طارق الشناوي يكتب: (أبو الوفا... أبو الوفا)

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


ماذا تفعل لو كنت مكانى؟ وأنت تسير فى الشارع، ووجدت من تفتح لك ذراعيها وتأخذك بالأحضان، وقبل أن تستيقظ من الحضن الأول تجد حسناء أخرى تمنحك الثانى، وأنت فى حالة من الذهول والدهولة تفاجأ بالثالث، وإذا لم تفلت بجلدك، ربما يصل الأمر إلى عشرة، لأنك لن تضمن أن كل الأحضان من جميلات، فى الزحام لا مجال للانتقاء، وأنت وحظك.

هذا هو ما حدث لى مرات تزيد عن العشر سنوات، وأنا أسير أمام قصر الباليه فى مهرجان (كان)، كنت أعتقد فى البداية وبمنتهى الغرور أن الأمر له علاقة «باعتبارى مصرى» مستشهدا بأغنية ياسمين الخيام (المصريين أهمه)!!.

عدت مباشرة إلى «النت» لأعرف الحكاية، هناك منظمة عالمية تحمل اسم «أحضان مجانية» بدأت نشاطها فى مطلع الألفية الثالثة، واختارت موعداً ثابتاً، السبت الأول من يوليو، ورغم أن المهرجان الذى تجاوز السبعين من عمره يقام فى شهر مايو، فإن أعضاء هذه المنظمة قرروا أن يحطموا القاعدة ويمنحوا الأحضان المجانية يوماً إضافياً مبكراً!!.

الحكاية بدأت من مدينة (سيدنى) بأستراليا، عندما عاد رجل من الغربة إلى بلده وكان محبطاً، فوجد من أحس به فى الشارع فمنحه حضنا، ومنذ ذلك الزمن وهو يبحث عن كيفية العمل على اتساع الدائرة، ما حدث هو أن السلطات الأسترالية اعتبرت أن هذه الأحضان بها اعتداء على الخصوصية فحرمتها، وبعد ذلك استضافته المذيعة الشهيرة أوبرا وينفرى وانضم إليه الآلاف، تضامنا معه، فلم يعد هناك ما يستحق التحريم، الحضن فى كل الأحوال لا يؤخذ عنوة، من حقك لو أردت أن تحتمى خلف ساتر!!.

تذكرى لتلك الحكاية أكيد ليس عشوائيا ولا مجانيا ولا هو عفو الخاطر، تابعت ما حدث فى جامعة المنصورة وانتقل وبلا أى مبرر إلى جامعة الأزهر، وهناك إشادة لأن شيخ الأزهر الجليل تدخل وخفف العقوبة من الفصل سنتين للحرمان من (التيرم) الأول، بينما الطالب فى جامعة المنصورة لا يزال قرار فصله عامين ساريا. ردود الفعل الغاضبة المتشنجة تلعب دور (أبو الوفا) الذى أداه يحيى شاهين فى فيلم (سلامة)، هذا المتجهم الذى كانوا يخشون من غضبه فيتوقفون عن الضحك والغناء بمجرد رؤيته قائلين (أبو الوفا.. أبو الوفا)، عندما أحب صار رقيقا كالنسمة وغنت له أم كلثوم (قالوا أحب القس سلامة / وهو التقى الورع الطاهر / كأن لم يدر طعم الهوى/ والحب إلا الرجل الفاجر).

المفروض أن الأحداث تجرى فى (سلامة) داخل بيئة بدوية، ما رأيكم أن ننتقل فى نفس المرحلة الزمنية مطلع الأربعينيات زمن إنتاج الفيلم إلى أرض الواقع، السيدة أمينة السعيد، رائدة الصحافة، ارتدت الشورت فى الجامعة- فؤاد سابقا القاهرة الآن- وهى تلعب التنس فى حضور الطلبة والأساتذة ولم يعاقبها أحد.

لكل مقام مقال، وما فعله الطالب والطالبة ليس مكانه قطعا فناء الجامعة، إلا أنه لا يخدش حياء أحد، الطالبة تحتفل بعيد ميلادها وهو يريد خطبتها، ركع وأمسك بوكيه ورد ثم احتضنها ببراءة، أكرر أخطأوا فى اختيار المكان نعم، ولكن ما سر انتفاضة الأزهر واعتبارها جريمة تستحق العقاب، رغم أن مسرح الجريمة لم يكن الأزهر؟!، ولماذا كل هذا العنف فى جامعة فى مدينة اشتهرت بأنها تحمل صفة الحب والجمال؟!.

يكفى الطالبة والطالب وبزيادة العقاب الأدبى الذى نالاه من الأسرة والأصدقاء وعلى (السوشيال ميديا)، انزعوا عنكم ثوب (أبو الوفا)!!.