البابا فرنسيس يلتقي أعضاء معهد اللألفونسيانا الحبري في روما

أقباط وكنائس

البابا فرنسيس - أرشيفية
البابا فرنسيس - أرشيفية



التقى قداسة البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، أمس السبت، أعضاء معهد اللألفونسيانا الحبري في روما، ووجّه قداسته كلمة رحّب بها بضيوفه، قائلاً: لقد التزم معهد اللألفونسيانا الحبري خلال هذه السنوات السبعين في تعميق اللاهوت الأخلاقي في ضوء أسرار المسيح محاولاً الإجابة على تطوّر المجتمع والثقافات في إطار الاحترام الدائم لتعليم الكنيسة ومستلهمًا بشفيعه السماوي القديس ألفونس ماريا دي ليغوري.

وأضاف، إنَّ الاحتفال بعيد مؤسسة كمؤسستكم لا يمكنه أن يتوقّف فقط عند ذكرى ما قد تمَّ فعله وحسب بل يجب أن يدفعكم على النظر إلى الأمام وإعادة إيجاد الحماس في الرسالة والتخطيط لخطوات شجاعة للإجابة بشكل أفضل على انتظارات شعب الله.

وتابع قائلاً: فالأمر لا يتعلّق فقط في إعادة النظر في القوانين وبرامج الدراسة وإنما في تجدد للحياة الأكاديمية بأسرها تعززه أيضًا إمكانية التطوّر التي تقدّمها اليوم تقنية المعلومات للبحث والعلم، مضيفا ان هذا السبب من الأهمية بمكان أن تتخذوا كمعيار أساسي ودائم التأمّل والدخول الروحي والفكري والوجودي في قلب البشارة أي في البشرى الجديدة والمذهلة لإنجيل يسوع. عندها سيصبح من الممكن تحقيق حوار كامل: لا كمجرّد موقف تكتيكي وإنما كضرورة طبيعية للقيام بخبرة جماعية لفرح الحقيقة ولتعميق المعنى والمتطلبات العمليّة.

وأشار الي إن الأمانة للجذور معهدكم تطلب منكم الآن التزامًا أكثر اقتناعًا وسخاء من أجل لاهوت أخلاقي يحرّكه التوق الإرسالي للكنيسة التي تنطلق؛ وبالتالي وعلى مثال القديس ألفونس علينا أن نتحاشى بأن نسمح لمواقف عقائديّة أو لأحكام مسبقة بأن تحبسنا بعيدًا عن الحالات الملموسة والإمكانيات الفعالة للأشخاص والعائلات.

 ولفت الي اننا نضع أنفسنا في حالة إصغاء محترم للواقع ونسعى معًا لنميِّز علامات حضور الروح القدس الذي يخلق الحرية وإمكانيات جديدة يمكننا أن نساعد الجميع لكي يسيروا بفرح في درب الخير.

وتابع البابا فرنسيس، إن الواقع الذي يجب أن نصغي إليه هو اولاً آلام ورجاء الذين لا تزال آلاف أشكال سلطة الخطيئة تحكم عليهم بعدم الأمان والفقر والتهميش. لقد فهم القديس ألفونس سريعًا أن الأمر لا يتعلّق بعالم ندافع عن أنفسنا منه أو نحكم عليه وإنما بأن نشفي ونحرّر متشبّهين بتصرّف المسيح، مؤكدا ان ينبغي على كلمات اللاهوت الأخلاقي أن تسمح بأن يطبعها هذا المنطق الرحيم الذي يسمح لها بأن تصبح فعليًّا كلمات حياة كاملة. إنها في الواقع صدى كلمات المعلم القائل لتلاميذه بأنّه لم يأتِ "ليدينَ العالَم بل ليخَلِّصَ العالَم" وبأن مشيئة أبيه هي أن "تَكونَ الحَياةُ لِلنَّاس وتَفيضَ فيهِم".

واكد ان بولس الرسول دعي اللاهوت الأخلاقي ليجعل الجميع يختبرون شَريعةَ الرُّوحِ الَّذي يَهَبُ الحَياةَ في يسوعَ المسيح والتي تحرِّر مِن شَريعَةِ الخَطيئَةِ والمَوت؛ ولذلك لا يمكننا أن نعود إلى الخوف لأننا نلنا الروح القدس الذي يجعلنا أبناء في التبنّي بِه نُنادي: أَبًّا، يا أَبَتِ! وهذا الروح عينه هو الذي لا يسمح لهذه الحريّة بأن تكون غير مبالية إزاء المعوزين وإنما لأن تكون قلبًا قريبًا يسمح بأن يسائله الآخرين ومستعد للاعتناء بهم بمحبّة.

وأشار الي إن اللاهوت الأخلاقي قد التزم خلال هذه السنوات الأخيرة ليقبل الشعار القوي للمجمع الفاتيكاني الثاني بـ "تخطّي مبادئ أخلاقية فرديّة" وتعزيز اليقين بأنّه "بقدرِ ما يُصبحُ العالمُ واحداً، يتَّضحُ أن واجبات الإنسان تتعدى الجماعات الخاصة المحصورة، لتمتد رويداً رويداً إلى الكون كلِّه"، لافتا الي ان ينبغي على الخطوات التي تمَّ القيام بها أن تدفعنا لنواجه بجهوزيّة أكبر التحديات الجديدة والخطيرة الناتجة عن السرعة التي يتطوّر مجتمعنا من خلالها.

 وأكمل قائلا: أذكر فقط تلك المتعلّقة بمنطق "التنافس وشريعة الأقوى" اللذين يعتبران الكائن البشري خيرًا استهلاكيًّا يمكن استعماله ورميه بعد ذلك، مطلقين هكذا ثقافة الإقصاء.

وأضاف ان هذا الأمر يصلح أيضًا لصرخة الأرض المنتهكة والمجروحة بألف شكل من أشكال الاستغلال الأناني، مشيرا الي إن البعد الإيكولوجي هو مكون أساسي لمسؤولية كل شخص وكل أمّة. وعلى اللاهوت الأخلاقي أن يتبنّى ضرورة المشاركة بطريقة أكيدة في جهد مشترك للعناية بالبيت المشترك من خلال دروب تنمية شاملة مناسبة.

وختم البابا فرنسيس كلمته قائلا: أنا متأكّد من أنَّ معهد اللألفونسيانا الحبري سيتابع في التزامه في سبيل لاهوت أخلاقي لا يخاف من الدخول في واقعية المشاكل ولاسيما في هشاشة وألم الذين يتعرض مستقبلهم للتهديد، ويشهد بصدق للمسيح "الطريق والحق والحياة". أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فيما أشكركم على هذه الزيارة أشجّعكم على المضي قدمًا في خدمتكم الكنسية في اتباع دائم لتعاليم الكنيسة وامنحكم فيض البركات الرسولية.