عن Bohemian Rhapsody.. متى تنصف السينما المصرية تراثنا الموسيقي كما تفعل هوليوود

الفجر الفني

أحمد جمال
أحمد جمال


قبل أي شيء أريد أن أوضح أنني لست بناقد سينمائي ولا ناقد موسيقي.. ولكن كشاعر غنائي أنعم عليا الله بالحس الفني، وكصحفي متمرس بمجال السينما والموسيقى بهوليوود، وجدت أنه من الواجب والشغف والغيرة العاطفية على تراثنا الموسيقية كان لابد لي من كتابة هذا المقال، عقب انتهائي من مشاهدة فيلم Bohemian.Rhapsody للنجم الأمريكي ذو الأصول المصرية رامي مالك، والذي يجسد به قصة حياة المغني البريطاني الراحل "فريدي ميركوري" مغني فرقة Queen.

 

وبعيدا عن ما حمله الفيلم من بعض الحقائق عن هذا المغني، والتي تتنافى مع أخلاقياتنا كمجتمع شرقي، إلا أنني للمرة الثانية بعد المليون أؤكد على عظمة صناع السينما في هوليوود، وبراعتهم في تقديم "الحلم" للمشاهد في أبدع صورة وأبرع تجسيد.

 

يعلم جيدا المتطلعين على تاريخ الموسيقى ببريطانيا والولايات المتحدة، أن فترة أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات كانت الفترة الأبرز في التاريخ التي شهدت نشأة غالبية فرق موسيقى الروك أند رول البارزة، مثل فريق AC-DC الذي تأسس عام 1973  وفريق led zeppelin الذي تأسس في عام 1968، وفريق Queen الذي نتحدث عنه في هذه المقالة والذي تأسس في عام 1970.

 

بحكم عملي الذي يتطلب تغطية أخبار هوليوود عامة و مهرجانات الجوائز الكبرى خاصة، وبجانب حبي للأفلام الموسيقية بشكل عام، لم أتردد في مشاهدة فيلم Bohemian.Rhapsody فور توفره على أحد المواقع على شبكة الإنترنت بجودة مقبولة، خاصة وأن مشاهدتي له جاءت بعد أسبوع واحد من حصد بطل الفيلم رامي مالك لجائزة الجولدن جلوب للمرة الأولى بمسيرته عن دوره بهذا الفيلم، كما حصد الفيلم نفسه جائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم درامي لعام 2018.

 

كان الحلم حاضرا في جميع مشاهد الفيلم تقريبا، منذ بدايته وحتى مشهده الختامي الذي أقل ما يقال عنه أنه أسطوري بحجم المغني الذي يروي الفيلم قصة حياته.

 

ومن خبرتي المتواضعة في متابعة أفلام هوليوود التي تحمل هذا الطابع الحالم، والتي قدمت في السابق قصص حياة أساطير بعالم الموسيقى، مثل فيلم Ray للنجم جيمي فوكس والذي يجسد به شخصية مغني الجاز الأمريكي الأسطوري "راي تشارلز"، وفيلم la vie en rose للنجمة ماريون كوتيار، والذي تجسد به شخصية أسطورة الغناء الفرنسية "إيديث بياف".

 

من خبرتي في متابعة مثل هذه الأفلام التي أضيف لها فيلم Bohemian.Rhapsody، وجدت هذا السؤال يراودني بإلحاح لتأثري الشديد بهذه الأفلام وما قدمته من قوة تأثير الموسيقى وعظمتها، كان السؤال نفسه الذي عنونت به المقال، متى تنصف السينما المصرية تراثنا الموسيقي مثلما فعلت هوليوود وتفعل وستظل تفعل دائما مع تراثها الخاص.

 

إن لم تخني الذاكرة فإن أفلام السير الذاتية الخاصة بالموسيقيين من تراثنا الثري، يمكن عدها على الأصابع، وإذا ما استبعدنا منها المبتذل، دون ذكر أسماء، وأبقينا على الأفلام الجادة التي قدمت فنانونا العظام من زمن الفن الجميل بشكل يليق، لن يتجاوز عدد الأفلام المتبقية عدد أصابع اليد الواحدة.

 

ورغم ذلك، الأفلام الجادة التي جسدت حياة الموسيقيين الكبار من التراث المصري لم ترتقي لعظمة مكانة هؤلاء الفنانين في قلوب ووجدان المصريين ومدى تأثيرهم في الوجدان المصري على مدار أجيال، ولم ترتقي لبراعة هوليوود حتى الآن في تقديم وإبراز فنانوها من الزمن نفسه.

 

قد تكون الإجابة على سؤالي أنه هناك عدة عوامل مختلفة يمكن للخبراء بالنقد السينمائي التحدث عنها أفضل مني وسردها، منحت الأفضلية لهوليوود على مدار التاريخ، ولكن هذا لا يمنع من إبدائي لهذا الرأي، حيث أن الذي لاحظته كوني مشاهد جيد للأفلام من هذا النوع سواء من الإنتاج المصري أو الأجنبي، أن العامل الخفي الذي يميز أفلام هوليوود دائما إضافتها لتأثير حياة الفنان على محبيه والأجيال التي تعاقبت بعد رحيله واستمعت لموسيقاه ، وكيف شكل هذا الحب وجدان هذه الأجيال وثقافتها، وليس فقط التركيز على حياة الفنان الخاصة وصراعه للوصول لما أصبح عليه.

 

وأؤكد على أن العوامل التي قد تكون منحت هوليوود الأفضلية لن يكن منها بأي شكل من الأشكال ثراء التراث الموسيقي بهوليوود، وغلبته على حساب التراث المصري، الذي يكفي أن نذكر فقط بأنه يمتد لما قبل تأسس الولايات المتحدة نفسها.

 

وفي الختام، أود أن أعبر عن أن تجربة مشاهدة Bohemian.Rhapsody كانت إضافة بالنسبة لي، مع ضرورة مشاهدة الفيلم تحت الإشراف العائلي، وأرى أنه سيكن من الظلم الشديد عدم حصد رامي مالك لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل لهذا العام.