موسم الهجرة إلى إفريقيا

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


سماسرة لإلحاق العمالة المصرية بدول إفريقية مقابل 100 ألف جنيه

40 ألف عامل مصرى بجنوب إفريقيا.. وارتفاع عدد تصاريح العمل بالقارة من 600 عام 2014 لـ25 ألفاً بـ2016


يبحث المصريون عن أى مصدر رزق ولو كان فى بطن السبع أو فى آخر مكان على الكرة الأرضية، ويبيع مواطنون كثيرون ممتلكات تخصهم لتدبير النفقات اللازمة للسفر للبحث عن فرصة عمل للحصول على دخل أغلى.

«يا مصطفى تعالى فى شغل كتير هنا وفلوس حلوة جداً»، بهذه الجملة أقنع مهندس معمارى يدعى أيمن متولى، ابن عمه مصطفى، الذى تخرج العام الماضى، فى كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة المنصورة، للسفر إلى مدينة بريتوريا بجنوب إفريقيا.

مصطفى، ٢٥ عاماً، ويعمل حالياً فى إحدى شركات البرمجيات فى بريتوريا، لكنه فى البداية لم يكن مقتنعاً فى البداية بوجود فرصة عمل فى إفريقيا، إذ كان يظن أن فرص العمل لا توجد إلا فى أوروبا وأمريكا ودول الخليج العربى، ولكنه كان يبحث بعد التخرج عن عمل فى مصر، وعندما اكتشف صعوبة الأمر بدأ يفكر فى السفر إلى أوروبا ولكنه وجد الأمر مستحيلاً مع القيود المفروضة على السفر إلى القارة العجوز وخوفه من الهجرة غير الشرعية، ولكن ابن عمه فتح له الباب السحرى للقارة السمراء.

كان البعض يرى مصطفى باعتباره مجنوناً، إذ إن أنظارهم هم أيضاً متعلقة بأوروبا ودول الخليج، ولكنه حول الفكرة إلى واقع واستخرج تأشيرة سياحية إلى جنوب إفريقيا ومن هنا بدأ رحلة البحث عن وظيفة، وهو ما لم يكن سهلاً رغم التعامل اللطيف من الجنوب إفريقيين، وبعد أقل من شهرين استطاع الحصول على عمل وفى بلد متطور جداً.

يوضح مصطفى بعد خبرته فى السفر أن إفريقيا مختلفة عن الأفكار السائدة عنها إذ إنها ليست وطناً للحروب والمجاعات كما يظهر فى الأفلام الأمريكية، والحياة هناك وتحديداً فى جنوب إفريقيا أفضل بالمقارنة بمصر من ناحية الالتزام فى العمل والتطور إذ إن هناك نظاماً صارماً فى المحاسبة، ولكن تظل مصر أكثر أماناً إذ ترتفع معدلات الجريمة فى جنوب إفريقيا، ولكنه شخصياً لم يتعرض لسوء.

لا توجد إحصائية رسمية حول أعداد المصريين المقيمين فى الدول الإفريقية إلا أن الأعداد التقريبية تقول إن إجمالى الجالية المصرية بالقارة بحسب تقديرات البعثات الدبلوماسية 46872 مواطناً، ولكن المسجلين رسمياً لدى السفارات 5390 مواطناً فقط، وهو الرقم الذى كشفت عنه السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، خلال اجتماع لجنة الشئون الإفريقية فى مجلس النواب، يناير الماضى، حسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الذى يشير أيضاً إلى أن جنوب إفريقيا هى أولى الدول الإفريقية التى يستخرج فيها المصريون تصاريح عمل تليها توجو ثم نيجيريا، وغانا.

وتفيد إحصائيات الجهاز، الصادرة فى 2016، إلى أن يقرب من 5 آلاف مصرى فقط مسجلين بالبعثات المصرية فى القارة، أكبر عدد منهم بجنوب إفريقيا، وعددهم 2250، وأقلهم فى مدغشقر وعددهم 5 مصريين فقط، إلا أن هذه الأعداد تختلف مع الأعداد المسجلة لدى البعثات المصرية فى هذه الدول.

