خطباء الأوقاف: قضية الوعي أهم المرتكزات للشخصية القوية

أخبار مصر

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة - وزير الأوقاف


انطلقت قافلة الأوقاف الدعوية لمحافظة مطروح يومي الخميس والجمعة، وواصلت عطاءها الدعوي بإلقاء الدروس الدينية بالمساجد الكبرى بمدينتي الضبعة والحمام بمحافظة مطروح، وإلقاء خطبة الجمعة الموحدة تحت عنوان "بناء الوعي وأثره في مواجهة التحديات"، حيث أكد أعضاء القافلة أنَّ الوعيَ بقيمةِ الوطن، وبالتحديات التي يُواجهها، وبالمخاطر التي تحيطُ به، أمرٌ لا غنى عنه.

أكد الدكتور محمد شلبي مفتش عام بالوزارة، من على منبر مسجد "الرحمة" بمدينة الضبعة أن قضية الوعي بالوطن، وبمشروعية الدولة الوطنية، وضرورة دعم صمودها، والعمل على رقيها وتقدمها، باعتبارها أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السّوية، وأحد أهم دعائم الولاءِ والانتماءِ للوطن والحفاظ على مقدراته وكل ذرة من ثراه النّدِي .

 كما أشار إلى أن الوعي بالمخاطر يحتاج إلى إعمال العقل الذي كرَّم الله عز وجل به الإنسان حتى يميز بين الصالح والطالح، حيث يقول سبحانه: "قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ويقول سبحانه : وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ"، وقد نعى القرآن الكريم على أولئك الذين لا يُعملون عقولهم في التفكر والتدبر، ولا يستخدمونها فيما خلقت له، فقال تعالى: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ"، ثم أخبر أن هؤلاء يوم القيامة تدوم حسراتهم، ويعلنون ندمهم.

ومن على منبر المسجد الكبير بمدينة الضبعة أكد الشيخ محمد هلال عامر عضو المركز الإعلامي، أن أعداء الأمة دائمًا يراهنون على تغييب الوعي، وليس ذلك جديدًا على أصحاب الدعوات الهدامة والأفكار المتطرفة الذين لا يرقبون في الأمة إلًّا ولا ذمة؛ فمنذ بداية دعوة الإسلام قام أعداء الدين بمحاولات متعددة للصَّدِّ عنه، معتمدين على تغييب الوعي بقلب الحقائق وكَيل الاتهامات، قال تعالى: "عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ، وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ  مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ"، وكذلك يغيبون الوعي بعدم إفساح المجال لمجرد سماع كلمة الحق.

 ومن على منبر مسجد ”الفتح” بمدينة الضبعة أكد الشيخ صلاح عطية عضو الإدارة العامة للمراكز الثقافية أن بناء وعي بَني وطننا يتطلب الإلمام بحجم التحديات التي تواجهنا؛ لأننا دون إدراك هذه التحديات، ودون الوعي بها، لن نستطيع أن نضع حلولًا ناجحة تسهم في خلق حالة من الوعي الحقيقي.

ولعل من أخطر التحديات التي تواجهنا تلك التحديات التي تهدد أمننا واستقرارنا في أوطاننا ، فالأمن نعمة من أجلّ نعم الله (عز وجل) على الإنسان، حيث يقول سبحانه: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ"، فبدونها لا يهدأ للإنسان بال، ولا تطمئن له نفسٌ، ولا يهنأ بالحياة حتى لو أوتي الدنيا بحذافيرها، فسعادة الدنيا ونعيمها في تحقيق الأمن والاستقرار، يقول نبينا صَلى الله عَلَيه وَسَلم): "مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"، فبدون الأمن لن تقوم دولة، ولن يطمئن أحدٌ على نفسه، أو أهله، أو جيرانه.

وأضاف: من أجل ذلك يجبُ علينا أن نكون جميعًا في يقظة ووعي وحيطة وحذر، وأن نتعظ بغيرنا، وأن نستفيد من تجارب الحياة وخبراتها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، ويقول نبينا صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ، فلنعلم أن حفظ ودوام أمن وطننا أمانة في أعناقنا جميعًا، كل في مجاله وميدانه، والحفاظ على الوطن من أهم الضروريات لحفظ الدين وبقاء الدنيا، فبدون الوطن لن نتمكن من عبادة الله (عز وجل) ، وبدون الوطن لن نستطيع إعمار الأرض التي أمرنا الله (عز وجل) بإعمارها ، وإن أي وطني شريف لا يتردد لحظة في أن يفتدي وطنه بنفسه وماله ، فكيف يكون المُفتدى به أهم وأغلى من المفتدَى ، ومن ثم يجب الأخذ على أيدي المفسدين العابثين بأمن الوطن واستقراره ، وتحذير الناس منهم، حتى لا يوردونا موارد الهلاك.

 من على منبر مسجد جامعة الدول العربية بمدينة الحمام أكد فضيلة الشيخ  محمد عبد الرحمن مفتش عام الدعوة، أن الوعي الحقيقيّ هو البناء لا الهدم، والإعمار لا التخريب، وعليهم أن يقتحموا الصعاب، وأن يواجهوا التحديات بعزيمة قوية، وروح وثابة نحو البناء والتعمير، وعمارة الكون، وحب الخير للناس جميعًا، مؤمنين بحق الجميع في الحياة الكريمة، بغض النظر عن الدين، أو اللون، أو الجنس، أو العرق.

وأكد ضرورة التكافل الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الحنيف من خلال الترغيب في العمل التطوعي، والدعوة إلى المسابقة في الخيرات، والمنافسة فيها، والمسارعة إليها حتى لا تسيطر علينا الفردية، أو الأنانية، أو السلبية، فقال تعالى : "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، وقال سبحانه : "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا".

 كما أشار  إلى أن للإرهاب مخاطرَ كثيرة، والوعي الحقيقيّ هو سلاحنا لمواجهة هذه المخاطر؛ فالإرهابُ يحارب مقاصد الشريعة التي من أهمها: حفظ الدين، والوطن، والنفس، فالإرهاب لا يقر حرية الاعتقاد التي كفلها القرآن الكريم للناس جميعا في قوله تعالى "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، والإرهاب لا يعرف حرمة دور العبادة التي حفظها الإسلام كلها، دون أدنى تفرقة، وحرم الاعتداء عليها قولًا أو فعلًا، حيث يقول سبحانه: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا"، والإرهاب لا يعرف حرمة النفس التي حرم الله (تعالى) التعدي عليها، سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة.