موسم الحج إلى واشنطن يبدأ مع تفتح زهور الشيرى البيضاء.. صفحات من مذكرات عادل حمودة (53)

العدد الأسبوعي

الكاتب الصحفي عادل
الكاتب الصحفي عادل حمودة


مبارك من البيت الأبيض: مصر حذرت الولايات المتحدة من هجمات 11 سبتمبر

أمريكا استأجرت معتقل جوانتانامو من كوبا بـ2000 دولار فى السنة حتى يوم القيامة

سر الطائرات مجهولة العلامات التى كانت تنقل المشتبه بهم إلى دول الشرق الأوسط للتحقيق معهم

مسئول مكافحة الإرهاب فى وكالة المخابرات المركزية يدخل على بوش بحقيبة بها قنبلة غازات سامة

شركات الطيران تطلب من الركاب تحديد الورثة الذين يستحقون التعويضات إذا ما اختطفت الطائرة أو انفجرت

بوش يسأل: «أين تقع مكة؟» وتشينى يحتاج وقتا ليجيب على السؤال


فجأة.. شعرت بأن الطائرة البوينج العملاقة أصيبت بمغص كلوى فقد راحت تتلوى وترتج وتزأر وكأنها تعانى ألما يصعب احتماله.. فى تلك اللحظات كنت على متنها فوق السحاب على ارتفاع 29 ألف قدم أقرأ ملفا عن هجمات 11 سبتمبر (2001) كشف فيه «كورت آيكوالند» المحقق السياسى لمجلتى نيوزويك وفانيتى فير الكثير من الأسرار وفاز عنه فيما بعد بجائزة بوليتزر أعلى جائزة صحفية فى الولايات المتحدة كما أضاف إليها الكثير فى كتابه «500 يوم أسرار وأكاذيب الحرب على الإرهاب» الذى نشره عام 2017.

كنت فى طريقى إلى واشنطن لتغطية زيارة الرئيس مبارك الذى كان قد طار إليها فى اليوم نفسه فى أول رحلة له بعد هجمات سبتمبر.. سافرت من القاهرة إلى فرانكفورت على رحلة لوفتهانزا رقم (593) ومكثت هناك ثلاث ساعات فى انتظار إقلاع رحلة يونايتد رقم (917) إلى العاصمة الأمريكية.

تأخرت رحلة يونايتد ساعة عن موعدها ولكننى لم أشعر بالملل فقد دربت نفسى على التعامل مع المطارات بالقراءة وتأمل المسافرين من الجنسيات المختلفة وتخيل قصص عنهم والحوار معهم إذا ما سنحت فرصة فالغرباء يفتحون قلوبهم أسرع لأنك لن تراهم بعد الفراق.

قبل الصعود إلى الطائرة قدم مندوب الشركة ورقة طلب منا التوقيع عليها تحدد الورثة الذين لهم حق الحصول على التعويض إذا ما خطفت الطائرة أو سقطت أو انفجرت أو قادتها جماعة إرهابية انتحارية ودخلت بها فى مبنى ما كما حدث فى هجمات سبتمبر حين استخدمت الطائرات المخطوفة فى إسقاط برجى مركز التجارة الدولية فى نيويورك وتدمير جزء من البنتاجون فى واشنطن وتهديد البيت الأبيض نفسه.

كانت المرة الأولى التى يوقع فيها ركاب الطائرات على مثل هذه الورقة.. تشاءم البعض.. وسخر البعض الآخر.. ولكن.. سرعان ما انشغل الجميع بكتابة أسماء من سيرثهم.. وسأل رجل وزوجته جاوزا سن الشباب بجدية: هل يمكن أن يصرف التعويض الكلب الذى يعيش معهما؟.. وجاءت الإجابة بالجدية نفسها: نعم.

لجأت الشركات الأمريكية إلى ذلك الإجراء بعد مقتل 2996 فى هجمات سبتمبر وتنازع أسر الضحايا على التعويضات وعجزت المحاكم عن تحديد أصحاب الحق فالميراث هناك بالوصية.

