إرث داعش فى سوريا

العدد الأسبوعي

عناصر إرهابية
عناصر إرهابية


800 مقاتل أجنبى و 700 زوجة و1500 طفل يهددون أوروبا


العالم يواجه مرحلة ما بعد الحرب على «داعش».. واقع جديد فرضته تهديدات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإطلاق سراح مقاتلى داعش الأوروبيين المحتجزين فى سوريا، إذا لم تتحرك دولهم لاستلامهم ومحاكمتهم، ملمحاً إلى احتمال اختراق هؤلاء لدولٍ أوروبية.

فيما الارتباك والتباين الأوروبى، يسيطران على المشهد الأخير من الحرب الأمريكية، ضد تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق، وتحديداً فيما يتعلق بالتعامل مع خطر عودة عناصر داعش إلى أراضيها، بعد الانسحاب الأمريكى، وكذلك فى كيفية إدارة الملف الأخطر أمنياً وقضائياً، لدى الدول الأوروبية فى هذه اللحظة.

800 مقاتل أوروبى من عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية / داعش» تحتجزهم الآن قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن، بخلاف 700 زوجة و1500 طفل، من عائلات تنظيم داعش فى المخيمات، هم حصيلة أوروبا، من إرث تنظيم داعش فى سوريا والعراق.

يمثل هؤلاء «الرعب القادم» لدى الدول الأوروبية، فى حالة استلامهم، والسماح لهم بالعودة، وهو مايعنى مواجهة تلك الدول خطر احتمالات تنفيذ هؤلاء الدواعش لعمليات إرهابية مستقبلية على أراضيها، خاصة مع سقوط معاقل التنظيم المركزى وهزيمته فى سوريا والعراق.

وكذلك فضلاً عن مخاطر الانخراط الأيديولوجى مع هؤلاء فى حالة العودة، حتى لو تمت محاكمتهم، أو إيداعهم السجون.

بحسب تقارير منشورة، لمراكز بحثية غربية، فإن عدد مقاتلى داعش من جنسيات أوروبية وصل إلى 5000 شخص، عاد منهم 1750 إلى بلادهم الأصلية ، منهم 350 عادوا إلى بريطانيا، فيما لايزال 300 بريطانى آخرين فى سوريا والعراق.

كما عاد 250 مقاتلاً من داعش إلى فرنسا، فيما تقول السلطات الفرنسية إن 130 مقاتلا فرنسيا فى صفوف داعش لايزالون حتى الآن فى سوريا، أما ألمانيا فقد بلغ عدد مسلحى التنظيم العائدين إليها، نحو 350 مقاتلاً داعشياً.

وذلك إضافةً إلى ملف شائك آخر هو ملف الأطفال الدواعش العائدين فى أعمار 13 و14عاماً، وهم بموجب القوانين الأوروبية، أطفال أو أحداث، بينما الأمر الواقع يؤكد أن التنظيم كان يتعامل معهم باعتبارهم «مقاتلين»، وسبق أن تلقوا بالفعل التدريبات العسكرية، وشاركوا فى القتال.

ويزيد من حدة الرعب فى هذا السياق أن تنظيم داعش نفسه قد أعلن سابقاً أنه سيغزوا أوروبا بهجمات إرهابية ينفذها «الأطفال.»

فارق كبير إذن بين وضع مقاتلى داعش والتعامل معهم فى حالة الحرب فى سوريا والعراق، وبين التعامل معهم بشكل قانونى فى حالة عودتهم، وفقاً للمنظومة القضائية الاعتيادية فى الدول الأوروبية، على اعتبار أن «قوانين القتال تختلف عن قوانين محاكمات ما بعد الحرب»، هذا الفارق الجوهرى يزيد من حدة الأزمة لدى أوروبا، ويمهد من وجهة نظر المحللين لسن قوانين أوروبية جديدة تسمح بمحاكمة هؤلاء المقاتلين العائدين بما يضمن لتلك الدول حماية أمنها القومى.

فى آخر تطور للأزمة، أعلنت السلطات الكردية التى تقود قوات سوريا الديمقراطية فى شمال سوريا أنها لن تفرج عن مقاتلى «داعش» الأجانب المحتجزين لديها، لكنها تخشى من فرارهم فى حالة حدوث هجوم من تركيا، وأن هؤلاء المقاتلين هم «قنابل موقوتة»، يتزايد عددهم بالعشرات يومياً فى مقار الاحتجاز، وأن على الدول الأوروبية تحمل مسئوليتها، فيما اقترح ألدار خليل أحد أبرز القادة الأكراد إمكانية «تأسيس محكمة دولية أو اثنتين لمحاكمتهم» فى حالة عدم رجوعهم إلى دولهم.

