العالمي.. "الفجر" فى قرية رامي مالك صاحب الـ"جولدن جلوب"

العدد الأسبوعي

رامي مالك
رامي مالك


والدته مأمورة ضرائب ووالده مرشد سياحى شارك فى حرب أكتوبر

والده كان حريصاً على تربيتهم كمصريين وسماع الأغانى ومشاهدة الأفلام العربية

الأم تؤمن بالحسد وطالبت العائلة بالصلاة من أجله عقب فوزه بالجائزة

أشقائه جاسمين طبيبة طوارئ وتوأمه سامى مدرس فى لوس انجلوس


على بعد ٣٠ كيلو شمالى محافظة المنيا وبالتحديد فى عزبة فلتاؤس التابعة لقرية الطيبة بمركز سمالوط يوجد منزل عائلة الفنان رامى مالك، الفائز بجائزة جولدن جلوب الأمريكية والمرشح للحصول على الأوسكار أهم جائزة سينمائية ليس فى الولايات المتحدة الأمريكية، فقط حيث يعمل ولكن الأكبر والأهم على مستوى العالم.

عبر طريق غير ممهد وجدنا صعوبة فى الوصول إلى العزبة، وبمجرد الدخول إليها يستطيع أهالى العزبة التعرف على الغريب القادم إليهم، ويسألونه أولاً عن هويته ومن أين أتى ؟.. وبعد أن أخبرناهم أننا نريد الوصول لمنزل رامى تطوع عدد منهم لاصطحابنا إليه.

لا أحد فى العزبة يجهل رامي، الجميع يعرفونه وفخورون بانتمائه للعزبة، والجميع يحبونه وبعضهم يرون فيما حققه دليل على إمكانية تحقيق الأحلام بالفعل، أم الصبية فيعتبرونه «محمد صلاح الفن»، فيما يرى شباب العزبة أن الوصول للعالمية ليس أمراً صعباً خصوصاً أن أحد أبناء العزبة استطاع تحقيق الأمر بالفعل، إذن لا يمكن لأى معوقات أن تمنع أى شاب من الوصول بأمنياته إلى واقع.

فى منزل كبير نسبياً استقبلنا المحاسب عصام فوزي، والذى عرف نفسه بأنه ابن عم الفنان رامى مالك، وأدخلنا إلى بهو المنزل الكبير المكون من 3 طوابق، داخل البهو توجد صورة صغيرة لرامى، وإلى جواره صور القديسين وبعض الأباء الكهنة.

أول زيارة لرامى مالك فى هذه القرية الصغيرة التى نشأ فيها والده سعيد مالك كانت منذ ١٣ عاماً استقبلته العائلة الصعيدية فى مطار القاهرة، وكان عمر رامى حينئذ ٢٤ عاماً.

يقول بعض أفراد العائلة إن وزن رامى فى زيارته الأولى كان أكبر من الواقع الحالى، واستغربنا أن يتحدث العربية بطلاقة وظننا أن الشاب الأمريكى الذى ولدته أمه فى لوس أنجيلوس بالولايات المتحدة الأمريكية سيطلب مساعدة والده لترجمة حوارنا معه، لكننا اكتشفنا عكس ما ظننا به وفوجئنا بلكنة صعيدية توحى أنك تجلس فى صحبة عمدة صعيدى يقيم فى نجوع المحافظة.

جلس حينها رامى وسطنا وحدثنا عن مشواره الفنى الذى يرغب فى الوصول إليه داخل قصور الفن والتمثيل فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقال إنه يشارك فى بعض الأفلام الأمريكية بأدوار بسيطة، وأخبرنا أن مثله الأعلى فى التمثيل داخل مصر عمر الشريف، والفنان عادل إمام مثل أعلى فى التمثيل داخل بلده مصر.

امتدت الجلسات الحوارية مع أسرته فى المنزل الصغير بعزبة فلتاؤوس وأخبرهم أنه رفض نصائح أصدقائه فى الولايات المتحدة الأمريكية بترك مجال التمثيل فى محاولة منهم لإحباطه، نظراً لأدواره الصغيرة التى لا تحظى بمشاهدة كبيرة فى دور السينمات الأمريكية، واستمر الإحباط كالصداع فى رأسه خصوصاً مع وجود عروض ليعمل بوظائف كثيرة فى التجارة، لكنه رفض وأصر على تحقيق غايته فى الوصول إلى ما يريد.

