الحملة في شباك الاتهام

خليها تصدي.. مؤامرة أم تحالف ضد غلاء السيارات؟ (تحقيق)

تقارير وحوارات

خليها تصدي
خليها تصدي

 

  •  خليها تصدي حملة لمقاطعة السيارات بدأت من "فيس بوك"
  •  5 مطالب مثيرة لأعضاء حملة خليها تصدي
  •  العاملون بالسوق: حملة مغرضة.. وتأجيل الشراء ليس في مصلحة العميل
  •  واقتصاديون: حملة خليها تصدي وراء انخفاض أسعار السيارات.. والإجازة الصينية لها يد

 


دشن مجموعة من الشباب مجموعة على موقع "فيس بوك" حملة بعنوان "خليها تصدي– زيرو جمارك"، وذلك ردا على جشع التجار، وعدم تخفيضهم أسعار السيارات، خاصة بعد تطبيق اتفاقية "زيرو جمارك".


واللافت للنظر أن الجروب شهد إقبال كبير من المواطنين، حيث تخطى أعضاء الجروب الـ 242 ألف عضو، فضلا عن تحمس الأعضاء لتفعيل المبادرة، وتحفيز غيرهم للانضمام للجروب، ومقاطعة شراء السيارات، وتنفيذ المطالب التي أعلن عنها ممثلي الجروب.

وقد تزامن مع اطلاق جروب "خليها تصدي – زيرو جمارك"، اطلاق عدد من الصفحات الالكترونية الأخرى، والتي لها نفس الهدف، واتخذت أسماء تدل على أن هدفها لا يختلف عن هدف الجروب الأساسي مثل "خليها تصدي"، و"خليها تصدي حملة مقاطعة السيارات".

 

مطالب أعضاء حملة خليها تصدي

وتمثلت المطالب التي أعلن عنها مدشنو الجروب الأساسي، في اعتذار شعبة السيارات عن كل المخالفات التي ارتكبتها خلال الفترة الثانية، تحديد هوامش ربح مقبولة للتجار والوكلاء والموزعين بهدف ضبط صناعة السيارات، وتوقف أعضاء أو من يمثلون الشركاء والوكلاء والتجار عن أي تصريحات مضللة لوسائل الإعلام عن حركة البيع والشراء، فضلا عن التنسيق مع حماية المستهلك لمزيد من الضغط الإيجابي على حالة الوكلاء والموزعين لضبط سوق السيارات، والالتزام التام بالشفافية في عروض البيع والصيانة.

وعلى الجانب الآخر، نشرت صفحة "خليها تصدي" تحذيرا أن وكلاء السيارات أعلنوا على الكثير من وسائل الإعلام أن الحملة نجحت وأن أصحاب التوكيلات في أزمة ليصل للمستهلك الشعور بالانتصار، ولكن في الحقيقة أنه لم يحدث أي تغيير في أسعار السيارات.

وأوضح مسئولي الصفحة، أن وكلاء السيارات أدركوا أن العناد مع الشارع قد ينعكس عليهم بالسلب، وأدرك وكلاء السيارات أن شكوى المستهلك في مصر بأت في الخروج من محيط مصر إلى محيط الدول المصنعة، مما يضع الوكلاء في مشكلة كبيرة مع الشركات الأم في الخارج.

وأكد مسئولي الصفحة، أن الحملة يجب أن تستمر لفترة طويلة، مع استمرار ارسال الشكاوى، والتوضيح للشركات الأم مدى تأثير سياسة وكلائهم في مصر على شركاتهم، مطالبين بانضمام أكبر عدد للحملة، والصبر لحين خضوع وكلاء السيارات، مع عدم الالتفات لما ترسله القنوات الإعلامية، معتبرين أن هناك قنوات لها مصالح مع وكلاء السيارات في مصر.

 

العاملون بالسوق: حملة مغرضة.. وتأجيل الشراء ليس في مصلحة العميل

وقال المستشار أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة مصنعي السيارات، إن حملة "خليها تصدي" لمقاطعة شراء السيارات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، قد أثرت على مبيعات السيارات، بالإضافة إلى أن شهري يناير وفبراير من كل عام يشهدان انخفاض في حجم مبيعات السيارات.

وأشار إلى أنه ليس ضد الحملة، فمن حق المنضمين للحملة التعبير عن رأيهم، ويعترضوا على الأسعار، ولكن لا يجب عليهم تحميل سبب ارتفاع الأسعار على التجار ووصفهم بالجشعين، موضحًا أن التاجر ليس له علاقة نهائيا، بل أن التاجر يقف مع المستهلك قلبا وقالبا، معلنا رفضه التطاول الذي يقوم به أعضاء الحملة على التجار، قائلا: "التجار يعترضون على أسلوب القذف والسب الممارس ضدهم، فهو أمر بعيدًا عن الأخلاق المصرية".

وأيد مطالبة أعضاء الحملة بتدخل الحكومة، موضحًا أنه من حق الدولة أن تشرف على هوامش الربح للوكلاء، والتأكد أنها مناسبة مع المعدلات العالمية، حيث لا يجب أن يحدد الوكيل هامش ربحه بالإرادة المنفردة، بل يجب أن تكون السيارات سلعة استراتيجية وليس استفزازية.

