علي سلمان.. جاسوس قطر وذراع إيران في البحرين خلف القضبان

عربي ودولي

علي سلمان
علي سلمان


أيدت محكمة التمييز البحرينية، حكماً بالسجن المؤبد (25 عاما)  ضد علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق المنحلة واثنين من مساعديه بتهمة "التخابر مع قطر وإفشاء وتسليم أسرار دفاعية".

 

ويضاف هذا الحكم النهائي ضد سلمان (53 عاما) إلى حكم نهائي آخر صدر ضده في يونيو 2015، وأيدته محكمة التمييز في مايو 2017 بالسجن 4 سنوات بعد إدانته بعدة تهم، من بينها "التحريض علانية على بغض طائفة من الناس بما من شأنه اضطراب السلم العام، وعدم الانقياد للقوانين وممارسة أمور تشكل جرائم وإهانة ضد وزارة الداخلية بوصف منتسبيها بالمرتزقة".

 

ويمكن من الأحكام النهائية السابقة والاتهامات المدان بارتكابها سلمان، معرفة سر حمله لقب جاسوس قطر وذراع إيران في البحرين، وهو الأمر الذي يتضح أكثر من تتبع سيرته.

 

الهجرة إلى إيران

ولد علي سلمان في 30 أكتوبر 1965 بقرية البلاد القديم، هاجر إلى إيران وهو في الثانية والعشرين من عمره وذلك عام 1987م، ليلتحق بالحوزة العلمية في قم، وظل بها نحو 6 سنوات، ليعود إلى البحرين عام 1993م.

 

وبعد عودته بعام، اعتقل في ديسمبر/كانون الأول 1994 لدوره في الأحداث والاحتجاجات التي شهدتها البلاد في التسعينيات، ثم تم إبعاده خارج البلاد في يناير عام 1995 إلى لندن.

 

وفي يونيو 1996، كشفت الحكومة دور إيران في الأحداث التي شهدتها البلاد خلال تلك الفترة، وأعلنت أنها أحبطت مؤامرة انقلاب من مجموعة مدعومة من طهران تدعى حزب الله البحرين، وسحبت المنامة سفيرها في إيران، وخفضت تمثيلها إلى مستوى القائم بالأعمال.

 

الوطن يحتفل والمعارضة تتآمر

في عام 2001، عاد علي سلمان إلى البحرين، وذلك بعد طرح مشروع الميثاق الوطني الذي يعد وثيقة تاريخية طرحها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، للتصويت يوم 14 فبراير 2001، واحتوت على مبادئ عامة وأفكار رئيسة، الهدف منها إحداث تغييرات جذرية في منهج العمل والأداء، وتحديث سلطات الدولة ومؤسساتها.

 

وأجمع شعب البحرين على هذا الميثاق، إذ بلغت نسبة الموافقة عليه 98.4 في المائة، ومثل قاعدة انطلق منها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه ملك البلاد، وشمل إحداث تغييرات جذرية في الجوانب السياسة والاقتصادية والاجتماعية.

 

وفي العام نفسه، عادت الحياة النيابية في البحرين بأمر من الملك بعد توقف 25 عاما، وبالتزامن مع ذلك ساهم علي سلمان في تأسيس جمعية الوفاق المعارضة بتخطيط وتحريض إيراني.

 

وبدلا من أن يستغل سلمان وجمعيته مناخ الإصلاحات السياسية والحياة النيابية في المشاركة في بناء الوطن، كانوا معول هدم على طول الخط، إلا أن السلطات كانت لهم بالمرصاد بعد أن أعطتهم عشرات الفرص، بدءًا من الانتخابات ومرورا بحوار التوافق الوطني، إلا أن جمعية الوفاق برئاسة علي سلمان أفشلتها جميعا.

 

قاطعت الجمعية الانتخابات النيابية منذ انطلاقها، إلا أنها قررت الدخول في العملية السياسية والانتخابية عام 2006، وشاركت في انتخابات 2010 إلا أنها لم تستمر أكثر من خمسة أشهر، وفي 28 نوفمبر 2011 قدم أعضاء كتلة الوفاق النيابية استقالاتهم كمحاولة للضغط على الحكومة خلال أحداث هذا العام.

 

تآمر علي سلمان وحمد بن جاسم

في أعقاب ما عرف بثورات الربيع العربي، استغل بعض المتآمرين الأحداث بزعامة علي سلمان بالتعاون مع قطر وإيران؛ لإطلاق احتجاجات وشغب في فبراير 2011.

 

وتم الكشف عن اتصال هاتفي جرى بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم وعلي سلمان فضح التآمر القطري لقلب نظام الحكم في البحرين.

 

وتتضمن المكالمة الهاتفية التي بثتها قناة البحرين في أغسطس 2017 عبارات تؤكد وجود تنسيق وترتيبات قطرية مع الإرهابيين الذين قادوا أعمال الإرهاب والتخريب في المملكة خلال العام 2011، إضافة إلى دور الدوحة الداعم للإرهابيين ضمن مؤامرة ثنائية مع إيرانية ضد المنامة، والتي حاول تنظيم الحمدين التبرؤ منها عبر إرسال قوات درع الجزيرة التي تأسست من أجل حماية دول الخليج العربي الذي تنتمي إليه قطر.

