قطر تساهم في إعادة طالبان للسلطة من جديد

عربي ودولي

طالبان - أرشيفية
طالبان - أرشيفية


يسعى تنظيم الحمدين في قطر إلى فرض نفسه على الساحة في أفغانستان وإعادة "الإمارة الإسلامية" على يد حركة طالبان الإرهابية من جديد، من خلال استخدام نفوذه المالي ومواصلة النشاط الدبلوماسي المشبوه، من أجل تحقيق أهدافه الخبيثة.

 

ولم تعد خافية تلك العلاقة التي تربط دولة قطر بالتنظيمات المتطرفة المختلفة في دول العالم، من جماعة الإخوان، إلى تنظيمي القاعدة وداعش، ما دفع العديد من دول العالم العربي لمقاطعتها، وهو ما برز في دور الدول الأربع "السعودية ومصر والإمارات والبحرين".

 

آخر هذه العلاقات التي ظهرت بها إمارة الإرهاب جليا أمام وسائل الإعلام، تعاونها مع حركة طالبان الأفغانية، بداية من إنشاء مكتب لها في الدوحة، واحتضانها للعديد من المفاوضات التي جمعت قادتها بمسؤولين أمريكيين.

 

وأعلنت حركة طالبان أنها عينت الملا عبد الغني برادر الذي يعتبر أحد مؤسسيها، مديرًا لمكتبها السياسي في الدوحة؛ حيث تجري منذ الإثنين الماضي 21 يناير 2019، محادثات مع ممثلين أمريكيين.

 

وأفاد المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد بأن تعيين الملا مديرًا للمكتب السياسي بالدوحة؛ يأتي لتعزيز عملية المفاوضات الجاري عقدها مع الولايات المتحدة.

 

ويعتبر برادر أهم قيادي لطالبان؛ إذ يتمتع بنفوذ كبير، كما يعد الرجل الثانى فى قيادة حركة طالبان الإرهابية، ومن المعروف أنه يتمتع بثقة صهره زعيم الحركة سابقًا الملا محمد عمر المتوفى عام 2013؛ وساعده في تأسيس الحركة عام 1996.

 

ورغم الانتقادات الدولية الواسعة، لا تزال تلعب الإمارة الصغيرة، دورا رئيسيا في إيواء إسلاميين، بمن فيهم جهاديون يحرضون على للعنف، سواءً كانوا من قادة الإخوان، أو عبر سفارة غير رسمية لحركة طالبان الأفغانية.

 

وكانت إمارة الإرهاب قد أنشأت مكتبا سياسيا للحركة في الدوحة تحت اسم "المكتب السياسي للإمارة الإسلامية في أفغانستان"، وتولت قطر عبر هذا المكتب تحريك طالبان، وإرسال التمويلات والدعم؛ ما جعل الحركة تصف قطر ببيتها الثاني.

 

الكاتب إيريك زيوس اعتبر في مقال له بمجلة "مودرن دبلوماسي" حول تمويل الإرهاب في العالم، أنه بشكل عام يعتبر مستوى تعاون قطر في مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو الأسوأ على الإطلاق بمنطقة الشرق الأوسط.

 

وأشار زيوس إلى أن القطريين لا يبذلون أي جهد، بل يعرقلون الجهود المبذولة لوقف تمويل الإرهابيين، موضحًا أن هناك علاقات مشبوهة مع حركة طالبان في أفغانستان.

 

وذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية، أن قطر استضافت الشهر الماضي اجتماعا في سرية تامة بالدوحة، بين قيادات طالبان، ومسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية؛ لبحث إمكانية إنهاء الصراع في أفغانستان.

 

تنظيم الحمدين سعى من خلال هذا اللقاء، إلى تحقيق رغبة طالبان في إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، رغم رفض واشنطن ذلك من قبل، باعتبارها حركة غير رسمية ولا شرعية، في محاولة من الدوحة للتقرب إلى الإدارة الأمريكية؛ تمهيدا لعودة الحركة الإرهابية لرأس السلطة في أفغانستان مرة أخرى.

 

ولم يكن هذا الاجتماع هو الأول الذي تعقده قطر بين قيادات طالبان ومسؤولين، إذ رعت عام 2013 محادثات في الدوحة بين الحركة والحكومة الأفغانية، وتضمنت هذه المحادثات إطلاق سراح جندي أمريكي مقابل الإفراج عن عشرات الأسرى من طالبان، وهو ما تم بالفعل عام 2014، تحت ضغوط تنظيم الحمدين.