وأفضل ما فى الولايات المتحدة قدرتها السريعة على التعلم فما أن قتل كيندى وأقسم نائبه جونسون فى الطائرة التى حملت جثمانه من دالاس إلى واشنطن حتى انضم إلى حاشية نائب الرئيس قاض فيدرالى ليحلف أمامه اليمين الدستورية فى أى مكان على ظهر الأرض يتواجد فيه.

ما أن استوت الطائرة فوق السحاب حتى ضغطت على زر المقعد ليصبح سريرا وسحبت غطاء ثقيلا.. ورحت أقرأ الملف السياسى الذى حملته معى من باب التحضير والتجهيز لمهمتى الصحفية قبل الهبوط كما تعودت دائما.. ولكن.. الملف كان هذه المرة متضخما.. فهجمات سبتمبر أفقدت الأمريكيين شعورهم بالأمان.. كما أنهم حرضوا قياداتهم على الانتقام من الجناة.. وفى فوضى المشاعر المضطربة أصبح المسلمون أهدافا للقتل دون تفرقة بين مسلم متطرف ومسلم معتدل.

مرت نحو ثلاث ساعات من الهدوء والاستقرار.. ولكن بينما كانت المضيفة الممتلئة (الحامل على ما يبدو) تقدم فنجانا من القهوة لراكب بدا حريصا على أناقته وجدناها تطير فى الهواء ليسقط فنجان القهوة فى حجر الراكب.. ولم يكن الراكب سيئ الحظ فى حاجة للشكوى فقد تحولت الطائرة إلى لعبة من الصفيح الهش.. تكاد أجنحتها أن تتهشم.. وتكاد محركاتها أن تخرج من بطنها.. وتكاد مقاعدها أن تنفصل عن أرضيتها.. ومن شدة الصدمة لم يتح لأحد أن يفكر فى شيء.. أو يتذكر آية من كتابه المقدس.. أو يسأل عن ما حدث.. إن ما نطلق عليه «سهم الله» بدا أنه نفذ.

بعد خمس دقائق فى هذا الجحيم استردت الطائرة بعضا من أنفاسها اللاهثة وعرفنا من قائدها أن جهاز الاتزان فوق المياه قد تعطل.. فما أن خرجت الطائرة من اليابسة الأوروبية وواجهت مياه المحيط الهادئ حتى كان ما كان.

لم يجد قائد الطائرة مفرا من العودة.. وهبط فى مطار هيثرو (لندن).. لتنتهى الرحلة إلى العاصمة الأمريكية فى العاصمة البريطانية.. فلا تدرى أى طائرة فى أى مطار تهبط.

هنا ستعرف الفرق بين شركة طيران وأخرى.. خاصة إذا كنت فى درجة مميزة.. فما أن استقرت الطائرة على الأرض حتى وجدت موظفة فى لوفتهانزا تطلب منى أن اتبعها.. ووجدت سيارة بجانب الطائرة حملتنى إلى طائرة أخرى تستعد للإقلاع إلى شيكاغو.. وتعهدت أن تتصل بفندقى فى واشنطن كى احتفظ بحجز غرفتى.. وفى مطار شيكاغو وجدت موظفة أخرى من الشركة فى انتظارى لتسهيل عمليات الجوازات والجمارك والأمن قبل أن توصلنى إلى طائرة أخرى تتجه إلى واشنطن.. وهناك وجدت سيارة فى انتظارى لكن المعجزة أننى وجدت حقيبتى بعد أن تنقلت على أربع طائرات فى رحلة استغرقت 36 ساعة كانت كل أمنيتى بعدها لا تزيد عن حمام وفراش.

إن تلك البراعة التى تتمتع بها لوفتهانزا يندر أن تجدها فى شركة طيران أخرى مهما كانت خبرتها وعراقتها.

بدت مظاهر الشدة التى تعرضت إليها الولايات المتحدة واضحة بمجرد الهبوط فى مطار دولس الدولى.. قوات الجيش بملابسها المبرقشة تتجول متوترة ومتوجسة بين الركاب.. الكلاب البوليسية تشمنا بحثا عن قنبلة تختبئ فى ملابسنا أو حقائبنا.. إجراءات أمنية تضاعفت صرامتها إلى حد أن هناك من أجبر على خلع ملابسه الخارجية حتى اكتشفوا أنه وضع شريحة معدنية فى منطقته الحساسة.. وقبل ذلك خلعنا الأحذية.. لندخل إلى الولايات المتحدة ونخرج منها حفاة.