 

كما توضّح المكالمة ما سعت قطر إليه خلال أحداث 2011، وهو قلب نظام الحكم وتشكيل حكومة ائتلافية وسحب قوات درع الجزيرة، والسيطرة على إذاعة وتلفزيون البحرين والإفراج عن الموقوفين كافة على خلفية قضايا إرهابية.

 

أيضا في إطار الكشف عن التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين التي كان يقصد منها قلب نظام الحكم، عرض تلفزيون المملكة تسجيلا لعدة محادثات هاتفية جرت في شهر مارس 2011 بين مستشار أمير قطر حمد بن خليفة العطية وحسن سلطان مساعد علي سلمان، وبينت هذه المحادثات تآمرهما على إثارة الفوضى في البلاد وبثها في قناة الجزيرة.

 

سعة صدر الحكومة

ورغم رصدها المؤامرة القطرية مع المعارضة، أعطت الحكومة البحرينية فرصة لكليهما، ولم تتخذ أي إجراء، وأطلق عاهل البلاد حوارًا وطنيًا بمشاركة المعارضة، ومن بينها جمعية الوفاق في يوليو/تموز 2011، وسرعان ما تعطل، فتم استئنافه مجددا بدعوة من الملك في 10 فبراير 2013.

 

وكعادتها أعلنت المعارضة البحرينية بقيادة "الوفاق" في 18 سبتمبر 2013، تعليق مشاركتها في الحوار الوطني مع الحكومة.

 

وشهدت تلك الفترة هجمات إرهابية ضد رجال الشرطة، وكشفت الداخلية البحرينية تباعا عشرات الخلايا التي كانت تتدرب أو تحرض من قبل الحرس الثوري الإيراني، وبالتزامن مع تلك العمليات نشط علي سلمان وجمعيته في التحريض ضد الدولة سرا وعلنا.

 

وعلى خلفية ذلك اعتقل سلمان في 28 ديسمبر 2014، للتحقيق في ورود بلاغ من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية مفاده قيامه بالتحريض ضد نظام الحكم والترويج لتغييره بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة، وذلك بغية الوصول إلى تغيير النظام، وأنه قد درج على هذا التحريض وذلك الترويج من خلال خطبه وكلماته التي يلقيها في محافل وفعاليات مختلفة، والتي تضمنت دعاوى متطرفة تبرر أعمال العنف والتخريب، فيما أضفى على ذلك صبغة دينية بجعله الخروج على النظام والتحرك ضده جهاداً وواجباً دينياً.

 

كما طالب سلمان- يحسب البلاغ- الدول الكبرى بالتدخل في الشأن البحريني من أجل دعمه لتغيير نظام الحكم المرسوم بالدستور بدعوى أن ذلك سيحقق مصالح تلك الدول.

 

وواجهته النيابة بما تضمنته خطبه وكلماته المسجلة التي ألقاها في محافل عامة، وقد أقر المتهم لدى مواجهته بالتحقيق بإلقائه الخطب والتصريحات العلانية موضوع التحقيقات كافة، وبسائر العبارات التي اشتملت عليها، فأحالته النيابة محبوساً إلى المحكمة.

 

وفي يونيو 2015، قضت المحكمة الجنائية الكبرى في مملكة البحرين بسجنه مدة أربع سنوات بتهم "التحريض علانية على بغض طائفة من الناس بما من شأنه اضطراب السلم العام وعدم الانقياد للقوانين وممارسة أمور تشكل جرائم وإهانة لوزارة الداخلية بوصف منتسبيها بالمرتزقة، وزعم انتماء بعضهم الى تنظيمات إرهابية"، وفي ومايو/آيار 2017 أيدت محكمة التمييز الحكم.

 

حل جمعية الوفاق

وفي 14 يونيو 2016، رفعت وزارة العدل والشؤون الإسلامية دعوى بحل جمعية الوفاق واتهمتها فيها بأنها "تستهدف مبدأ احترام حكم القانون"، وتوفر "بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف".

 

وفي يوليو/تموز 2016 قضت محكمة بحرينية، بحل جمعية الوفاق، وجاء في الحكم أن جمعية الوفاق "دأبت على الطعن في شرعية دستور مملكة البحرين، كما قامت بتأييد ممارسة العنف من خلال نشرها لصور إرهابيين يحملون أدوات حادة باعتبارهم متظاهرين سلميين".

 

وبعد أن نال علي سلمان وجمعيته عقابها بالقانون، كان ما زال ملفه الأسود يحمل جرائم لم يحاسب عليها، وخصوصا بعد أن كان الكيل قد فاض بقطر في ظل استمرار سياستها المزعزعة وللأمن والاستقرار والداعمة للإرهاب في المنطقة.

 

وفي يونيو وأغسطس 2017 بث تلفزيون البحرين التسجيلات الصوتية التي كانت بحوزة السلطات، والتي تظهر تآمر قطر والمعارضة، والتي كان يقصد منها قلب نظام الحكم.

 

ويوم 12 نوفمبر 2017، أحالت النيابة العامة علي سلمان ومساعديه الاثنين إلى المحاكمة، ووجهت إليهم عدة تهم، من بينها "التخابر مع دولة أجنبية لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، بقصد الإضرار بمركزها السياسي والاقتصادي، وبمصالحها القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد".

 

كما تم اتهامهم "بتسليم وإفشاء سر من أسرار الدفاع إلى دولة أجنبية، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد"، لتصدر محكمة التمييز اليوم الإثنين حكما نهائيا بالمؤبد ضد سلمان ومساعديه الهاربين.