ومن جانبها، ووفق وسائل إعلام غربية عدة، أعلنت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل، فى ختام لقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، الاثنين، أن اجتماع مجلس الشئون الخارجية الأوروبية قد وافق على حق كل دولة أوروبية فى اتخاذ قرارها بشأن تسلم مقاتلى تنظيم «داعش» الإرهابى المقبوض عليهم فى سوريا، وأن «أوروبا لن تستطيع أن ترد بشكل موحد على المطلب الأمريكى باستعادة دواعش من سوريا، وأن الأمر سيعتمد على رؤية كل دولة وكيفية تعاملها مع هذا الملف».

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن عودة المقاتلين الأوروبيين من سوريا سيكون «صعباً للغاية»، وقال وزير الخارجية الألمانى هيكو ماس،» إن المواطنين الألمان يحق لهم العودة قانوناً، لكن لا توجد طريقة لتحقيق ذلك فى سوريا»، فيما حدد موقف ألمانيا بوضوح « نحتاج إلى معلومات، نحتاج إلى تحقيقات،كل هذا غير موجود، وما دام الأمر كذلك، فأعتقد أن هذا أمر يصعب تنفيذه تماماً»، فيما طالبت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين، بضمان تحقيق ملاحقة جنائية لمقاتلى «داعش»الألمان قبل إعادتهم من سوريا» وصرحت بأنه «لا توجد حكومة فى سوريا تربطنا بها علاقة معقولة، (بشار) الأسد لا يمكن أن يكون شريك الحوار بالنسبة إلينا، وقوات سوريا الديمقراطية ليست كياناً حكومياً»، كما أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية أن برلين تجرى مشاورات عن كثب مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بالمواطنين الأوروبيين هناك.

وبالنسبة لفرنسا التى يصل عدد معتقليها فى سوريا إلى 150فرنسياً، فقد أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه أن بلادها لن تتخذ أى إجراء فى الوقت الحالى لاستعادة المئات من مقاتلى «داعش»، موضحةً أن فرنسا ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ «كل حالة على حدة»، خاصة فيما يتعلق بالقصَر.

وأعلنت بيلوبيه صراحة: «هناك وضع جيوسياسى جديد فى ظل الانسحاب الأمريكى.. لن نغير سياستنا فى الوقت الحالى.. ولن تستجيب فرنسا فى هذه المرحلة لمطالب ترامب»، وهو تطور فى السياسة الفرنسية تجاه استعادة مواطنيها الدواعش، الذين كانت تصفهم بأعداء الأمة الذين تجب محاكمتهم فى سوريا والعراق، إلى أن أعلن وزير الداخلية كريستوف كاستانير فى يناير الماضى، أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أجبر فرنسا على الاستعداد لعودة عشرات المتطرفين الفرنسيين الذين تحتجزهم السلطات الكردية.

وفى هذه الحالة تظل احتمالات فرار، أوإطلاق سراح الدواعش الفرنسيين، خطرا قائما بالنسبة لفرنسا، التى ستخشى حينئذِ من احتمال سقوطهم فى قبضة بشار الأسد واستخدامهم كورقة ابتزاز ضدها.

من جانبه أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء الدنماركى، مايكل ينسن، الأحد، إعادة مواطنيه من الدواعش، قائلاً: «الحديث يدور عن أخطر أشخاص فى العالم، ولذا لا ينبغى لنا أن نستقبلهم».

وسبق أن أعلنت بريطانيا أيضاً موقفاً صارماً من استعادة الدواعش، كما صرح وزير الأمن البريطانى بن ووليس، سابقاً، بأن حكومة بلاده لن «تخاطر بأرواح مواطنيها لاستعادة الدواعش المحتجزين فى سوريا والعراق»، كما سبق أن صرح أيضاً وزير الداخلية البريطانى ساجيد جاويد بأنه «لن يتردد فى منع عودة البريطانيين المنتمين إلى «داعش»، وقال «بصفتى وزيراً للداخلية، فإن أولويتى هى ضمان سلامة وأمن هذا البلد ولن أسمح بتعريضه للخطر»، وينطبق ذلك على شميمة بيجوم، الملقبة بـ»عروس داعش» التى تطلب السماح من بريطانيا، والعودة بطفليها، دون استجابة لهاحتى الآن.