"مربع الليمون".. كارثة تهدد أرواح أهالى المطرية

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


يضم 5000 مدمن منهم 300 مريض إيدز و200 طفل


لا تخلو أخبار الحوادث دائما من خبر وقوع تاجر مخدرات فى قبضة رجال الأمن، علاوة على ضبط العديد من المتعاطين، خاصة فى منطقة المطرية بالقاهرة، والتى كان آخرها قبل 3 أيام، عندما سقط صاحب أشهر «دولاب مخدرات» هناك.

وبلغ إجمالى عمليات الضبط حوالى 10 قضايا شهريًا، ما بين الاتجار فى الحشيش والترمادول والهيروين، وخاصة الأخير، فى المنطقة، ما دفعنا إلى خوض جولة ميدانية بالمطرية، للوقوف على أسباب انتشار تجارة وتعاطى المخدرات هناك بصفة عامة والهيروين خصوصا.

انطلقنا فى الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الجمعة الماضى داخل شارع المطراوى، أحد أشهر شوارع حى المطرية، يتفرع منه حارات ضيقة وتحيطه المنازل المتهالكة ذات الأبواب الصفيح والخشب، ويسكنها عائلات فقيرة، لا يخلو منها شاب أو فتاة أو حتى طفل لم يتجاوز عامه العاشر، إلا ويُدمن تعاطى الهيروين.

هذا ما وجدناه فى المكان المسمى بـ«مربع الليمون»، تلك المنطقة صاحبة الصيت الكبير فى تجارة وتعاطى الهيروين. دخلنا المربع المشهور بصحبة أحد الوسطاء المقيمين هناك، الذى كان مصدر إرشادنا ومعلوماتنا عن كل ما يدور داخل هذه البقعة التى يطلق عليها روادها وساكنوها لقب «المستعمرة».

اصطحبنا المصدر إلى «مربع الليمون»، وعقد لنا جلسات مع بعض المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة «إيدز»، وأهالى الشباب الذين أدمنوا الهيروين، وكانت البداية مع أسرة «حسن.م»، الذى لقى مصرعه بعد إصابته بـ«الايدز» نتيجة تعاطيه الهيروين عن طريق الحقن.

وحكت الأسرة لـ«الفجر» المأساة التى تعرض لها ذلك الشاب الثلاثينى، الذى أدمن الهيروين بعد زواجه بشهور، لدرجة أن والدته لاحظت تغييرا واضحا فى سلوكه، وخاصة مع زوجته، إذ اعتاد الاعتداء عليها بالضرب، وذات مرة احتدم الخلاف بينهما فحاول رميها من الطابق الثالث، بعد رفضها إعطاءه مصوغتها الذهبية، يبيعها ليشترى «الكيف».

الصدفة وحدها قادت والدته إلى معرفة حقيقة إدمانه، بعد عثورها على «سرنجة» ملطخة بالدماء داخل الحمام، وعلى الفور بدأت الأم فى مراقبته، حتى تأكدت من أنه سلك طريق التعاطى، بعدما دله عليه أحد أصدقاء السوء فى المنطقة.

وتطور الأمر بعد ذلك إلى قيامه «ببيع عفش الشقة وسرقة تحويشة عمر والدته»، قبل تورطه فى كارثة أخلاقية، إذ أجبر زوجته على ممارسة علاقات غير شرعية مع تجار الهيروين، مقابل تذكرة يتعاطاها، وبينما الأم تحكى لنا ما حدث لابنها الوحيد تساقطت دموعها وأخبرتنا أن فلذة كبدها مات منذ أيام، نتيجة وصول مرض الإيدز إلى مراحله الأخيرة.

تركنا والدة حسن لنلتقى بسيدة عجوز، تقف على باب منزلها فى الشارع وتبكى بمرارة، حتى تجمع الجيران حولها لمواستها، وعندما بادرنا بسؤالها عن السبب وراء كل هذا البكاء، أخبرتنا أن ابنها اعتدى عليها ضرباً وحاول خنقها ليسرق أموالها حتى يشترى تذكرة هيروين.

قالت والدموع تكسو وجهها: ابنى مصاب بفيرس b نتيجة تعاطيه للهيروين، ويوماً تلو الآخر يعتدى على بالضرب ويسرق عفش المنزل، وكل يوم يعود ليلاً فى حالة فقدان للوعى، وكل المستشفيات رفضت استقباله، فحاولت احتجازه فى مصحات الإدمان، إلا أنه كل مرة يفر هارباً ويعود أسوأ مما كان عليه.

وعلى طريقة «طباخ السم بيدوقه»، كانت القصة الثالثة، التى لم تخرج هى الأخرى من مربع الليمون فى المطرية، بطلها نجل تاجر مخدرات يدعى حسن، اعتاد سرقة كميات الهيروين المتوافرة أمامه، بحكم تجارة والده المحرمة، ووصل إدمانه إلى مرحلة متأخرة، انتهت بإصابته بالإيدز، وأوضح الجيران لـ«الفجر» أن الأيام الأخيرة فى حياته شهدت أيضا انتشار مرض السرطان فى جسده بالكامل، حتى إن أعضاءه التناسلية انفجرت، وحاول والده إنقاذه أكثر من مرة، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.

تركنا «مربع الليمون»، وأخبرنا المصدر بوجود سيدة تدعى «دينا كله»، تتخذ حديقة مركز جراحات العيون فى شارع المطراوى مأوى لها، بحسب رواية المارة فى الشارع من سكان المنطقة، الذين أخبرونا أنها مدمنة للهيروين والأستروكس، يقيم معها الشباب علاقات غير شرعية، وثبت مؤخرا إصابتها بمرض الإيدز.

حاول الأهالى مساعدتها فى دخول مستشفى المطرية التعليمى للعلاج، إلا أن إدارة المستشفى رفضت دخولها خوفا على حياة المرضى، اللافت فى الأمر، أن تلك السيدة تقيم فى الحديقة المجاورة لمستشفى المطرية التعليمى بشارع المطراوى، ولم تتخذ إدارة المستشفى أى إجراء رسمى لإبعادها عن المكان أو مساعدتها بتلقى العلاج.

وتعقيبا على ما سبق، قال متولى سعيد، مؤسس «حملة اشفى مدمن» بالمطرية، إنه تواصل مع بعض مراكز علاج الإدمان فى القاهرة، لمساعدة أبناء المطرية على العلاج من إدمان الهيروين والأستروكس، وقبل أسابيع أعددت إحصائية شاملة بعدد المدمنين الذين خضعوا لعلاج من الإدمان، وتبين أن العدد وصل إلى ٤٥٠٠ مدمن، ينقسموا إلى ١٠٠٠ مدمن هيروين و١٠٠٠ مدمن استروكس، و٢٠٠ طفل أصابهم الإدمان أيضا من منطقة مربع الليمون التابعة للمطرية.

وتابع: بلغ عدد المصابين بمرض الإيدز حوالى ٣٠٠ حالة، جميعهم تم رفض علاجهم تحت ولايتنا، فضلا عن وجود ٥٠٠ من الحالات الأخرى مصابة بفيروس b، نتيجة تعاطى الهيروين، بالإضافة لعدد ١٠٠ من الشباب أصابهم مرض سرطان الدم نتيجة تعاطى الهيروين عن طريق الحقن.