دامت المحبة.. 1000 سنة والاحتفالات لم تتوقف أو تتأثر

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


يعد عيد الميلاد المجيد، الموافق 7 يناير من أهم الأعياد لدى الكنيسة القبطية، وهو عيد له طقوسه الخاصة سواء فى الاحتفال أو فى الصلوات، وعلى مدار التاريخ تطورت مظاهر الاحتفال، إلا أن الصلوات واحدة.

ورغم الكثير من الألم الذى مرت به الكنيسة خلال العام بسبب استهداف بعض التيارات المتطرفة للأقباط، خاصة خلال أعياد الميلاد ورأس السنة، إلا أن الإصرار على الاحتفال، والمحبة بين المصريين، يُعد تجسيداً لكل معانى الصمود فى مواجهة تلك الآلام. ولم يبدأ الاهتمام بالاحتفال بذكرى ميلاد المسيح سوى فى القرن الرابع الميلادى، وكان عيد القيامة المجيد وحده هو الذى يحظى بالاهتمام الشعبى.


1- الفانوس

يقول الدكتور القس داود مكرم فى مقاله عن تاريخ الاحتفال الشعبى بعيد الميلاد، «وكان عيد الميلاد من المواسم المشهورة بمصر فى أيام الدولة الفاطمية، وكانت تباع فيه الشموع المُزيَّنة بالأصباغ والتماثيل، وكانوا يسمونها الفوانيس، وكان يقتنيها الشعب بمختلف طبقاته، بل كانوا يتنافسون فى المغالاة بأثمانها، حتى وصل ثمن الواحدة منها إلى ما يزيد على 70 تمثالاً ذهبيًا، وكانت الدولة توزع فيه الحلاوة القاهرية، والسميد، والزلابية، والسمك البورى على أرباب الرسوم، ومن عادات عيد الميلاد أيضا اللعب بالمشاعل».

ويشير المقال إلى أن المصريين اهتموا بـ«الطلعة» لزيارة موتاهم، وتقديم الصدقات قبل العيد، والذهاب لحضور القداس مساءً، ثم تناول الأطعمة والخروج للمنتزهات فى الصباح الباكر.


2- من ناصر للسادات

ولم يختلف المشهد منذ القرون الأولى كثيراً عن عصرنا الحالى، فمنذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والمتنيح البابا كيرلس السادس، كانت الكنيسة تحتفل ليلاً بقداس العيد، وتستقبل الوفود الرسمية للتهنئة، ثم بدء الاحتفالات فى اليوم التالى.

وكان الرئيس عبد الناصر يرسل وفداً من رئاسة الجمهورية لتهنئة البابا كيرلس وجموع الأقباط بالكاتدرائية، فضلاً عن الشخصيات الرسمية من مسئولين وكبار رجال الدولة، وفى عهد الرئيس السادات شهدت ظهور التيارات الإسلامية المتشددة، وكانت أول واقعة اعتداء على كنيسة فى عام 1972، ثم توالت الاعتداءات عقب حادثة الخانكة، والزاوية الحمراء، وكان بداية عهد التوترات، إلا أن الكنيسة ظلت متمسكة بالاحتفالات.


3- مبارك

وعلى خطى السادات سار الرئيس الأسبق حسنى مبارك، مع تجاهل مطالب عديدة للأقباط، وكان فى بداية عهده ولفترة طويلة يرسل كالعادة برقيات التهنئة، ووفداً من رئاسة الجمهورية للكاتدرائية، وعندما بدأ العنف ضد الكنائس يرتبط باحتفالات بداية العام وعيد الميلاد منذ عام 2000، رفض البابا شنودة التهنئة بعد أحداث كنيسة القديسين فى 2001، واعتكف فى قلايته، إلا أن مبارك ولأول مرة يرسل نجليه لتقديم واجب العزاء، لكن الثائرين رفضوا دخولهما، وبعد أيام حلت ثورة 25 يناير، وسقط نظام مبارك.


4- عهد جديد

بدأ عهد جديد لمصر بأكملها وللأقباط على وجه الخصوص، بوصول المشير عبد الفتاح السيسى إلى سدة الحكم عام 2014، واستقبل البابا تواضروس الثانى والكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليلة عيد الميلاد فى 2015 رئيس الجمهورية مهنئاً، وتعهد السيسى باقتلاع الإرهاب وبناء الكنائس التى دمرت خلال مظاهرات الإخوان. جاءت زيارة السيسى للكاتدرائية مفاجئة للحضور، وللشعب المصرى بالكامل، حتى إن المصلين أطلقوا صيحات الفرح والهتاف والزغاريد وألقوا عليه الورود، وبالطبع لم تكن الزيارة هى الأخيرة، فقد اعتاد منذ ذلك الحين على تقديم التهنئة ليلة عيد الميلاد.

ويبدأ قداس الميلاد ليلة 6 يناير، بحضور وفود رسمية من كبار رجال الدولة، مثل الوزراء والمحافظين والشخصيات السياسية والعامة ورجال الأزهر والأوقاف، وسفراء الدول الأجنبية، وفى العادة وبعد تلاوة الإنجيل يقرأ البابا برقيات التهنئة، ثم يستقبل التهنئة من الوفود الحاضرة، ثم يستكمل القداس، وفى صباح اليوم التالى يستقبل البابا المهنئين من أبناء شعبه والشخصيات العامة.

وعلى المستوى الشعبى فإن الأقباط عقب حضور قداس العيد يتناولون الأطعمة التى تحتوى على بروتين حيوانى، وأنواع الكعك المختلفة، وفى اليوم التالى يستقبلون الأقارب والأصدقاء، ويخرجون للتنزه والاستمتاع.