د. بهاء حلمي يكتب: الأمن الرياضي بين المفهوم والتطبيق

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


بمناسبة تنظيم مصر لمسابقة أمم إفريقيا 2019 نعيد طرح موضوع الأمن الرياضى من حيث المفهوم والتطبيق، فمن جهة المفهوم يُعد الأمن الرياضى مفهوما حديثا على الساحة الرياضية والقانونية على الصعيد الدولى، وتعتبر معايير السلامة والأمن من أهم العناصر التى يرتكز عليها هذا المفهوم سواء أكان عند تنظيم الفعاليات الرياضية أم عند سن التشريعات الوطنية.

فالأمن الرياضى يعنى سلامة جميع عناصر الرياضة ومنشآتها وتأمين المواطنين والجماهير فى تنقلاتهم وتحركاتهم ومشاهدتهم للفعاليات الرياضية المختلفة وعدم الإخلال بالأمن والسلم والنظام العام، والالتزام بالأخلاق الرياضية. والقيم والأعراف التى تليق بتاريخ وحضارات الشعوب.

ويعد أمن الملاعب أحد عناصر الأمن الرياضى لأنه يعنى المحافظة على سلامة الجمهور والمرافق الرياضية وأمن الشخصيات المهمة التى تحضر المنافسات الرياضية خاصة أن ملاعب الكرة تستقطب أعدادا كبيرة جدا من الجماهير والحشود الرياضية من مختلف الأعمار والطبقات والمستويات الفكرية والثقافية مما يلقى بظلاله وعبء مسئولياته على الأمن بالدولة المضيف.

بالتالى فإن ضمان توافر شروط الأمن والسلامة لإقامة ومشاهدة المباريات الرياضية حتى انتهاءها والحفاظ على الأمن والطمأنينة والسلامة أمور منطقية تندرج تحت مفهوم الأمن الرياضى بجانب الالتزام بالاشتراطات المقررة للأمن والسلامة بالملاعب الرياضية وفقا للوائح فيفا والاعتماد على شركات أمن خاصة لتأمين المباريات تنسيقا مع الشرطة وتحت إشرافها، والأخذ بتعيين مسئول للأمن بكل اتحاد أو ناد للتواصل والتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة قبل وأثناء وبعد المباريات،بجانب مسئولية الدول والاتحادات الوطنية والأندية عن تأمين حضور الشخصيات المهمة وتفتيش الجمهور قبل دخول الملاعب لمنع حيازة أى أسلحة أو ألعاب نارية أو أى أدوات يمكن استخدامها فى أعمال العنف. والاعتماد على التكنولوجيا وتركيب كاميرات بالاستادات من الداخل والخارج، ومراجعة سلامة المنشآت والمبانى والمدرجات والمداخل والمخارج والبوابات والإضاءة والكهرباء وتجهيزات الإطفاء والحماية المدنية والتدريب على خطط الإخلاء فى حالات الكوارث الطبيعية أو الانهيارات أو الحرائق لا قدر الله. إضافة إلى أن الأمن الرياضى يعنى الالتزام بإجراءات مكافحة غسل الأموال وحظر المراهنات والفساد ومنع أى تلاعب فى النتائج.

كما يتعين على مسئولى الاتحادات الوطنية الإخطار قبل المنافسات عن أى مشكلات أو أى حالات عداء تاريخى بين الجماهير، لقد تطور مفهوم الأمن الرياضى بتطور التكنولوجيا الأمنية والتدريب المستمر للعناصر المسئولة عن التأمين بالملاعب والمنشآت والفعاليات الرياضية وحمايتها من الإرهاب.

إن المعرفة والتخطيط العلمى يحمى كيان الرياضة وأمن المجتمع ولا سبيل لنا سوى الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الأمنية بجانب تدريب وتأهيل العناصر البشرية المناط بها التنظيم والتأمين مع طباعة تذاكر ذكية مزودة بتقنية بصمة الوجه تسجل من خلال أجهزة يدوية سريعة مرتبطة بقواعد بيانات للكشف عن ارتكاب صاحبها لأى وقائع شغب سابقة أو صدور أى أحكام ضده وذلك عند دخول الملاعب، أما الكاميرات فهى لرصد جميع المدرجات المقاعد وجميع أجزاء الملاعب وأماكن انتظار السيارات وللكشف عن أى أشياء متروكة أو أى تحركات غريبة تستدعى التدخل للتعامل معها من أجل الحفاظ على سلامة الأفراد والمنشآت والمجتمع ككل.

إن خطر الإرهاب لا ينحصر فى حدوث تفجير هنا أو هناك فحسب وإنما يسعى لإحداث أكبر خسائر فى الأرواح البشرية لمحاولة تأليب الرأى العام على الحكومة والنظام وإظهاره بموقف الضعف وعدم القدرة على توفير الأمن للمواطنين كما أن تحقيق السيطرة الأمنية على مجريات الأحداث والفعاليات الرياضية لا تتأتى إلا من خلال الالتزام بسيادة القانون والأداء المهنى والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وهو ما نتوقعه وينتظره العالم من مصر.

إن مصر حريصة كل الحرص على أن تنقل التكنولوجيا الحديثة فى وسائل وأساليب تأمين الملاعب الرياضية وأن تبادر بتطبيق الوسائل التكنولوجية الحديثة فى تطبيق المفهوم الشامل للأمن الرياضى بما يشمله ذلك من تأمين وسائل الانتقال وأماكن الإقامة وسيولة المرور، ومتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى للكشف عن أى تحريض على استخدام العنف وحظر أى لافتات تحمل أى عبارات مسيئة أو تشير إلى التمييز أو العنصرية أو تخالف القيم والسلوك الأخلاقى والأعراف السائدة.

ويثار التساؤل عن الأساليب الجديدة التى يمكن الاستعانة بها لتنظيم فعاليات الأمم الإفريقية القادمة على غرار ما يتم إنجازه من مشروعات عملاقة نشاهدها تباعا تعلن عن مصر الحديثة؟ هذا ما سوف نراه خلال فعاليات أمم إفريقيا 2019 بإذن الله تعالى.