طارق الشناوي يكتب: القبضة الواحدة ليست هي الحل!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


امتدت سيطرة شركة إعلام المصريين إلى مبنى (ماسبيرو) بما يشكله فى الضمير الجمعى المصرى من تاريخ مشرف عبر زمن يقترب من ستة عقود، كان فيها هو العنوان الاثير بل الوحيد، القبضة الواحدة استراتيجيا ضد قوة مصر الناعمة، فهى تلغى تماما التنافس، ناهيك أن إحساس القوة المفرطة لأى منظومة هو بداية النهاية.

ظاهريا لن تجد بديلا متاحا، أكرر، ظاهريا فقط، لأن دائما هناك بدائل ستولد وستزداد قوة مع الزمن، خاصة أنها متحررة من السيطرة الرسمية.


منح كل الخيوط لقبضة واحدة سيؤدى لا محالة لرغبة فى فرض الذوق الواحد وأيضا لزيادة قوائم المبعدين، ستكتشف أن الأسباب ليس لها علاقة بتعليمات من جهات سيادية بقدر ما هى تعبير طبيعى عن القوة التى تدفع لا شعوريا من يتمتع بها إلى استعراضها، بالسماح لهذا ومنع ذاك.


تعدد النوافذ بات يشكل روح الزمن، وهو الذى دفع مصر للسماح بتواجد قطاع خاص إعلامى منذ نهاية التسعينيات، وهكذا سُمح لعدد من رجال الأعمال الذين تثق الدولة فى ولائهم لتملك عدد من القنوات، مع الزمن زاد التخبط وتعددت الفضائيات فأصبحنا نعيش فى عشوائية، كنا نتابع دمجا وانفصالا بين قناة وأخرى بدون أسباب، كل هذا دفع الدولة لطرح بديل القبضة الواحدة، عشنا فعلا وضعا خاطئا فى نظام الإعلام السابق.


القنوات الخاصة ذهبت تباعا وبرضاها ولم يفرض عليها أحد أن تبيع أسهمها لإعلام المصريين، فليس أمام القائمين عليها حل آخر، بعد أن تراكمت الديون وبات السجن هو الكابوس الدائم. ظل (ماسبيرو) بعيدا عن تلك المنظومة بتكوينه الاقتصادى التابع مباشرة للدولة، إعلام المصريين لن يهدر طاقته الاقتصادية فى الدخول بعمق لمواجهة مشكلات ماسبيرو المستعصية، والتى تفاقمت أكثر منذ ثورة 25 يناير، فقد المبنى المترامى الطوابق والأطراف تأثيره فى الشارع، كما أن غياب منصب وزير الإعلام المدرك لطبيعة المهنة، دفع ماسبيرو مجبرا لبحر الظلمات، وعندما فكروا قبل عام فى التطوير كان النتائج هزيلة.


يتردد أن الهدف هو فقط إنقاذ القناتين الاولى والثانية والفضائية، أما عشرات القنوات الأخرى فهى تظل عبئا زائدا، لا تدرى الدولة كيف تتخلص منه.


كانت خطة صفوت الشريف التوسع الأفقى وملء الدنيا قنوات هنا وهناك متخصصة وغير متخصصة، على أمل السيطرة الفضائية العربية، فأصبحت هى نقطة الضعف الرئيسية فى المنظومة برمتها، التى تلتهم أى طاقة مادية، فلا مفر سوى أن تتبدد فى دفع المرتبات، ولا يستطيع أى مسؤول أن يتحدث عن منح معاش مبكر للعمالة الزائدة التى صارت معرقلة، وإلا ستتم الإطاحة بالمسؤول فى لحظات (عض قلبى ولا تعض رغيفى).


(ماسبيرو) عبر التاريخ هو مصنع الموهوبين هذه حقيقة، وأغلب اللامعين فى الفضائيات مصريا وعربيا هم أبناؤه، إلا أن القيادات فى السنوات الأخيرة تمارس المهنة على طريقة النجار فى علاقته مع المسمار، كل من يلمع ويبرز رأسه ينهالون على رأسه بالشاكوش. لا أتصور أن إعلام المصريين سيمنح المبنى شيئا من رحيق الحياة، إلا ربما بعض مسلسلات رمضان على طريقة (حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة)، خضوع (ماسبيرو) لسيطرة القبضة الواحدة ليس هو أبدا الحل!.