طارق الشناوي يكتب: "نادي الرجال السري" الضحك من غير سبب.. "منتهى الأدب"!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


مثلما كان مسلسل «الحاج متولى»، يحقق للرجال أمنية تبدو بعيدة المنال، وهى الزواج من أربع، فإن فيلم «نادى الرجال السرى» يحقق انتصارا زائفا للرجل على المرأة، الأبطال جميعا ليسوا فى وسامة كريم عبد العزيز، ورغم ذلك كل منهم لديه زوجة حسناء وأكثر من عشيقة قابلة للزيادة، فهو حقا ينعش طموح الرجال.

 

وأنا أغادر دار العرض سألتنى وهى غاضبة يرضيك الفيلم ده؟ نضيع ساعتين فين الهدف؟، معقولة كريم عبد العزيز يرجع بعد السنين دى كلها ويقدم ضحك فى ضحك؟!

 

قلت لها الناس لم تكن فقط تضحك، هل استمعت بين الحين والآخر أيضا إلى التصفيق؟، أجابتنى نعم أنا كنت كثيرا ما أدخل فى نوبة تصفيق بعد نوبة الضحك، أجبتها إذن هذا هو الهدف.

 

شعار «الضحك من غير سبب قلة أدب»، الذى تربينا عليه، فى الحقيقة يخاصم كل النظريات العلمية والطبية، لا بأس أن يصبح الضحك فى بعض الأعمال الفنية هو فقط من أجل الضحك، طالما لا تتجاوز حدود ومنطق الضحك.

 

فى قانون السينما المصرية، الفيلم هو النجم، حيث ينسب إليه كل نجاح أو إخفاق يضيف أو يخصم من رصيد النجم، وهكذا فإن النجاح الرقمى الذى تحقق يعزز من مكانة بطل الفيلم.

 

فى مطلع الألفية الثالثة بزغت نجومية كريم عبد العزيز، فهو «الجان» و«الكوميديان»، يتمتع بخفة ظل تلقائية ورثها مؤكد عن والده المخرج محمد عبد العزيز، وعمه المخرج عمر عبد العزيز، «الجينات» تجرى فى دماء هذه العائلة، وهكذا منذ أن انطلق سينمائيا مع المخرج شريف عرفة وتحت المظلة الجماهيرية للراحل علاء ولى الدين فى «عبود ع الحدود»، قبل 20 عاما، كريم قطعا ليس هنيدى أو سعد أو حلمى، ليس من نجوم الكوميديا القادرين على تهيئة الجمهور فى كل لحظة للضحك، ولكنه «الجان» خفيف الظل، وهذا هو ما التقتطه بذكاء وإبداع المخرجة ساندرا نشأت فى أفلام البدايات مثل «ليه خلتنى أحبك» و«حرامية فى كى جى وان» و«حرامية فى تايلاند»، فصار ملمحا مميزا لكريم، وهو ما يمكن أيضا أن تجده فى «الباشا تلميذ» مع المخرج وائل إحسان وغيره، كريم متعدد الأنغام الدرامية، وهكذا جاء «أولاد العم» مع شريف عرفة أو «الفيل الأزرق» مروان حامد، حضوره يضفى لمحة من الانتعاش، بدون أن يقصد، وهو أقرب نجم فى هذا الجيل للقدير محمود عبد العزيز، الذى كان يبرع فى تلك المساحة الدرامية التى تقع فى المساحة بين عادل إمام ومحمود ياسين.

 

المخرج خالد الحلفاوى أحد الأسماء التى صارت تتواجد فى السينما بقوة خلال السنوات الأخيرة، يتباين فى الحقيقة مستواه، رغم أن البدايات فى «زنقة الستات» كانت تبشر بما هو أفضل، فجاء عدد من الأفلام التالية بها قدر كبير من الاستعجال، إلا أنه يجيد توظيف إيقاع اللقطة لخدمة الحالة الكوميدية فى الشريط السينمائى، ولا يمارس أى ادعاء سياسى فى أفلامه، هدفه المباشر هو الضحك، خالد أيضا تجرى فى دمائه جينات الإبداع من والديه الفنانين الكبيرين نبيل الحلفاوى وفردوس عبد الحميد.

 

خالد ينتمى إلى فصيلة المخرج الجاهز والقادر على تنفيذ الفيلم، وهكذا جاء سيناريو أيمن وتار قائماً على منهج الضحكة والقفشة، وتار بدأ كأحد أفراد فريق المذيع الشهير باسم يوسف، كانوا هم أعمدة الضحك العصرى فى برنامج «البرنامج»، مثل زميله شادى ألفونس، الذى تعثر ولا أدرى لماذا، لديهم تلك اللمحة الكوميدية الطازجة، أيمن يوظف نفسه كممثل فى دور صغير دائما فى كل الأعمال التى يقدمها بما يتميز به من جسد شديد الترهل.

 

الحالة السينمائية قائمة على فن الكاريكاتير، المبالغة فى كل التفاصيل التى نشاهدها، فنحن مع زوج مغلوب على أمره، كريم عبد العزيز أمام زوجته غادة عادل التى تعد عليه أنفاسه وتسيطر على كل حياته، فهو يبدو بلا إرادة ولا يملك سوى الإذعان، فهى تتعمد أن تقمعه فى كل شىء، يرتدى القميص الأردأ وتضع له العطر المنفر ولديها فى العيادة ممرضة تمت بصلة قربى لها لكى تُقدم عنه كشف حساب.

 

كريم طبيب أسنان ناجح رغم كل شىء، والعيادة ممتلئة بالزبائن، ويلتقط مشهد الزوج الخائن، السيناريو يلعب بقانون التنويعات، دائما الرجل خائن مهما كان جمال زوجته، وهكذا يؤدى هشام ماجد مشهدا رائعا لزوج تشك زوجته فى أنه عض الشغالة فى عنقها، وعلى طبيب الأسنان أن يؤكد أو ينفى ذلك، وينتهى المشهد بأن تنال منه زوجته بعد أن تأكدت خيانته، كان هشام فى أفضل حالاته، لا أحد فى الفيلم إلا وهو يخون زوجته ولا زوجة إلا وهى تستحق الخيانة.

 

كريم عبد العزيز العائد بعد 5 سنوات للشاشة، ولا أدرى كيف يغيب فنان شاب كل هذه السنوات، وذلك بعد فيلم «الفيل الأزرق»، كم دور مهم كان من الممكن أن يؤديه ولكنه من المؤكد كان هو صاحب قرار الاعتذار.

 

لو ألقيت نظرة سريعة على نجوم زمن السبعينيات، مثل محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمى، كان المعدل السنوى يصل أحيانا إلى 10 أفلام، نصفها دخل تاريخ السينما بين أفضل 100 فيلم.

 

ضآلة رصيد هذا الجيل، وليس فقط كريم، أراها ليست فى صالح السينما ولا النجم، فهو فى النهاية يخصم من تاريخه أدوارا كان من الممكن أن يلعبها، المعدل الحالى فيلم واحد فى العام قليل جدا، ورغم ذلك غاب كريم خمس سنوات.


نقلًا عن "المصري اليوم"