سوق الأجنة.. 500 ألف جنيه تسعيرة الـ "Single Mother"

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


36 بنكًا تحت بير السلم للمتاجرة فى البويضات والحيوانات المنوية


ظهرت تجارة من نوع جديد، وهى بيع وشراء البويضات والحيوانات المنوية، لمنح بعض الأسر المحرومة ما يمكن اعتباره «جنيناً مكتملاً» جاهزاً للحقن فى رحم امرأة دون الحاجة للمرور بتجارب التلقيح الصناعى المؤلمة خصوصاً فى حالة وجود عقم لدى أحد الطرفين.

هذا النوع من البيزنس ظهر مع وجود معاناة بعض الزوجات مما يعرف بـ«البويضات الفارغة» والتى لا تصلح للتخصيب ما يؤدى لفشل عمليات الحقن المجهرى المكلفة والمؤلمة فى نفس الوقت.


وظهرت فكرة «الجنين الجاهز»، للتغلب ليس على مشكلة البويضات ولكن لمعاناة بعض الرجال الحالمين بطفل من ضعف فى الحيوانات المنوية أو عدم قدرتهم على إنتاج حيوانات منوية من الأساس.

كما ظهر سماسرة متخصصين فى التعاون مع مراكز الحقن المجهرى وهم فى الغالب من الممرضين العاملين فيها حيث لايظهر الأطباء فى عملية بيع وشراء أجنة جاهزة فى المراحل للاتفاق.

«الفجر» تتبعت أحد خيوط هذه التجارة المحرمة خلال تحقيق سابق عن التبرع بالسائل المنوى، فخلال هذه المغامرة كشف لنا أحد المتبرعين أنه فى حال رفض الزوجين لإتمام عملية الحمل باللقاء المباشر بين المتبرع والزوجة الراغبة فى الإنجاب، يمكن شراء «جنين جاهز»، موضحاً أنه عبارة عن جنين ملقح وجاهز للحقن برحم الأم ولكنه يكلف من 250 إلى 500 ألف جنيه، وقام بتوصيلنا بممرض يعمل بأحد المراكز يدعى «محمد السيد»، يعمل كهمزة وصل بين الراغب فى شراء «الجنين الجاهز» وبين الطبيب الذى سيجرى عملية الحقن المجهرى.

وتواصلنا بالفعل مع هذا الممرض باعتبارنا زوجين نريد شراء «جنين» بعد فشل عملية الحقن المجهرى عدة مرات لأن الأم تعانى من «البويضات الفارغة»، ووقتئذ أخبرنا الممرض أن هناك طريقتين للحصول على مشروع جنين جاهز إما البحث عن متبرعة بالبويضات التى تصل سعرها لـ200 ألف جنيه فى بعض الحالات ليتم تخليق الجنين وبعدها حقنه فى رحم الزوجة، وهى عملية قد تستغرق عدة أشهر، وتفشل فى النهاية.

ويتم تحديد قيمة البويضة بناء على نسبة خصوبتها وهو ما يحدده الطبيب المشرف على «مشروع الجنين» حيث يتم استخراج البويضات وحفظها بأحد بنوك الحفظ المتخصصة والقادر على الاحتفاظ ببويضات لعدة سنوات تحت اسم الزوجة مع وجود سرية كاملة لبياناتها وعندما ترغب الزوجة بالإنجاب يتم استخراج البويضات وتخصيبها وزرعها فى الرحم، وتوجد طريقة أخرى أسهل وهى ترك الأمر تماماً للطبيب، ورفض الممرض الكشف عن اسم الطبيب إلا بعد سداد 15 ألف جنيه دفعة تحت حساب تكلفة شراء الجنين لإثبات جدية الاتفاق.

وكشف الممرض عن مصدر الأجنة الجاهزة بأن الزوجين اللذين يوجد لديهما عائق فى عملية الإنجاب يلجآن لمراكز الحقن المجهرى، حيث يحصل الطبيب على عينة منهما لإجراء عملية الحقن، ثم يقسمها لمجموعة حتى تزداد نسبة نجاح العملية، وبعد إتمام عملية الحقن الأولى بنجاح، يلجأ البعض للاحتفاظ بباقى العينات فى بنك الأجنة، ليلجأ لها عندما يريد إجراء حقن لإنجاب طفل آخر فى فترة لاحقة.

