسة القديسين الشهيدين الشهيد أبي سيفين والشهيدة دميانة في هذه الإيبارشية المحبة للمسيح وفي هذا اليوم تذكار لأمنا العذراء مريم ( 21 من كل شهر قبطي ) فهو يوم عيد لأمنا العذراء وللقديسين فكل مذبح له إسم قديس ونعتبر أن يوم التدشين هو يوم شهادة ميلاد الكنيسة والكنيسة المحلية يصبح لها عيد سنوي هو عيد تدشينها. يعيش نيافة الأنبا تادرس ويعمر والآباء الكهنة الأحباء في هذه الكنيسة أحب ان أذكر أسمائهم: أبونا القمص مينا عبد الله والقس إثناثيوس فؤاد والقس بساده دانيال والقس فيلوباتير عبد الملك والقس بولس عدلي والقس كاراس غالي. وطبعا الآباء الأساقفة والمطارنة الحاضرين معنا وكل الآباء فرحانين ويشاركونا هذه الفرحة، نفرح بالوجود معكم في هذه الكنيسة وهذه الإيبارشية.

أود أن أقول لك في مناسبة التدشين بعض العلامات لنعيش بها:

أولا: علو الكنيسة: حياة السمو: فعلو سقف الكنيسة ليس الغرض منه بناء مبنى شاهق لكن ليعلمنا حياة السمو وأقوى طريق للسمو هو الصلاة. فصلواتنا التي نرفعها حتى وإن كانت قصيرة أو قليلة ترفع الإنسان للسماء. داود النبي في مزمور 55 قال عبارة جميلة "ليت لي جناحا فأطير وأستريح" فكلما تدخل هذه الكنيسة تتذكر كيف أن الراحة في القرب من السماء. والسيد المسيح وكنيستنا تعلمنا أن لا نحب التراب والأرض. نحن نعيش في الأرض كل منا يمارس مسئوليته لكن دائما فكرك في السماء وفترة الأصوام القادمة الصوم الأربعيني وأسبوع الآلام هي فترة ليسمو الإنسان ويرتفع. وفي كل مره في القداس تستمع للكنيسة تقول لك "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم " كالأم التي تربي أولادها تكرر لكي يتعلم أبنها ويعيش ويتمتع ويأخذ خبرة الحياة. نحن لا نكره العالم فنحن نذاكر ونعمل ونجتهد ونخدم ولكن تفعله بروح السماء وفكر السماء ومن أجل السماء.

ثانيا: اتساع الكنيسة: اتساع القلب بالمحبة للكل: قلب الإنسان بلا محبة مسكوبة من الله يصير ضيقا فلا يعرف كيف يحب من حوله حتى نفسه. فعندما تدخل الكنيسة لا تنبهر بشكلها المعماري بل في اتساعها تعلم قلبك أن يكون أكثر اتساعا. الله في رحمته واسع القلب وعندما يأتي آحاد الصوم الكبير نختبر هذا من خلال لقاء السيد المسيح مع السامرية والمفلوج منذ 38 عاما والمولود أعمى وأيضا في مثل الابن الضال نرى الأب الذي قابل إبنه الذي عامله بخشونة معتبرا أباه في عداد الموتى طلب ميراثه وما يخصه وتاه في الخطية وعندما رجع استقبله بالأحضان ووهبه نعم حلة جديدة وخاتم وحذاء وذبح العجل المسمن. 

أحيانا قلبنا خلال الحياة يمتلئ خصومات ومشاعر سلبية إتجاه الآخرين لكن الإنسان الشاطر هو الذي يجمع في قلبه محبة الناس وقبل هذه محبة الله فيكون في ذاته مستريحا. تذكر كلما ترى اتساع الكنيسة اتساع قلب الله الذي يقبل كل أحد وقلبك يكون متسع بالمحبة لكل أحد من خلال المحبة المسكوبة من على عود الصليب. فالقديس بولس الرسول يقول في رسالة رومية "محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا". ففي الأحد القادم أحد الرفاع وأنت تصلي القداس استعدادا للصوم ستسمع هذه العبارة "أدخل إلى مخدعك وأغلق بابك" (مت 6: 6 ) فالمخدع هو القلب الداخلي فعندما تجدد متجرا تعلق لافته تقول "مغلق للتحسينات" ضعها على قلبك في الصوم لتكون بداخله لتنقيه فالله طلب قلبك "يا إبني أعطيني قلبك". وأغلق بابك أي الفم عن الطعام وعن الكلام. هذا ليس تدريبا صعبا لكنه أصل الأستفادة في الصوم. 

ثالثا: الزيت وقت التدشين: دعوة أن تمتلئ قلوبنا بالرحمة: الصلوات الأولى في وقت التدشين دائما ما يكون المرد "كيرياليسون" طالبين الرحمة وقرب النهاية تكون المردات كلمة "آمين" أي أستجب يا الله وفي النهاية عند صب الزيت وكل الآباء المطارنة والأساقة نمسح جسم المذبح بزيت الميرون وقتها يكون المرد "الليلويا" الفرح. طلبنا الرحمة والإستجابة من الله فكان الفرح وقت المسح بزيت الميرون. الزيت في الكتاب المقدس أحدى معانيه هو الرحمة فكان يستخدم وقت إستقبال الضيوف ومسح الملوك. الزيت الذي نستخدمه لمسح جسم للمذبح هو للتدشين والتخصيص كما رشم الطفل ب36 رشمه فتصير مدشنا ومخصصا للمسيح. فالزيت في معناه يشر إلى الإنسان الذي يستطيع أن يقدم رحمة ويتعامل مع من حوله بلطف لا يكون فظا بل رقيقا. وقتما ذهب السيد المسيح ليعتمد من يوحنا المعمدان خاطبه " إسمح الآن" فالزيت وقت التدشين دعوة أن تمتلئ قلوبنا بالرحمة. فنحن نرتل في الصوم الكبير المديحه المعروفه "طوبى للرحماء على المساكين" فوجود الزيت هو علامة ونداء للرحمة.

ثلاثة أشياء نتعلمها من فرحة يوم التدشين: 

1- الكنيسة العالية وهي حياة السمو بالصلاة. 
2- الكنيسة متسعة لتجعل قلبك بأن يكون متسعا بالحب لكل أحد 
3- زيت الميرون المستخدم لتشين المذبح والإيقونات نداء لتصنع رحمة مع كل أحد.


ربنا يحافظ عليكم ويعيش نيافة الأنبا تادرس ويعمر في الإيبارشية واليوم هو تذكار السنة الثالثة لترقية الانبا تادرس مطرانا وكل الآباء المطارنة والأساقفة يشاركونا فرحتنا ربنا يبارك حياتكم وخدمتكم والآباء الكهنة في هذه الإيبارشية والشمامسة والشعب والخدام والخادمات ومجالس الكنائس وكل الذين يخدمون ربنا يبارك خدمتكم ويكون معكم دائما أحب أن أسجل الشكر أيضا إلى السيد المحافظ اللواء عادل غضبان في محبته وتعبه وإلى كل القيادات الأمنية التي معنا ونصلي من أجل أن يحفظهم الله ويحفظ كل القيادات التي تحمل مسئولية كبيرة في هذه المحافظة كما قلت أمس أنها كأيقونة جميلة بين محافظات مصر فبورسعيد مشهورة بأنها المدينة الباسلة بتاريخها الجميل وحاضرها المشرق أيضا. ربنا يحافظ عليكم ودائما فرحانين.