طارق الشناوي يكتب: خانة الديانة بين الهوى والهوية!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


في أيام «الصعلكة»، استضاف الكاتب كرم النجار فى منزله الكاتب وحيد حامد، بعد أن استقر وحيد فى القاهرة، ظل الكاتبان يقتسمان اللقمة والفكرة والنكتة معا، كل منهما بدأ مشواره فى الكتابة الدرامية، كان كرم قد سبق وحيد أعواماً قليلة، الغريب أن وحيد لم يكن يعلم أن كرم مسيحى إلا فقط مصادفة عندما كان كرم خارج البيت، وجاء مُحضر ووقع وحيد بالاستلام، عندها فقط لاحظ أن اسم كرم الرباعى يدل على ديانته، ولم تكن لتلك المعلومة أى ظلال أخرى.

كان كرم النجار قد تلقى رسالة إشادة من الأزهر الشريف بعد أن كتب الجزء الأول من مسلسل (محمد رسول الله)، جاء فيها (نشكركم على حسن إسلامكم)، لم يجد حرجاً أن يضعها فى حجرة الصالون.

نعم.. أضم صوتى لدعوة د. منى مكرم عبيد على صفحات «المصرى اليوم»، إلا أننا يجب أن ننتهى إليها، لا أن نبدأ بها.. أتحدث عن إلغاء خانة الديانة من الرقم القومى، أسماؤنا الرباعية بنسبة تتجاوز 90% تدل على ديانتنا، ومن الواضح أن داخل الدولة صوتاً لا يرحب أبدا بتلك الخطوة، حتى لو كانت لا تقدم ولا تؤخر فى شىء، لأن من تشغله معرفة الديانة لن يُعدم وسيلة فى الوصول إليها.

تأملوا هذا الموقف.. فى شهر سبتمبر 2010 قبل إجبار الرئيس الأسبق مبارك على التنحى فى ثورة 25 يناير، التقى وقتها بعدد من النجوم وأعقب ذلك لقاؤه مع المثقفين، ولم يبُح أى من الفريقين بالتفاصيل إلا لماما.. وإليكم واحدة، فى اللقاء الوحيد الذى حضره يحيى الفخرانى مع مبارك، قال لى يحيى إنه حرص على أن يقول للرئيس الأسبق إن مطلبه هو إلغاء خانة الديانة من الرقم القومى، ولم يتلق إجابة، فاعتقد أن مبارك لم يسمع السؤال، فكرره، وصمت مبارك، فأيقن بعدها الفخرانى أن الرئيس يخشى أن يتورط فى إجابة تتحول إلى قرار والدولة غير مهيأة لاتخاذه.

جزء من المجتمع وبينهم- مع الأسف- نجومه بحاجة إلى إعادة ضبط وربط زوايا الرؤية، وتحديد دورهم فى المواجهة، بعد أن أصبحوا جزءا من المشكلة، لديكم مثلاً فيلم «فيلم هندى»، أخرجه منير راضى قبل 17 عاما، وأسند بطولته إلى أحمد آدم وصلاح عبدالله ومنة شلبى ودعاء حجازى، بعد أن تلقى المخرج العديد من الاعتذارات عن أدوار الرجال، بسبب حساسية الموضوع، بل إن المفارقة أن الرقابة أصرت على أن يتم تغيير اسم البطل «صمويل» ليصبح «عاطف»، قال لى منير راضى وقتها إن نصف نجوم مصر الذين كانوا فى مرحلة الشباب مثل محمد هنيدى والراحل علاء ولى الدين والسقا وكريم.. وغيرهم قد تراجعوا عن أداء شخصية صمويل، حتى بعد أن أصبح اسمه عاطف، اعتبروها ورطة قد تؤثر على مكانتهم لدى الجمهور.

الإحساس بالطائفية هو الذى دفع مثلاً الممثل مجدى وهبة فى أعماله الفنية الأخيرة إلى إضافة محمد ليصبح اسمه ثلاثيا، اعتقد أنه لا يحصل على فرصته، لأن المنتجين والمخرجين يعتقدون أنه مسيحى، فكان الحل هو الاسم الثلاثى، وتجاهل الحقيقة أنه بدأ مرحلة الأفول الفنى.

المأزق ليس أن هذا جرجس بنجر وذاك محمد بنجر، ولكن أن نُدرك جميعا أن الإنسان هو الإنسان، والبنجر هو البنجر.. نلغى خانة الديانة من الهوى الشخصى قبل إلغائها من الهوية الرسمية.