وعن مطالبة أعضاء "خليها تصدي"، أن تباع السيارات بنفس سعر استيرادها وإضافة 19% للدولة، عقب "أبو المجد"، متسائلا: "هى العربية بتيجي لوحدها من بره"، موضحًا أن هناك قائمة أخرى من المصروفات يتحملها التاجر على سعر السيارة، منها إيجاز المعارض، والتأمين، والمرافق، والرواتب، ومصروفات الدعاية، والضرائب.

وأكد أنه ضد مبالغة بعض التوكيلات في هامش ربحهم، لافتا إلى أنه قد سبق وقاطع التجار توكيل لإحدى السيارات لمبالغتهم في الربح، وتصدوا لظاهرة "الأوفر برايس"، مضيفًا مخاطبا أعضاء الحملة، "التجار ليسوا لصوص، ومعاكم، ومفيش داعي تشتموا الناس"، منوها بأن هناك توكيلات خفضت 50 ألف جنيه من أسعار السيارات، ومستحيل يتم تخفيض مليم واحد آخر.

ونوه بأن الفترة الماضية شهدت قيام توكيلات كثيرة بالغاء طلبات الاستيراد، كما توقف المستوردين تمامًا عن الاستيراد، مضيفا: "من يفكر يدفع 100 مليون جنيه عشان يستورد.. وفالآخر يقولك خليها تصدي"، وهو أمر ضد مصلحة الاقتصاد القومي.

وأعلن رئيس رابطة تجار السيارات، موافقته أن يجلس مع أعضاء الحملة، ويقوم بتوصيلهم إلى أًصحاب التوكيلات للوصول إلى حل، قائلا: "إحنا تجار مصر بنقولكم تعالوا اقعدوا معانا، ونروح نقعد مع التوكيلات".

وانتقد المهندس جمال عسكر، خبير السيارات وهندسة الطرق، حملة "خليها تصدي" لمقاطعة شراء السيارات، معتبرًا أن فكرة الحملة تستهدف تشويه العقول والأفكار، والحاق الضعف بالسوق.

وأعرب "عسكر"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، عن رفضه لحملة "خليها تصدي" واصفا إياها بـ السيئة، ولكن بها جانب إيجابي واحد وهو المطالبة بأن يكون هامش الربح مقبولا للوكلاء والتجار، لافتا إلى أن الصين تبيع 4مليون سيارة سنويا، بينما متوسط حجم بيع السيارات في مصر سنويا يبلغ 150 أو 200 ألف سيارة، وهو رقم "تافه" عند مقارنته بتعداد السكان في مصر.

وأضاف "عسكر"، أن القيادة السياسية والدولة تبذل قصارى الجهد لتشجيع الاستثمار، فنجد أن السوق المحلي أصابه حاله من الركود، متابعا: "لسه بنقول أهلا وسهلا بمرسيدس.. فبنستقبلها بـ خليها تصدي".

ورأى "عسكر"، أن الأسلوب الأمثل والمتبع في الخارج هو عقد حوار مجتمعي بشكل محترم، أو ندوات تجمع بين التجار والوكلاء، والمصنعين، لوضع حلا للمشكلة، ولكن "خليها تصدي" ليس حلا، والسوق سيتأثر في الوقت الذي يجب دفعه للأمام وتنشيطه.

ومن ناحيته رأى المهندس حسين مصطفى، المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، أن حملة "خليها تصدي" ليست إيجابية، لأنها ستؤثر على رغبة المشترين في إتخاذ قرار الشراء، بالإضافة إلى أن كل الأرقام التي تعلنها الحملة عن التخفيضات الجمركية، والأسعار التي تخرج بها السيارة من الجمارك خاطئة، وظالمة للتجار والوكلاء، فضلا عن أن الامتناع عن الشراء سيصيب السوق بحالة من الركود.

وأشار "مصطفى"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، إلى أن حملة "خليها تصدي" مغرضة، و"من ناس مش فاهمة"، وأغلبهم قد لا يهمه شراء سيارات، موضحًا أن التجار والوكلاء خفضوا أسعار السيارات الأوروبية وفقا لاتفاقية "زيرو جمارك"، كما خفضوا أسعار السيارات التي لم يشملها الاتفاقية.

وأكد "مصطفى"، أن تأجيل شراء السيارات ليس في صالح العمل، لأنه لن يتم إجراء أي تخفيض آخر في أسعار السيارات، متوقعًا عودة المواطنين للشراء مرة أخرى بعد اتزان السوق، حيث أن شراء سيارة قرار لا يعتمد على ضغط أو حملة، وإنما يتوقف على احتياجات الشخص نفسه، معتبرًا أنه ليس من الجيد الجلوس مع أعضاء الحملة لأنهم ليسوا متخصصين.

 

اقتصاديون: حملة "خليها تصدي" وراء الانخفاض.. والإجازة الصينية لها يد

و قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إنه لا يوجد سبب واحد ومباشر وراء انخفاض سعر الدولار، ولكن يمكن تحديد 3 أسباب، منوها بأن الدولار سلعة مثل أي سلعة يتحدد سعرها وفقا للعرض والطلب.

