فى ذكرى وفاته..أسرار لا تعرفها عن "الخديوي توفيق"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


فى مثل هذا اليوم، رحل الخديوي محمد توفيق سادس حاكم لمصر من الأسرة العلوية، وهو الإبن الأكبر للخديوي إسماعيل، ونشأ فى مصر وتلقى تعليمه فيها على غرار أخوته الذين أُرسلوا إلى أوروبا ليتلقوا تعليمهم هناك، وربما يفسر ذلك العلاقة السيئة بينه وبين أبيه.

 

وتولى الحكم فى 26 يونيو عام 1879 عندما كان يبلغ من العمر 27 عاماً فقط، بعد ضغط الإنجليز والفرنسيين على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لعزل أباه الخديوي إسماعيل وترك منصبه، حيث كانت أول الإجراءات، التى اتخذها توفيق، بعد تسلمه الحكم هي إقصاء جميع رجال أبيه وإبعادهم عن مناصبهم.

 

وتقدم "الفجر"، ما لا تعرفه عن الخديوى توفيق فى ذكره وفاته، وذلك من خلال التقرير التالي:

 

من هو الخديوي توفيق؟

 

محمد توفيق باشا، هو خديوي مصر والسودان بين 1879 و 1892، والحاكم السادس من سلالة محمد علي، والذى ولد في 15 نوفمبر 1852 بالقاهرة.

 

بداياته

 

كانَ توفيق الابن البكر للخديوي إسماعيل والأميرة شفيق نور، ونشأ في مصر وتلقى تعليمه فيها على غرارِ إخوته الذين أُرسلوا إلى أوروبا ليتلقوا تعليمهم هناك.

 

في عام 1878 عين رئيسًا للمجلس بعد إقالة نوبار باشا، شغل هذا المنصب لبضعة أشهرٍ فقط، وكان عمله كافيًا لإظهار حكمته في الإحجام عن المشاركة في المؤامرات، التي شكّلت بعد ذلك الجزءَ الرئيسي من الحياة السياسية في مصر والسودان.

 

وعاد إلى مزرعته، واستقر مرة أخرى ليعيش حياة هادئة، ولم يستمر الهدوء لفترة طويلة، ففي يونيو 1879، عزل السلطان اسماعيل بناء على إصرارٍ من بريطانيا وفرنسا، وأرسل الأوامر بتعيين توفيق خديوي جديد لمصر.

 

الحياة الشخصية

 

الخديوي محمد توفيق، لم يتزوج سوى مرة واحدة من قريبته الأميرة "أمينة نجيبة إلهامي" ابنة إبراهيم إلهامي باشا ابن عباس الأول بن أحمد طوسون باشا بن محمد علي باشا، وذلك في عام 1873، وقد أنجبت له أولاده الخديوي "عباس حلمي" الثاني والأمير "محمد علي" باشا والأميرة "نازلي" والأميرة "خديجة" والأميرة "نعمة الله".

 

أهم إنجازاته

 

كان الخديوى توفيق، مهتمًا بنشر التعليم منذ أن كان وليًا للعهد، فأنشأ مدرسة القبة على نفقته الخاصة، وأنشأ كثير من معاهد التعليم الابتدائية والثانوية والعالية، وافتتحت المدرسة العليا للمعلمين فى عهده، وأنشأ مدرسة مسائية للتعليم، والمجلس الأعلى للمعارف.

 

أول حاكم مصري يصدر في عهده لائحة للموظفين المدنيين، التي تضمن لهم حقوقهم في المعاش، ثم تبعها بلائحتي المعاشات الملكية والعسكرية.

 

وألغى مخصصات والدته وحرمه، واكتفى بمبلغ 100 ألف جنيه لمخصصاته السنوية، وأول من تنازل من أفراد الأسرة المالكة عن أطيانه، لدفع الدين المطلوب من الحكومة.

 

وأنشئ فى عهده مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، ومجالس المديريات عام 1883.

 

وأصدر لائحة الموظفين المدنيين، التى تضمن لهم حقوقهم فى المعاش، وأردفها بلائحتى المعاشات الملكية والعسكرية، وألغى السخرة، وأمر بإصلاح المساجد والأوقاف الخيرية.

 

كما استدان مبلغ مليون جنيه لإصلاح القناطر الخيرية، وبدأ بحفر الرياح التوفيقى فى أوائل عام 1887، وانتهى العمل فيه عام 1888.

