طارق الشناوي يكتب: سوستة شيرين!

الفجر الفني

شيرين
شيرين



قبل أن يختلط الأمر عليكم بسبب كلمة «سوستة»، التى ربما يعتقد سيئو الظن أنها من توابع زلزال بطانة فستان رانيا يوسف، أسارع بأن أقول إننى أقصد تحديدا تلك التى أكدت شيرين أنها ستغلق بها فمها مع مطلع 2019، وذلك فى حديثها الذى أجرته مؤخرا مع الزميلة نور طلعت على صفحات «الكواكب»، تستخدمها كحزام واقٍ لمراجعة الكثير من أحاديثها، والتى تورطت فيها بكلمات أدت بها لأن تتلقى الكثير من اللكمات والطعنات، فهى بحسن نية قد نالت من بلدين، مصر وتونس، ووجهت أيضا بغشومية ضربة تحت الحزام لأكثر مطرب حقق جماهيرية فى العالم العربى، عمرو دياب، ورغم كل ذلك فإن ما أقدمت عليه شيرين من أقوال أو حتى لو وصفها البعض بالأفعال، ينبغى أن نضعها فى إطار حالة شيرين، الناس تتعامل معها على هذا النحو، مثلما كان مسموحا لنجم النجوم رشدى أباظة أن يقول فى حضرة الرئيس جمال عبدالناصر، أثناء بحث أزمة إنتاج الدولة وتأميم تلك الصناعة «السينما همبكة»، بعد أن استعار تلك الصفة من صاحب براءة اختراعها العظيم توفيق الدقن، وقال يومها أيضا المخرج الكبير حسن الإمام فى حضرة الزعيم: «أنا بعت ساعة يدى عشان أصرف على بيتى».

يوسف شاهين لا أحد يضاهيه فى الانفلات اللفظى، فهو من الممكن أن يذكر على طريقة أبناء البلد كلمات «أبيحة»، ولا أقول فقط «قبيحة»، للدلالة حتى على إعجابه، ولا يعنيه أنه على الهواء فى بث مباشر.. وفى السنوات الخمس الأخيرة من حياته أصدر صفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، قرارا بعدم استضافته على الهواء.

تلك الشخصيات وغيرها، لو أنك خصمت منهم تلقائيتهم وأغلقت أفواههم بـ«سوستة»، على طريقة شيرين، لأصبحوا حالة فنية وإنسانية أخرى.

مثلاً، ومع تعدد ما أقيم من استفتاءات لاختيار الأفضل، فإن أكثر صوت حظى بإجماع مصرى وعربى هو شيرين، وتلك هى أيضا قناعة كاتب هذه السطور، فهى الأصدق لأنها تمس مباشرة قلبى نشوة وطرباً.

شيرين لم تأخذ أى حظ من التعليم النظامى، إلا أنها تتكئ فى حياتها على قلب ذكى، فقط قلب يوجهها لاختيار الكلمة واللحن، إلا أنه قد يضل الطريق فى الاختيار عندما تتحدث للميديا.

قد يرى البعض من فرط الحب أن على شيرين ألا تكتفى فقط بـ«سوستة» تفتحها فقط عند اللزوم، بل عليها إيثارا للسلامة أن تحيك فمها بإبرة وفتلة.

لا أريد أن نصل لتلك الحالة من التوجس، أتمنى أن نبدأ جميعا العام الجديد وكل منا يبوح للدنيا بكل «اللى فى قلبه»، نستعيد رباعية صلاح جاهين: «يا عندليب ماتخافش من غنوتك/ قول شكوتك واحكى عن بلوتك/ الغنوة مش ح تموتك/ كتم الغنا هو اللى ح يموتك/ عجبى».

نواجه بقوة تلك الدعوة التى ترتدى ثياب النصيحة، ومن الممكن أن تجد لها دائرة واسعة من المؤيدين، ترفع شعار «سوستة لكل مواطن».. نعم فى كثير من الأمور صار هناك فريق يعيد تأويل كل كلمة، فيمنحها ظلالاً وأبعاداً ومعانى لم تخطر أبداً على بال قائلها، بعضنا منعاً للدخول فى نفق مظلم يفكر مرتين قبل أن يفتح السوستة.

شيرين الإنسان والفنان وجهان لعملة واحدة، تخنقه لا محالة «السوستة»!!.