وتظل هذه العينات لسنوات داخل بنوك حفظ الأجنة نظير اشتراك سنوى يدفعه الأب أو الأم مقابل الاحتفاظ بها داخل البنك، تتراوح من 2000 لـ2500 جنيه، وقد لا يسدد بعض الأزواج الاشتراك السنوى لها فيلجأ الأطباء إلى إعدامها وفى بعض الأحيان لا يتم إعدامها وتستخدم فى تخليق جنين لبيعه كـ«مشروع جنين»، نظير مبلع مالى كبير يصل لمليون جنيه فى بعض الأحيان.

وكشف الممرض العامل كسمسار فى هذه التجارة، أن بعض الفتيات اللاتى يرغبن فى الإنجاب بدون زواج المعروفين بـ«سنجل مازر» يلجأن لشراء حيوانات منوية ويعتبرن شراء جنين جاهز وسيلة سهلة لتحقيق رغباتهن فى الإنجاب دون الحاجة للزواج برجل وكل ما يحتاجونه فقط هو سداد التكلفة.

الدكتور محمد هادى زيدان، الخبير فى مجال أطفال الأنابيب، قال لـ«الفجر» إن مصر من الدول الرائدة فى مجال الحقن المجهرى، وتعد أيضاً من أرخص الدول سعراً فى هذا المجال، حيث لا تتعدى تكلفة العملية ألف دولار.

وأضاف زيدان إنه كانت هناك طريقة قديمة لتجميد الأجنة وتعتمد على نزول درجة الحرارة تدريجياً وتستغرق من ساعتين لـ3 ساعات، لافتاً إلى أن التجميد الآن أصبح ينقل الجنين من درجة حرارة الغرفة إلى درجة 196 تحت الصفر مباشرة، وذلك عن طريق وضع الجنين فى سائل النيتروجين والذى يعطل كل الخلايا فيه وتتوقف عن النمو، مؤكداً أنه يمكن الاحتفاظ بـ«مشروع الجنين» فترة طويلة.

وأشار زيدان إلى أن بعض «الأجنة» موجودة فى بنوك الحفظ لفترات تصل لـ20 عاماً حيث يوجد بنك من هذا النوع منذ عام 1985، مشيراً إلى أن مصر تضم قرابة 36 مركزاً للحقن المجهرى وكل مركز به بنك لحفظ الأجنة، منبهاً إلى أن وزارة الصحة نفسها لاتعلم عدد هذا النوع من البنوك أو عدد الأجنة المحفوظة، لافتاً إلى أنه فى حالة تأخر الزوج أو الزوجة فى دفع الاشتراك السنوى لمدة ثلاثين يوماً يحق للمركز قانوناً إعدام تلك الأجنة، وهو ما يلجأ إليه المسئولون عن البنك فى الغالب، لأن معظم المراكز تبلغ صاحب العينة عدة مرات عن الاتجاه لإعدام الأجنة وفى النهاية تستدعيه ليوقع على إقرار بالإعدام.

وقال الدكتور عبدالحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إنه من الناحية الشرعية يمكن إجازة تجميد الأجنة ولكن بضوابط منها أخد العينة من زوجين، وليس من طرف ثالث، لأن غير ذلك يتسبب فى اختلاط الأنساب، وهى كارثة، كما أنه من الجائز وجود ضرورة تدعو لحفظ الأجنة مثل وجود مشكلة فى الإخصاب لدى الطرفين، وكإجراء احترازى لتجنب حدوث عقم فيما بعد لدى أحد منهما، مشدداً على أنه بموت أحد الطرفين يجب التخلص من العينة، لأنه لايجوز للمرأة أن تخصب نفسها بعد وفاة زوجها، لأن العلاقة تنتهى بوفاة الزوج وتدخل المرأة فى شهور العدة.