استكملنا الحوار مع عائلته المتحدث عنها الأستاذ عصام واصطحبنى إلى طابق علوى وأشار بيده اليمنى :»هنا يسكن والد رامى والدته» عندما كانوا يأتون إلى زيارة مصر، وسمح لنا الرجل بالتجول داخل الشقة ذات الأثاث الراقى على الطراز الأمريكي، والشقة مكونة من 3 غرف وصالة كبيرة يتوسطها مطبخ على الطراز الأمريكي، وتزخرف جدرانها بنقوش ملونة، معلق على جدرانها صور لوالد ووالدة رامى تجمعهم أثناء حفل زفاف ابن عم رامى الأصغر.

يقول عصام فوزى ابن عم الفنان الأمريكى من الأصل المصرى رامى مالك، :»عندما قررت أسرة رامى زيارة مصر عام ٢٠٠٥ قررنا أن نجهز هذه الشقة، وبالفعل جهزنها فى أقل وقت ممكن وعلى الطراز الأمريكى حتى لا تختلف عن المنزل الذى يعيشون فيه بأمريكا».

يحكى عصام، 43 عاماً، عن عمه الذى كان يعيش فى نفس المنزل قبل أربعين عاماً من اليوم :»والد رامى كان شاباً قوى البنيان يعمل مرشداً سياحياً لدى إحدى الشركات الكبرى فى القاهرة، قبل أن يهجر المنيا ليستقر فى القاهرة فى ثمانينات القرن الماضي.. وعقب إنهاء دراسته التحق بالجيش فى ١٩٦٨ وشارك فى حرب ١٩٧٣ ضمن سلاح المدرعات وبالتحديد فى معارك ثغرة الدفرسوار، ولكنه لم يعد مع من عادوا توقعنا أنه استشهد هناك بالمعركة، فأرسلنا تلغرافات للجيش للاستفسار حول إذا كان هو وأخوه مختار الذى كان ايضاً يخدم فى نفس الفترة داخل الجيش، ولكن التلغرافات لم تسفر عن شيء، وبعد فترة طويلة عاد الشقيقان مختار وسعيد إلى المنزل، بعد أن كنا أصحبنا شبه متاكدين من استشهادهما لتعم الأفراح داخل العائلة حتى أننا جلسنا لإطلاق الطلقات النارية فى الهواء ثلاث أيام متتالية فرحاً بعودتهم من الحرب.»

بعد محاولات كثيرة سمح لنا الرجل بالاطلاع على ألبوم صور العائلة، الذى كان يحتفظ به فى درج محكم الإغلاق داخل غرفة مكتبه، وكان من ضمنها الألبوم صورة صغيرة قديمة ولكن لاتزال محتفظة برونقها لولد رامى أثناء فترة خدمته فى الجيش كضابط احتياط فى سلاح المدرعات فى الفترة ما بين 1968 حتى ١٩٧٤.

يضيف: «كان والد رامى مثل أى من شباب العائلة يحلم بالسفر إلى الخارج ولكن قبل ذلك عمل بالقاهرة فى إحدى شركات السياحة الكبرى هناك، كمرشد سياحي، وهناك تعرف على زوجته جاكلين التى كانت تعمل فى مأمورية الضرائب فى منطقة مصر الجديدة، ليستقر هناك عقب الزواج وبالتحديد فى ميدان الجامع، لينجبا أول أبنائهم «جاسمن»، وقبل أن تتم عامها الأول قررا الهجرة إلى أمريكا».

وتابع :» وفى أمريكا أنجبا توأماً «سامى و رامي»، وسبق سامى رامى بلحظات، ولم يكن هناك اختلاف كبيراً بينهم حتى فى الدراسة، فكان رامى يتميز بالذكاء والدهاء فيما كان يتميز سامى بالاجتهاد فى المذاكرة، وكان والد ووالدة رامى يسعيان إلى أن يصبح رامى محامياً مرموقاً إلا أنه التحاقه بجامعة إيفانسفيل فى إنديانا التى حصل منها على بكالوريوس فى المسرح».