 

وأنشأ فى فترة توليه الحكم العديد من الشركات والبنوك الأجنبية، فمن البنوك بنك الأنجلو اجبسيان، وأنشأ بنك الخصم والقطع الإيطالى فى 1887، ومن الشركات الشركة المساهمة الأمريكية التى تكونت عام 1881 لتوصيل التليفون بين القاهرة والإسكندرية واتسع نشاطها بعد ذلك، وطدت أعمال شركات أجنبية فى مصر مثل شركة ترام القاهرة، وشركة النور، وشركة ترام الإسكندرية، وسكة حديد الدلتا، وشركة البواخر النيلية.

 

وبدأت في عهده الشركة المساهمة الأميركية التي تكونت عام 1881 في توصيل التليفونات بين القاهرة والإسكندرية، وتحولت لشركة التليفون الشرقية عام 1882، إضافة إلى شركة "ترام القاهرة"، و"ترام الإسكندرية"، وسكة حديد الدلتا، وشركة البواخر النيلية.

 

وإنشاء شركة الأراضي والرهونات بمصر 1880، والبنك العقاري المصري 1880، وشركة أبو قير 1887 لردم أراضي بحيرة أبو قير وإعدادها للزراعة، وغير ذلك من الشركات.

 

مناصب شغلها

 

ترأس توفيق، أول وزارة له خلال عهد أبيه، في مارس 1879، ولم تدوم كثيراً حيث حلّت بعد شهر، ليتولى توفيق بعدها بشهرين حكم البلاد في 26 يونيو 1879 إثر خلع والده إسماعيل من الحكم، وإجباره على ترك منصبه، بايعاز من السلطان العثماني بعدما حاول إسماعيل اتخاذ قراراته باستقلالية بعيداً عن الباب العالي، إضافة إلى محاولته التصدي للنفوذ الأجنبي وتوسع تدخل الأوروبيين في الشؤون الداخلية للبلاد، خاصة بعد إغراق البلاد في ديون أجنبية ضخمة.

 

كانت أولى الإجراءات، التي اتخذها توفيق بعد تسلمه الحكم هي إقصاء جميع رجال أبيه بعد جلوسه على العرش وإبعادهم عن مناصبهم، حيث تعلم توفيق، درس إجبار والده إسماعيل على ترك الحكم له من جانب الإنجليز والفرنسيين، فعمل منذ توليه الحكم على إرضاء الأجانب.

 

محاولات تقربه للأوربيون

 

محاولات الخديوي توفيق لكسب مزيد من النفوذ عبر التقرب للأوروبيين قابله السلطان عبد الحميد الثاني بالتضييق عليه وعلى سلطاته، وقلص من المزايا التي كانت ممنوحة لأبيه الخديوي إسماعيل، بيد أن القوتين العظميين في ذلك الوقت إنجلترا وفرنسا أفشلتا محاولات السلطان عبد الحميد، وذلك في محاولة منهما لتحجيم إزدياد نفوذه ما قد يؤدي إلى تعطيل مخططات الأجانب في احتلال مصر.

 

كما شهد عهد الخديوي توفيق أسوأ عصور الأسرة العلوية في تاريخ مصر الحديث، ففي أيامه تم بيع حصة مصر من قناة السويس والتي كانت تقدر بـ 15 % للإنجليز خلال فترة وزارة "رياض باشا"، وبذلك تكون البلاد قد فقدت ما تبقى لها من ملكية في القناة حيث كانت هذه الحصة مرهونة للألمان والفرنسيين منذ عهد والده الخديوي إسماعيل.

 

كما أدت سياسة موالاة الخديوي توفيق للغرب إلى استقالة الوزارة الوطنية التي مثلها "شريف باشا" وتعيين وزارة أخرى أكثر ولاء للإنجليز برئاسة "نوبار باشا"، وكانت أبرز أعمالها زيادة التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، تحت ستار سداد الديون التي اقترضها من الغرب من أجل إصلاح القناطر الخيرية، كما نُفي في عهد توفيق "جمال الدين الأفغاني" الذي اعتبر رمزاً للمعارضة الشعبية في ذلك الوقت.

 

وفاته

 

توفى توفيق، فى قصر حلوان بالقاهرة فى 7 يناير عام 1892 عن عمر ناهز 40 عاماً بسبب خطأ طبى، حيث كان يعانى من تعب فى الكليتين بسبب إصابته بورم والتهاب ولم يكن الخديوى ولا الأطباء يدرون ذلك فكتبوا له أدوية خاطئة تسببت فى انحسار البول، الذى أدى إلى تسمم الدم.