وفى فندق ويلارد «انتركونتيننتال» قدمت لى موظفة الاستقبال لائحة مطبوعة بالتحذيرات.. مكالماتك الشخصية مسجلة ولا يجوز لك الاعتراض.. غرفتك قابلة للتفتيش فى أى وقت دون أن تغضب.. وبالقرب من الفندق رحت مع الدكتور أسامة الباز نستعرض الكتب التى صدرت فى أسابيع قليلة عن الإسلام الذى كانوا يجهلونه.. رصدنا 75 كتابا عن طالبان وأسامة بن لادن والقاعدة والجهاد والإرهاب والرسول الكريم والشيعة والسنة.. وحملت بعض الكتب عناوين من عينة «الإسلام المقاتل» و«الإسلام المدمر».. ولكن رغم كل ما نشروه عن الإسلام فى ذلك الوقت وبتلك الطريقة المتعجلة ظلوا يجهلونه حتى أن الرئيس جورج بوش سأل نائبه ديك تشينى: «أين تقع مكة؟» واحتاج تشينى لبعض الوقت ليجيب.

وعلى شاشات القنوات التليفزيونية وجد كل من يعرف شيئا ولو عابرا عن الإسلام فرصة للنجومية وتحقيق ثروة لم يحلم بها.

وفى شوارع واشنطن تطوع العديد من الشباب لتوزيع العلم الأمريكى على المارة بلامقابل دعما للترابط والتضامن بين الجنسيات المختلفة الأعراق والألوان التى تتكون منها الأمة هناك وعلى صدور الرجال والنساء والصغار رشق العلم الأمريكى أيضا.. ولكن اللافت للنظر أنه صنع فى الصين.

حاول الأمريكيون جاهدين استيعاب الصدمة المروعة التى تعرضوا لها فهم يتمتعون بحيوية فائقة فى التعامل مع الأزمات بعيدا عن البكاء على المقابر.

ولكن ذلك لم يمنع خروج متعصبين عن شعورهم لم يترددوا فى الاعتداء على جيرانهم المسلمين كما أن حجاب النساء كان إشارة للهجوم عليهن وفى الوقت نفسه توسع الأمن فى القبض العشوائى على كثير من الشباب طبقا لقانون الاشتباه ولم يسلم المحتجزون من التعذيب بطرق مبتكرة لا تترك أثرا يسمح للضحايا بطلب التعويض حتى تدخلت المحكمة العليا ومنعت التعذيب مهددة كل من يلجأ إليها بالسجن والغرامة والعزل من وظيفته مهما كان منصبه.

ووجدت السلطات الأمريكية نفسها مجبرة على الكف عن ما تفعل ولكنها اتفقت مع نظم فى الشرق الأوسط على نقل المشتبه فيهم إليها للتحقيق معهم بطرقها الأمنية الصعبة التى لا تخلو من العنف وحملت طائرات خاصة بلا علامات الضحايا إلى تلك الدول وهم فى حالة رعب من المصير الذى ينتظرهم.. وهكذا غسلت الولايات المتحدة يدها من انتهاكات حقوق الإنسان أمام شعبها ولكنها أدينت أمام العالم.

وعندما فضحت تلك الطائرات السرية تنحى القاضى المكلف بتحقيقات هجمات سبتمبر عن نظر القضية ولم يعد أمام الوكالات الأمنية الأمريكية مفرا من البحث عن معتقل معلن تضع فيه المتهمين تحت مراقبة عيون العالم وهكذا فتحت سجن جوانتانامو.

يقع سجن جوانتانامو على خليج يحمل الاسم نفسه على الساحل الجنوبى الشرقى للجمهورية الكوبية ويبعد ألف كيلومتر عن عاصمتها هافانا.. أنشئ السجن فى عام 1898 خلال الحرب الإسبانية الأمريكية.. وفى عام 1903 وافق الرئيس الكوبى طوماس بتأجير المكان للولايات المتحدة بعد أن ساندت بلاده فى تلك الحرب.. مقابل ألفى دولار فى العام.. وفى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1968 لغم الرئيس الكوبى كاسترو القاعدة ليجبر الأمريكيين على الجلاء عنها ولكن الرئيس الأمريكى كيندى رفض التنازل عنها.

