طارق الشناوي يكتب: سارقوا الفرحة.. "البعوا بعيد"

الفجر الفني

رامي مالك
رامي مالك


كتبت إحداهن (الله يكسفك يا بعيد عرتنا وعريت كل الصعايدة، عامل دور..... وبتبوس راجل) وتعددت التنويعات على تيمة مهاجمة أو محاكمة الدور الذى لعبه رامى مالك.

المؤكد أن الفرحة بجائزة رامى تجاوزت بكثير تعليقات هؤلاء التى تنم أساسا عن جهل بفن التمثيل، والذى يعنى أن تؤدى كل الأدوار، مثلما نرى الممثل فى دور القواد أو السفاح ولا نرجمه بعدها بالحجارة أو نقيم عليه الحد، على العكس تماما الثقافة الغربية، التى لا تعتبر (المثلية الجنسية) تهمة تثير ولو مجرد الخجل، ولا حتى تعتبر مرضا تجب مواجهته، هل نحن (نستكتر) الفرحة على أنفسنا، البعض لا يصدق أن لدينا فنانا عندما أمسك بتمثال الأوسكار بين يديه، أول شىء تذكره هو جذوره المصرية، وأمه التى كانت فى القاعة، وأبوه الصعيدى الذى هاجر قبل 40 عاما إلى أمريكا ليرحل قبل بضع سنوات عن الدنيا بعد أن وهبته الدنيا هذا الابن الاستثنائى.

ليس فقط هذا هو التفسير الوحيد الذى ينال من الجوائز، هناك من يمنح الأمر برمته رداء سياسيا أو فكريا، ويفتش عن اليهود والشواذ والأقليات الدينية والعرقية، فى محاولة لقراءة خاصة، فصار مثلا أداء رامى العبقرى لا يكفى لمنحه الجائزة، ولكن اعتبروه مدافعا عن حق المثليين، أيضا جائزة (روما) أفضل فيلم أجنبى حصل عليها المكسيكى ألفونسوكوران تعنى الرد العملى على إقامة السور الضخم الذى يصر ترامب على تشييده على الحدود مع المكسيك، وأن المخرج الأسمر سبايك لى الحاصل على جائزة أحسن سيناريو عن (كلانزمان الأسود) يؤكد حق السود فى نصيب من (تورتة) الأوسكار، وأن السر وراء منح بطل فيلم (الكتاب الأخضر) ماهر شالا جائزة أفضل ممثل مساعد أنه أفريقى الجذور مسلم الديانة.

يجب أن نفرق بين آراء سياسية تطرح على مسرح (دولبى) من خلال كلمات المكرمين أو حتى على السجادة، حيث إن الكل من حقه التعبير بل وأيضا السخرية، وأغلب رؤساء أمريكا على مدى عمر مسابقة الأوسكار 91 عاما نالهم الكثير، إلا أن هذا لا يعنى تسييس أو تديين الجوائز، هؤلاء حصلوا على الأوسكار عن جدارة فنية.

ويبقى دور رامى فى فيلم (بوهيمان رابسودى) والنظرة القاسية تجاهها يجب أن نعتبر أن تلك ليست فقط عند قطاع من الجمهور، ولكن مع الأسف عدد من الفنانين لديهم شىء من التحفظ، مثلا دور (حاتم رشيد)، رئيس التحرير المثلى جنسيا فى فيلم (عمارة يعقوبيان)، رفضه قبل أن يصل إلى خالد الصاوى العديد من النجوم، بينهم حسين فهمى وفاروق الفيشاوى ومحمود حميدة، لا أدرى هل لأن خالد فى تلك السنوات 2008 كان لايزال يسعى لتأكيد اسمه فوافق على الدور، أم أن تلك قناعاته كممثل محترف، يوسف شعبان مثلا كثيرا ما يتبرأ من دور (المثلى) فى فيلم صلاح أبوسيف (حمام الملاطيلى)، عادل إمام لا يفضل أن يرى نفسه فى فيلم (سيد درويش) لأنه يؤدى دور صبى العالمة المخنث.

إنها كما أراها محاولات بائسة ويائسة لسرقة الفرحة من قلوب المصريين ومحاولة أيضا لنزع البطولة والتفوق عن الفنان المصرى، فى البداية قالوا ليس مصريا فوجدوه معتزا بجذوره الصعيدية، بل إن عددا منهم نزع الخط الفاصل بين الشاشة والحياة، أقول لهؤلاء (العبوا بعيد).

رامى مالك يستحق منا كل ترحيب وحفاوة فى زمن عز فيه الفرح وركع فيه الزهو.