 

هذا الدور المشبوه الذي تمارسه قطر في دعم طالبان، صنفته وزارة الخارجية الأمريكية في 2009 بالأسوأ في المنطقة، وفي عام 2010 توافد العديد من عناصر الحركة إلى الدوحة في محاولة لإنشاء وجود رسمي لهم.

 

وأُنشئ المكتب بالفعل فى عام 2013، ويضم 15 عنصرًا مع أسرهم، حيث وفر تنظيم الحمدين لهم السكن والنفقات المالية.

 

تحول مكتب طالبان بعد ذلك ليتم استخدامه في جمع التبرعات وتشغيل الشركات الخاصة، لتمويل أنشطة الحركة الإرهابية، على مرأى ومسمع حكومة قطر.

 

وتزايد عدد ممثلي طالبان وأنشطتهم في قطر بشكل كبير، حيث تظهر عناصر الجماعة المتطرفة، خلال إقامتهم في الدوحة بشكل علنى ويقودون سياراتهم ويرتادون مراكز التسوق والمساجد.

 

ورغم تقديم حكومة أفغانستان أدلة ومعلومات تثبت استخدام مكتب طالبان في الدوحة لأنشطة مشبوهة، وتقدمت بعدة طلبات إلى الإدارتين القطرية والأمريكية، إلا أن تنظيم الحمدين تجاهل هذه الطلبات.

 

احتضان قطر للمحادثات بين طالبان وواشنطن، جعل لتميم العار تواجد مكثف في أفغانستان، ما يسهل من جهوده واتصالاته مع طالبان، لإعادة غرس الحركة الإرهابية بين المجتمع الأفغاني مرة أخرى.

 

ومنذ ذلك الحين كثف رجال تنظيم الحمدين من تواجدهم في مناطق تقع في جنوب غرب أفغانستان بالقرب من الحدود الإيرانية، خاصة في منطقة "فراه"، التي تحظى باهتمام مثير ومشترك من قبل طهران والدوحة، وتعد من المناطق الساخنة التي تشهد اشتباكات شبه يومية بين عناصر طالبان المرتبطة بقطر وإيران وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وتشير مصادر صحافية أفغانية أن القطريين أنشأوا مؤسسة في هذه الولاية باسم "الغرافة"، والهدف المعلن للمؤسسة المساهمة في الشؤون الإغاثية وإعمار وتنمية ولاية "فراه"، لكن الهدف الأساسي هو إنفاق ملايين الدولارات على الحركة ودهم عملياتها المشبوهة.

 

كما أفردت قناة طلوع الأفغانية تقريرًا عن الدور القطري المشبوه في ولاية فراه، مشيرة إلى أن القطريين يتوافدون إليها بدعوى الصيد وتنفيذ مشاريع خيرية وإعمارية، في مناطق تعاني من انعدام الأمن، لكنهم لا يتعرضون لأي هجوم من قبل طالبان.

 

وذكر تقرير على موقع القناة نفسها أن قطر تدعم حركة طالبان بالأموال لزراعة مخدر الأفيون في مناطق سيطرتها، خاصة ولاية قندهار للاتجار في المخدر، وشراء الأسلحة، وهو ما أكده الدبلوماسي السعودي، في كابول مشاري الحربي في حوار سابق مع "bbc".

 

الدور القطري المشبوه في القضية الأفغانية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تنظيم الحمدين يسعى إلى عودة "الدولة الإسلامية الأفغانية"، التي أسست من قبل على يد حركة طالبان عام 1996 وسقطت بعد 6 سنوات في سبتمبر 2001 على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عقب الهجوم على برج التجارة العالمي في نيويورك،  حيث كانت تأوي تنظيم القاعدة وقادتها على الأراضي الأفغانية.

 

تنظيم الحمدين لم يكن أبدا حريصًا فى أى مرحلة من مراحل المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية على التوصل إلى اتفاق سلام، لكن كل ما يعنيه هو إقحام الحركة في السلطة السياسية بكابول، من أجل استكمال المخطط المشبوه في دعم وإيواء الإرهابيين حول العالم.