جرى تجديد المعتقل على مراحل بدأت من عام 2002 حين استقبل مشتبه فيهم من جنسيات مختلفة دون مراعاة للقواعد القانونية المتعارف عليها مما جعل العالم ينتقد ما يجرى فيه بشدة حتى وعد الرئيس أوباما بإغلاقه فى عام 2009 وإعادة المعتقلين إلى الولايات المتحدة ليحاكموا محاكمة عادلة ولكنه لم ينفذ وعده بسبب اعتراض نواب الكونجرس الذين خشوا على أمن بلادهم القومى كما انتقد الرئيس ترامب قرار أوباما بعد وصفه بما لا يليق.

فى عام 2008 كنت فى كوبا ونجحت بصعوبة فى رؤية المعتقل من الخارج ولم يكن من الصعب مشاهدة السجناء بملابسهم البرتقالية من وراء الأسوار المرتفعة المصنوعة من السلك السميك الذى تعلوه لفائف من الأسلاك الشائكة وقد ربطت أيديهم من الخلف وهم يجلسون خلال فترات خروجهم من عنابرهم للفسحة ولكن ذلك لم يتح لى إلا بعد أن استخدمت نظارة مكبرة من مكان مرتفع فلم يكن مسموحا بالاقتراب قبل خمسين مترا وما أن وجدت طائرة مروحية تأتى من بعيد حتى نصحنى المرشد السياحى بالابتعاد حتى لا أجد نفسى داخل المعتقل.

بسبب هجمات سبتمبر جاءت زيارة الرئيس مبارك إلى واشنطن هذه المرة قبل موعدها المعتاد بشهر كامل.. عادة كانت الزيارات السابقة فى شهر مارس.. حيث يبدأ موسم حج حكام دول الشرق الأوسط إلى واشنطن فى وقت تكون فيه العاصمة الأمريكية على وشك التخلص من البرد القارس الذى يخلو من دفء الشمس ويسيطر عليه الضباب والمطر وحبات الثلج ويجبر الأشجار على التخلص من أوراقها وزهورها خاصة زهرة الشيرى البيضاء التى أهداها إمبراطور اليابان للحكومة الأمريكية ويعد تفتح تلك الزهرة إعلانا من الطبيعة بقدوم فصل الربيع.

لقد حرصت على متابعة رحلات الرئيس مبارك إلى الولايات المتحدة منذ عام 1995 وحتى عام 2010 حيث التقى بالرؤساء بيل كيلنتون وجورج بوش (الابن) وباراك أوباما ومن قبلهم جورج بوش (الأب) ورونالد ريجان.

إن هذه الزيارات شديدة الأهمية للصحفى المهتم بالسياسة فالولايات المتحدة هى الدولة الأكثر تأثيرا فى المنطقة التى نعيش فيها وما تقرره إدارتها بشأنها يؤثر علينا خارجيا وداخليا فجدول أعمال الزيارات يتضمن كثيرا من الموضوعات التى تمس سيادتنا مثل حقوق الإنسان ووضع الأقباط ومساحة الحريات العامة وكثيرا ما غضب مبارك من الانتقادات التى وجهت إليه فى تلك الموضوعات حتى أنه امتنع عن السفر إلى واشنطن ولقاء بوش هناك فى السنوات الأخيرة من حكم بوش وإن التقيا فى شرم الشيخ دون أن تصفو مشاعر التوتر بينهما ولم يعد مبارك إلى واشنطن إلا بعد أن جاء أوباما إلى الرئاسة.

سبقت زيارة مبارك بعد هجمات سبتمبر (فى فبراير 2002) إرساله 14 رسالة خطية إلى بوش شرح فيها رؤية مصر للإرهاب والسلام والتهديد الأمريكى بضرب العراق وكيفية إيقاف العنف فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وفى المقابل تلقى مبارك 12 رسالة خطية من بوش تدور حول نفس القضايا.

لكن تلك الرسائل لم تكن لتكفى لمواجهة ما يجرى على مسارح السياسة من فلسطين إلى أفغانستان حيث تصاعدت التفجيرات والاضطرابات بما أحرج السياسة الأمريكية وكشف عن عجزها عن مواجهتها.. وفى ساعة المفاوضات بين مبارك وبوش تناقلت وكالات الأنباء أخبار الانتفاضة فى فلسطين وأخبار المقاومة فى أفغانستان وذكرت أرقاما متصاعدة لقتلى من الجيشين الإسرائيلى والأمريكى حتى وصفت تلك المفاوضات بأنها جرت على أعتاب الجحيم.

على أن التعاون الأمنى بين القاهرة وواشنطن لمواجهة التنظيمات الإرهابية أخذ المساحة الأكبر من الطرفين وفى زيارة تالية إلى واشنطن أعلن مبارك أن مصر أرسلت تحذيرا للولايات المتحدة بتخطيط القاعدة لهجمات سبتمبر ونال تصريحه اهتماما غير مسبوق بزياراته من الميديا الأمريكية وخرجت أخبار الزيارة من صفحات الجرائد الداخلية إلى مانشتات الصفحات الأولى.

وفيما بعد أشار كورت آيكنوالد إلى ذلك التحذير مشيدا بقدرة أجهزة الأمن المصرية على التوصل إلى المعلومات المهمة فى الوقت المناسب وإن انتقد تجاهل بلاده لأنها لم تستفد من تلك المعلومات التى كانت ستجنبها ما حدث خاصة أن الخوف من الإرهاب فرض نفسه على بوش قبل أن يصبح رئيسا.

لقد تعودت وكالة المخابرات المركزية على توعية المرشحين للرئاسة بأهم القضايا التى تشغل العالم وأكثر الأسرار حساسية وتحدد لهم الموقف الأمريكى منها.

فى الثانى من سبتمبر عام ألفين (قبل سنة من الهجمات) حضر إلى مزرعة بوش خارج واكو فى تكساس أربعة من مسئولى الوكالة برئاسة جون ماكلوكلين نائب مديرها لتقديم معلومات سرية من أكثر دوائر السلطة الأمريكية حرصا على كتمان ما لديها.

وحسب آيكونوالد: جلس بوش على مقعده الوثير بجانب ثلاثة من كبار مستشاريه: كواندليزا رايس وبول ولفوويتزر وجوش بولتون وأمامهم طبق من الكعك المحلى.. جالت الأحاديث التى امتدت ثلاث ساعات من روسيا إلى الصين ومن الشرق الأوسط إلى أمريكا اللاتينية ولزم بن بونك نائب مدير مكافحة الإرهاب الصمت آخذا وقته فى تفحص الرجل الذى سوف يقود أمريكا فى المستقبل القريب.

كان بوش يرتدى سروالا من الجينز مع حزام عريض وقميص قصير الكمين وبالقرب منه تمثال من المطاط يطلق أغنية مجرد أن يحرك رأسه.. خيار غريب لرجل يطمح أن يكون قائد العالم الحر.

أراد ماكلوكلين أن يوصل إلى بوش البليد شعورا بخطورة الإرهاب فحمل معه حقيبة تشبه قنابل الغاز السام ولكنها عديمة التأثير قائلا: «يمكننى أن أؤكد لك شيئا واحدا سيموت أمريكيون فى وقت ما خلال السنوات الأربع القادمة نتيجة عمل إرهابى وليس من الضرورى أن تكون أسلحتهم كبيرة أو ثقيلة فالإرهابيون يستطيعون بسهولة تمرير قنبلة مدمجة بين حشود الناس دون إثارة الشكوك».

ثم انحنى نحو الحقيبة ومشى نحو بوش وفتحها أثناء اقترابه منه وما لبث أن أمالها إلى الأمام ليرى بوش الأرقام الحمراء أثناء عدها التنازلى قائلا: «إنها غير مؤذية هى من النوع ذاته من الأجهزة التى تحتوى على مواد كيميائية والتى يمكن إدخالها بسهولة إلى غرفة ما ليقتل جميع من فيها».

نظر بوش إليه وقال: «لديك دقيقة ونصف الدقيقة لإخراج هذا الشىء من هنا».

ولكنه لم يستعب الدرس فكان ما كان.