وتبلغ عدد الدولة الإفريقية المسجل بها جاليات مصرية 36 دولة فقط من أصل 54 دولة إفريقية، وبحسب البعثات المصرية تستحوذ جنوب إفريقيا على نصيب الأسد من المصريين المقيمين والعاملين هناك، ويبلغ عدد الجالية هناك 40 ألف مصرى، أما الأعداد المسجلة بالبعثة 2270 مواطناً فقط، تليها نيجيريا 900 مصرى، فيما يعيش ما يقرب من 600 مصرى فى أنجولا وتليها غينيا الاستوائية بـ500 مصرى فيما يعيش فى غانا 450 مواطناً، ويرجع التفاوت فى التقديرات إلى أن من يسافر يدخل إلى الدولة بغرض السياحة ثم يقيم بشكل غير شرعى لحين الحصول على وظيفة مناسبة.

الأرقام السابقة ليست صادمة لأحد من مسئولى البعثات المصرية فى إفريقيا أو وزارة الهجرة حيث أكد مسئول بالأخيرة أن هناك إقبالاً كبيراً للمصريين على السفر إلى إفريقيا للعمل أو للدراسة.

يقول حمدى إمام، رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج بالغرفة التجارية بالقاهرة، «هناك إقبال مصرى على العمل بالدول الإفريقية عقب تراجع الطلب على العمالة المصرية فى الخليج.. وهناك شركات إلحاق العمالة توجه الأنظار للقارة بسبب تحقيق عدد من دولها نمواً اقتصادياً ملحوظاً خلال الفترة الماضية خاصة عقب التوسعات الاستثمارية الكبيرة التى تشهدها هذه الدول». يضيف إمام، إن هناك اختلافاً كبيراً بين العمالة التى تسعى الدول الإفريقية لجلبها وبين نوعية العمالة المطلوبة فى دول الخليج، حيث تستهدف الدول الإفريقية استقطاب الكوادر الفنية وأصحاب الخبرة والعمالة الفنية المدربة». بحسب آخر إحصائية صادرة حول أعداد المصريين الذين تقدموا لوزارة الداخلية للحصول على تصريح عمل فى الدول الإفريقية فى ٢٠١٧، استحوذت موزمبيق على نصيب الأسد، وجاءت الكاميرون فى المرتبة الثانية يليها جنوب إفريقيا ونيجيريا وتوجو. ويلجأ بعض الشباب إلى سماسرة الهجرة العابرين للحدود للحصول على فرصة عمل إفريقية، وفى قرية كفر المرازقة بمحافظة كفر الشيخ، يستعد أشرف إسماعيل، 23 عاماً للسفر إلى جنوب إفريقيا، رغم أنه يجهل المعلومات الأولية عن البلد الذى سيسافر إليه، إذ كان يظن أنه سيسافر إلى مالاوى. يعمل أشرف موظفاً حكومياً فى الصباح وسائق توك توك فى المساء، وأنجبت زوجته مطلع الشهر الماضى، طفلهما الثالث، بعد خمس سنوات زواج، ويقول أشرف: «الوضع أنا بكسب فلوس بس مش بتكفى الأكل والشرب، وعندى قرايب سافروا لجنوب إفريقيا ودلوقتى اشتروا أراضى فى البلد، وفيهم ناس أخدوا زواجتهم وأبنائهم عشان يعيشوا هناك». بدأت رحلة أشرف عن طريق القنوات الشرعية للسفر، لكنه فشل فى الحصول على فيزا عمل داخل جنوب إفريقيا، بعد 6 شهور من البحث الجاد والسفر والعودة من وإلى القاهرة لزيارة شركات إلحاق العمالة بالخارج. ويقول أشرف أيضاً :»معايا دبلوم صنايع، بيقولوا لى إن المؤهل بتاعى مش مطلوب وأنا عايز أى شغلانة.. بس أجيب فلوس أصرف على عيالى، وبعدين لقيت واحد اسمه الحج علاء، هياخد منى ١٠٠ ألف جنيه، هدفع ٥٠ ألفاً هنا ولما يجينى شغل هناك هابعت له الباقى على أقساط، بس هو اشترط إن مراتى تبقى ضامن ليا وتوقع إيصالات أمانة بالباقى.. ودولقت هخد الطائرة المتوجهة إلى مالاوى وهناك فيه حد تبع الحاج علاء منتظر ومن هناك هنسافر على جنوب إفريقيا وربنا يكرمنا».