وأوضح "عبده"، في  تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن حملة "خليها تصدي" لمقاطعة شراء السيارات لارتفاع ثمنها أحد أسباب انخفاض سعر الدولار، حيث تجنب التجار شراء سيارات بعد أن أصبحت الموانىء مكدسة بالسيارات التي تم استيرادها من الخارج، ومن ثم لم يعد هناك طلب على الدولار.

وأضاف "عبده"، أن المستوردين بدأوا يشعرون أن بضاعتهم مخزنة بعد أن قل طلب المواطن على شراء بعض السلع لارتفاع أسعارها في ظل انخفاض مقدرة المواطن المالية لانخفاض دخله بنسبة لا تقل عن 30%، وبالتالي لم يعد هناك طلب على الدولار.

ولفت إلى أن السبب الثالث لانخفاض سعر الدولار، والذي يعلنه البنك المركزي، هو أن كثير من الدول الأوروبية تريد الاستثمار في آذون الخزانة في مصر، حيث حولت دولارات إلى مصر ومن ثم زاد المعروض من الدولار، وما هو يجب أن يظهر آثره في تقرير البنك المركزي الشهري بشأن الاحتياطي النقدي.

وتابع أن موارد الدولة من الدولار في تحسن كتحويلات المصريين من الخارج، والسياحة، مشددا على ضرورة استغلال زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى معبد أبو سمبل للعمل على تنشيط السياحة، مؤكدا أنه لو تم استثمار هذا الحدث بطريقة صحيحة سيزيد معدل السياحة 5 أضعاف وأكثر.

وعن سعر الدولار الفترة القادمة، توقع "عبده"، أنه لو توسعت الدولة في طرح آذون الخزانة بالجنيه المصري سيؤدي ذلك إلى انخفاض الدولار قروش قليلة.

وأرجع الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد  الدولي السابق، انخفاض سعر الدولار إلى تغيير البنك المركزي لسياسته في التعامل مع صناديق الاستثمار الأجنبية التي تستثمر في آذونات الخزانة منذ 4 ديسمبر 2014.

وقال "الفقي"، خلال تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن البنك المركزي غير من آلية التعامل مع صناديق الاستثمار عندما وجد سوق الصرف الأجنبي بين البنوك جاهز لتحمل تدفقات النقد الأجنبي الداخلة والخارجة، موضحا أن الآلية القديمة كانت تقوم على أن أي صندوق استثمار أجنبي يدخل مصر، يتم وضع أمواله في حساب مجنب في البنك المركزي بعيدا عن الاحتياطي النقدي.

ولفت إلى أنه مع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وبناء الثقة في الاقتصاد المصري دخل مصر استثمارات أجنبية غير مباشرة للاستثمار في آذون الخزانة مبلغ قدره 23 مليار دولار، وتم وضع الأموال في البنك المركزي، موضحا أنه منذ حوالي 8 أشهور ظهرت دول تعطي عائد أكبر من مصر، فتركيا تعطي 24% على آذونات الخزانة، فبدأت تلك الصناديق تخرج من مصر.

ونوه بأنه خرج من الـ 23 مليار دولار الذين دخلوا مصر منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال الثماني أشهر الماضية حوالي 12 مليار دولار، ولهذا قرر البنك المركزي الغاء تلك الآلية في التعامل مع صناديق الاستثمار، وتم ضخ أموال صناديق الاستثمار مباشرة إلى البنوك التجارية، ويحصل على 20% عائد.

وأضاف، "الآية اتعكست منذ 5 أيام وزادت أموال صناديق الاستقمار الأجنبية لمصر"، منوها بأن تصريحات كريستين لاجارد الإيجابية عن مصر منذ أيام، وتأكيدها على ثقتها في الاقتصاد المصري، وتوصيتها بصرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، ساهمت في عودة الثقة لمصر مرة أخرى، بالإضافة إلى أن معدلات السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج في تحسن.

بينما رأى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن انخفاض سعر الدولار ليس ناتج عن تحسن وضع الاقتصاد في مصر، بينما ناتج عن طلب صندوق النقد أن يكون هناك سعر صرف مرن، أي سعر ينخفض ويرتفع.

وأشار "النحاس"، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إلى أنه ليس هناك طلب على الدولار الفترة الحالية، بسبب الأجازة الصينية والتي ستستمر حتى منتصف شهر فبراير، بالإضافة إلى ركود السوق، وتصريحات محافظ البنك المركزي بشأن وجود تحركات متوقعة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ساهمت في انخفاض سعر الدولار.

وتوقع عودة سعر الدولار للارتفاع عقب انتهاء الإجازة الصينية، كذلك أجازة نصف العام الدراسي يتوقف فيها المستوردين عن الاستيراد، ولكن بعد انتهاء تلك الفترة ستعود حركة الاستيراد خاصة وأننا مقبلين على فترة شهر رمضان والتي تزداد فيها حركة الشراء، والاستيراد من الخارج.