ويستكمل عصام حديثه: « كان والد رامى كان أكبر المعجبين بابنه ودائماً ما كان يتحدث معنا عن رامى وأنه سيصبح نجماً كبيراً يضاهى فى نجوميته عمر الشريف، وتوقع حصوله على جوائز كثيرة خلال مسيرته الفنية، رغم أن ذلك الحديث كان فى ٢٠٠٥ ووقتئذ لم يكن رامى مشهوراً بعد، ولكن الوالد كان المشجع الأول لابنه منذ بدأ الدخول إلى عالم السينما واتذكر أنه عندما زاروا مصر فى ٢٠٠٥ كان معه عدد من كبير من شرائط الفيديو التى كان مسجلاً عليها أعمال شارك فيها رامى وكان يفرجنا عليها وكان سعيداً جداً وهو يشاهد رامى كممثل، وكان دائماً ما يشجعه فى عمله».

ويقول عصام أيضاً أن والد رامى أصر أن يربى ابنائه الثلاثة تربية شرقية بحتة، وأن يخرجوا مصريين ١٠٠٪ حيث كان يعلمهم عادات وتقاليد الصعيد ويطالبهم بالمحافظة عليها، علاوة على أنه كان مهتماً بأن يتحدثوا اللغة العربية داخل المنزل، ويحكى لهم عن مصر وعن الممثلين والمغنيين وجاء بهم إلى مصر خصيصاً لمشاهدة وطنهم الأول ويطلعهم على البيئة التى تربى وكبر فيها ليزرع فيهم الانتماء إلى مصر.

أما فيما يخص والدة رامي: «والدته كانت تخاف عليه من الحسد جداً وفى آخر اتصال معها قالت لنا: « أنا خايفة على الولد جداً من الحسد صلوا لأجله جداً»، تخوفات والدته زادت جداً عقب حصول رامى على جائزة «جولدن جلوب»، وكانت خائفة عليه من الشهرة وأن يتعرض للحسده من الناس».

أما عن علاقة الأسرة برامى يقول عصام، :»آخر اتصال جمع بيننا وبين رامى كان منذ فترة طويلة وذلك بسبب انشغاله طول الوقت بالأعمال الفنية التى يشارك فيها فى السينما الأمريكية، وبنحاول الاطمئنان عليه من خلال أقاربنا فى الولايات المتحدة الأمريكية لأنهم أكثر تواصلاً معه هناك».

يشير فوزى إلى أن بعض أفراد العائلة حاولوا السفر إلى أمريكا إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل : «حاولنا نسفر شباب العيلة لأمريكا بعد ما رأينا نجاح رامى إلا اننا وجدنا صعوبة كبيرة فى الحصول على التأشيرة وذهبنا إلى السفارة الأمريكية أكثر من مرة ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل».

إلى جانب فوزى يجلس ابن شقيقه الصغير ذا الخمسة عشر عاماً ويدعى بيشوى والذى قال لنا: « بالطبع أحلم أن أكون مثل رامى وأن أصبح مشهور مثله فهو نموذج جيد يجب استلهامه، جميع أهالى القرية هنا يريدن أن يصبحوا مثله وجميعهم يشاركون أخباره وصوره على فيس بوك».

ويضيف بيشوى: « رامى بقى زيه زى محمد صلاح، كل الناس عايزه تسافر تبقى ناجحين زيهم ومعروفين، الناس هنا بتفخر إن رامى من قريتهم، حتى إن بعض الأطفال أطلقوا على أنفسهم اسم رامى تيمنا بالنجاح الذى حققه».

يحلم بيشوى بالسفر إلى الخارج وأن يلتحق باحدى اندية كرة القدم الكبرى وأن يصبح مشهوراً ويحصد الجوائز ليكون فخراً للعائلة كما أصبح رامى مالك، رمزاً مصرياً.