CAN 2019.. مصر ترقص على جثة الإرهاب

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


القدر يُجيد ترتيب الأوراق واختيار التوقيت المناسب لكل شيء، فبعدما كان الجميع يستعد لإقامة بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم 2019 فى الكاميرون، جاء اعتذارها ليربك حسابات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم «كاف»، الذى وجد مسئولوه أنفسهم محاصرين أمام اختيارين، كل منهما أصعب من الآخر.

الأول هو إسناد البطولة لأى من البلدان الإفريقية الأخرى، لكن هل هناك دولة جاهزة لاستضافة البطولة الكروية الأكبر فى القارة السمراء بعد أقل من 6 أشهر؟، أما الاختيار الثانى فكان إلغاء نسخة كأس الأمم الإفريقية لهذا العام، بعد إعلان استبعاد الكاميرون لعدم تنفيذ توصيات واشتراطات الاتحاد الإفريقى.

من هنا بدأ صناع القرار فى الدولة المصرية التحرك على عدة محاور أساسية، لإجابة مباشرة للسؤال الأصعب، هل نحن مستعدون لاستضافة «CAN 2019»، وسريعًا تحدث الجميع على أن مصر ربما تكون الأنسب حاليا لاحتضان البطولة الأهم إفريقيًا.

وبالفعل، لم تمر سوى أيام حتى أعلن «كاف» تنظيم «أم الدنيا» لبطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم 2019، بعد تحركات رسمية على أعلى مستوى، لكن، لماذا كل هذا الاهتمام بتنظيم البطولة هذه المرة؟، ربما سعيا وراء تحقيق مكاسب، ما هى إذن؟

المكاسب السياسية لتنظيم مصر للبطولة تنقسم إلى شقين، الأول داخلى والثانى خارجى، فداخليًا استقرت أوضاع البلاد الأمنية بشكل كبير، بعد القضاء بصورة كبيرة على بؤر الإرهاب فى سيناء وغيرها، علاوة على تنامى حركة الاستثمار بالتوازى مع تطوير البنية التحتية فى كافة المجالات، لذا فإن استغلال حدث مهم مثل ذلك على الشكل الأمثل من شأنه رفع الحالة المعنوية للمجتمع، وهذا سينعكس بالإيجاب طبعا على كل شيء.

أما خارجيًا، فالعالم كله الآن ينظر إلى مصر، وما تحققه يوما بعد يوم، عقب ما شهدته من ثورتين كبيرتين، أطاحتا بنظامين سياسيين مختلفين، ناهيك عن تصديها للعمليات الإرهابية الجبانة، وبالفعل لمس الجميع تعافى البلاد وسيرها على الطريق الصحيح.

والأهم من ذلك أن مصر أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، كونها الحاضنة للقارة السمراء، بعد فترة لم تكن فيها لاعبا أساسيا فى القارة قبل ثورة 25 يناير، وبتنظيم الحدث الإفريقى المهم، عادت مصر لريادتها الإفريقية بجدارة.

ما أشبه الليلة بالبارحة، من منا لا يتذكر ما حدث فى أواخر ثمانينيات وبدايات تسعينيات القرن الماضى، عندما تزايدت وتيرة العمليات الإرهابية فى مصر حتى وصلت إلى قلب القاهرة واستهداف المواطنين، حينها تحركت الدولة بقوة لتحقيق الاستقرار وإرساء قواعد الأمن والأمان مرة أخرى، للحفاظ أولا وأخيرا على الروح المعنوية للجميع.

حينها، فوجئ العالم باستضافة القاهرة لدورة الألعاب الإفريقية عام 1991، كان هذا هو التحدى الأكبر الذى واجه المصريين فى ذلك الوقت، إنجاح البطولة وتحجيم خطر الإرهاب واستعادة حركة السياحة بعد تأثرها بالهجمات الإرهابية المتوالية آنذاك، لكن، كما كان متوقعًا، نجحت مصر فى التنظيم وارتفعت الروح المعنوية للمجتمع، ما ساهم بقوة فى تغلب الدولة وأجهزتها على العديد من المعوقات، كما أدرك العالم أن المصريين قادرون على مواجهة الإرهاب والنهوض وتحقيق الاستقرار.