د. حماد عبد الله يكتب: فى رحاب بيت الله الحرام !!

مقالات الرأي



جائت فكرة الزيارة إلى مدينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى المسجد الحرام فى مكه المكرمة ,عقب صلاة الجمعة ,حيث نلتقى أنا وصديقى الدكتور / إبراهيم فوزى (وزير الصناعة الـأسبق ) وصديقى المهندس /إسماعيل السيد "مؤسس قصر القطن بالإسكندرية" ,فى مكتبى لإحتساء القهوة ,ونتجاذب أطراف الحديث فى الشأن العالم والخاص , وإذ بى أقترح عليهم أن نقضى رأس السنه الميلادية فى "مكه المكرمة" ولم يأْخذا وقتاً فى التفكير حيث قررنا فوراً على أن نقوم بهذه الزيارة ,وعلى الفور تم الإتصال للترتيب لهذه الرحلة إلى الله.

وترتيب الجدول بأن نقضى ليلتى التاسع والعشرون والثلاثون فى  المدينة المنورة, وننتقل لقضاء ليلتى 31 ديسمبر والأول من يناير فى بيت الله الحرام.

 وفوراً بدأت الخطوات تجرى فى مسارها الطبيعى وكانت كل الأمور سهله للغاية حيث فى خلال إسبوع كانت لدينا وثائق السفر , وفى طائرة "مصر للطيران" كانت رحلتنا إلى "المدينة المنورة" والتى وصلنا إليها بعد صلاه العشاء ,حيث نزلنا بالفندق ,ومنه إلى مسجد "رسول الله صلى الله عليه وسلم",وأمام باب المسجد ,حيث صّعٌبَ الدخول لغلق الأبواب ,أخذنا فى صلاه العشاء على الرخام الأبيض وكانت الأجواء (باردة ) حيث وصلت درجه الحرارة حوالى خمسه عشر درجه وفوراً دخلنا فى أجواء الزيارة وفى صلاه الفجر ضمتنا  قاعات "المسجد النبوى الشريف" ضمن الاًف من المسلمون الزائرون وكانت الدعوات والتوجهات إلى "رسول الله صلى الله عليه الصلاه والسلام بالشكر على قبول دعوتنا للزيارة !

والدعاء للأولاد ,وللمصريين ولبلادنا بأن يديم علينا الستر والإستقرار والتوفيق.

ومضت ليلتين فى صلوات مستمرة فى أوقاتها وكذلك ما تسنى لنا أثناء زيارة قبر الرسول عليه الصلاه والسلام (وما بين قبره ومنبره ) فى الروضة والحنين الدائم إلى هذا المكان ,لا ينقطع أبدا ، فرغم تعدد الزيارات إليه إلا أن الأحساس بالإنتماء إلى المكان والإرتياح لقضاء أكبر وقت بين جنبتانه لا تنقطع أبداً.

ياحبيبى يا رسول الله فى هذا المكان كان وجودك وحياتك وكنت تحب هذا المكان وتعشقه وإنتقل هذا العشق وهذا الحب إلينا وإلى محبيك ، ما أجمل أن تقضى فى روضة" رسول الله صلى الله عليه وسلم " ساعات تقرأ ماتيسر من أيات القران الكريم ,شىء من الخيال الرائع ندعوا الله أن يرزق المسلمون جميعاً بهذه الزيارة.
وفى المسجد الحرام حيث وصلنا قبل صلاة المغرب وفوراً بعد أن تجدد الوضوء فى الفندق أخذنا طريقنا لقضاء العمرة , طوافاً وسعيا ًوصلاة فى حجر "إبراهيم "حتى بعد صلاه العشاء والكعبة المشرفة فى وسط أعيننا ,فالنظر للكعبة عبادة ,ولعل ما يشد المسلم فى هذا المكان هو أن الجميع نساء ورجال وأطفال يسعون فى أرجاء الكعبة المشرفة وكأنها بيتنا جميعا ، بيت الله العلى العظيم ,وأخذتنى الذاكرة وأنا متعلق بالنظر للكعبة لذكرى دخولها والمشاركة فى غسيلها.

