"لازم نخلص أنفاق قناة السويس".. الشهيد يحيي حسن يناضل لآخر نفس.. وطلب عاجل من نجله لـ "السيسي"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بينما تشرق الشمس في صباح يوم السبت من كل إسبوع، يحمل حقيبته قاطعًا المسافة إلى مدينة بورسعيد حيث موقع العمل بأنفاق قناة السويس، فلم يكن يفصل المهندس يحيي حسن عبد العزيز عن موقع العمل سوى يومين يقضيهما مع أسرته من مساء يوم الخميس وحتى صباح يوم السبت، فتلك السيناريو الذي اعتاد عليه منذ أن رسمت أول خيوط العمل بهذا المشروع القومي قبل عامين.

فلم يكن يمنع الرجل الذي تجاوز الستون عامًا عن التفاني في خدمة الوطن شيء، إلى أن لفظ أنفاسه على مكتبه في موقع العمل بأنفاق قناة السويس، فإسندت إليه إدارة الجودة الخاصة بالمشروع منذ بدايته، ومن قبله العديد من الأعمال في خدمة الوطن، فوضعه عشقه لوطنه أمام التحول من مهندس مدني يقوم بعمله بشكل اعتيادي، إلى مشارك في العديد من المشروعات القومية على مدار الأعوام السابقة.


"لازم نخلص الأنفاق.. عندنا ميعاد تسليم".. تلك العبارة التي ظل يكررها المهندس يحيي مرارًا على مسامع زوجته ونجليه أيمن ومحمود، في كل ذات مرة يطلب منه نجليه المكوث معهم ولو ليوم أكثر بالقاهرة، وكان آخر المرات عندما صمم على العودة بعد إجازات أعياد الميلاد لعمله، ليكون خروجه الأخير من منزله، فكل تركيزه كان ينصب على ضرورة تسليم المشروع في موعده للرئيس عبد الفتاح السيسي.

تحدث المهندس يحيي إلى نجله محمود بعد سفره وانتهاء عمله في السابعة مساء، ليطمئنهم عليه، ويطبع قطعه من حنية قلبه على مسامع نجله ليخبره بأنه ترك له "آي سكاب" خاص به ليرتديه في ذلك الجو البارد، ويخبره بأنه اشترى آخر من مدينة بورسعيد، لتنتهي المكالمة في مساء يوم الثلاثاء، ويستقبل محمود مكالمة آخرى ولكنه لم يكن يتوقعها.

"المهندس يحيي تعب وتوفى على مكتبه".. ظل محمود يحاول تكذيب أذنيه فعقله يرفض ما يسمعه، فوالده الذي ردد على مسامعه في مساء الليلة الماضية "أنا جايلك" انتهى صوته من الدنيا.

شهقات تقطع كلام "محمود" عندما يتذكر المكالمة التي استقبلها في الثانية والنصف عصر يوم الأربعاء الماضي التاسع من يناير، محركًا قدميه المثقلة لاستقبال جثمان والده الذي يشهد كل جزء فيه على خدمة الوطن، من مدينة بورسعيد بعد اتمام إجراءات الدفن، لتقطع الدموع كلماته، قائلًا: "قالي أنا جايل وأنا اللى روحت جيبته من بورسعيد.. اه يا حبيبي".

يصمت "ابن الشهيد" للحظات ويقول عن والده كم كان ينبع قلبه بالحنان عليه هو وشقيقه ووالدته، وكيفما كان يزرع في قلوبهم حب الوطن، فيروى "محمود" أن والده كان محب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان يرى في الرئيس السيسي بأنه يسير على خطاه، ويأخذ الدولة إلى الأعلى.

يتمنى "محمود" من الرئيس السيسي أن يكون متواجد في افتتاح أنفاق قناة السويس في مكان والده "نفسي أقف افتخر بتعب والدي.. وأقول لولادي في يوم من الأيام إن جدكم مات وهو بيشتغل عشان الوطن.. عاوزهم يقولوا إن أنا ابن الشهيد المهندس يحيي حسن".