"حينما لبيت دعوة إلي غسيل الكعبة المشرفة ، وحينما مثَلْت داخل الكعبة ، لم أجد شيئاً يفسر هذا التوتر العظيم الذي إجتاحني ، حيث هذه البقعة من الأرض تحت العرش العظيم ، مكَثتُ في صلاة ركعتين بكل ركن من أركان الكعبة الأربع ، وظل شريط من الشخصيات في حياتي منهم من توفاه الله وعلي رأسهم " أمي " ألف رحمة عليها وفي رضوان الله مثواها إن شاء الله ، وزملائي السابقون إلي رحمة الله ، لم أعرف كيف ورد هذا الشريط السينمائى في عقلي وذهني ، وأجهشت بالبكاء وأنا أسجد إلي الله شاكراً وحامداً وداعياً لمن سبقونا إلي رحابه ، بالرحمه والمغفرة  والعفو من الله.

ولم يسعنى إحساسى أو إدراكي بالزمن الذي قضيته داخل الكعبة المشرفة حيث ومن زاملوني ، كانت الأصوات والهمهمه والجهشان بالبكاء هو الغالب علي جو الحجرة الألهية المقدسة.

منتهي البساطة كانت سمات تغطية تلك الحجره ( الكعبة المشرفة ) أرضية من الرخام الكرارة الإيطالي ،" ووزرة" من الرخام الأخضر الهندى وكذلك الحوائط حتي إرتفاع مترين وحفر علي الحوائط " أيات قرانية " ، وأعمدة ثلاث ترفع سقف الكعبة ، وغطاء للحوائط والسقف من القماش الجاكارد ( الأسطبرق ) الأخضر الفاتح ، والمزخرف بزخارف أسلامية ، وتلك ضمن ( كسوة الكعبة ) الداخلية.

والخارجية التي تشرفت "مصر" ، بإعدادها علي مدي قرون من الزمان كانت تذهب إلي الأراضي المقدسة ، من صنع المصريين ، حيث كان بجانب قلعة محمد علي ، توجد ورشة للكسوة تعد طول العام ، ويحملها ( المحمل ) من مصر ، ضمن المساعدات الغذائية والصحية والماليه إلي سكان الحجاز وإلي أهل مكه المكرمة ، هكذا كنت داخل الكعبة ، يتردد في مخيلتي كل مايمكن أن يرد علي ذهن إنسان ، مصدوم بدعوة كريمة للمشاركة في غسيل الكعبة ،وإستخدمت منديل  كان فى حوزتى يمسح كل ما يمكن أن تصل إليه يدي ، كنموذج أو مشاركة شكلية في عملية الغسيل ، التي بالقطع قد تمت قبل دخولي الكعبة مع زملائي ، حيث كل شيء دقيق ومنظم وعظيم ، تقوم به السلطات السعودية بمنتهي الإخلاص والأمانة والحب لبيت الله ، والإعداد الطيب لزوار بيت الله الحرام ، لقد شدنى وأذهلنى  دخولى لهذا المكان المقدس وسط مئات الألوف من زائري بيت الله الحرام ، وعيونهم معلقة علي باب الملتزم والزائرين الداخلين عبره إلي داخل الكعبة ، فلم أجد إلا الدعاء لكل المسلمين أن يرزقهم الله بما رزقني وزملائي بهذا الشرف العظيم.

إن هذه الدعوة وهذه الزيارة لا يمكن أن تكون إلا مؤشراً من الله العلي القدير بواسع رحمته وعظمة مكانته وقدرته وهبه وهبها الله لعدد من عباده الطيبين.

أرجو أن أكون من النابهين  ومن المستحقين لمثل هذا الشرف الإلهي العظيم سبحان الله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ومحمد رسول الله ونبيه والحمد لله رب العالمين !!   " 

كل  هذه المشاهد إجتاحتنى وأنا أجلس أمام الكعبة المشرفة التى نلت شرف 
دخولها مع أصدقاء أعزاء أكن لهم مودة ومشاعر خاصة منذ هذه الزيارة .
يارب أكتبها لى ولكم جميعاً يارب !!