مصطفى عمار يكتب: من سيأتى بحق عثمان من شركة إيمكو للمقاولات؟!

مقالات الرأي



انقطعت عن شقتى المياه، فبادرت بالاتصال بعم حمدى السباك ليرسل لى ابنه الوحيد عثمان ليصلح عطل المياه، ولكن جاءنى صوت عم حمدى حزيناً، فسألته عن سر الحزن ونبرة اليأس التى تكسو صوته، فأجابنى باكياً: عثمان مات يا أستاذ مصطفى.. لم أعرف ماذا أقول له وحاولت تهدئته خاصة وأنا أعلم أنه مريض قلب، منعه المرض من مواصلة مهنته، وأنه يعتمد بشكل أساسى هو وأسرته على ابنهم الوحيد عثمان، الذى تعلم مهنة السباكة من والده وأصبح ماهرا فيها، أنهيت المكالمة مع عم حمدى وأنا حزين لخبر رحيل عثمان، ولم أعرف تحديداً منه كيف مات عثمان وهو لا يزال فى العشرينيات من عمره.. ولكننى تجاوزت الخبر يقيناً بأن الموت لا يفرق بين صغير وكبير، ولكن بعد فترة وجدت عم حمدى يتصل بى تليفونياً، ويقول لى أنه يرغب فى مقابلتى فى أمر هام وعاجل، وبالطبع وافقت على الفور معتقداً أنه سيطلب أى نوع من المساعدة لعلاجه بمعهد القلب أو البحث له عن معاش ليستطيع كفالة أسرته الصغيرة، وجاءنى عم حمدى وبدا لى كأنه كبر فى العمر ألف عام، فملامح الرجل وهيئته تبدلت وغلب عليه الحزن والفقر، رحبت به وأخبرنى أن ابنه الوحيد عثمان توفى بعد سقوطه من أعلى سقالة كانت تحمله وهو يقوم بعمله فى أحد مواقع مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، مع أحد المقاولين الذى يدعى محمد جمال، والذى ينفذ مشروعاً للصرف الصحى لإحدى الشركات التى تحمل اسم إيمكو للمقاولات وأن ابنه توفى على الحال بمجرد سقوطه على الأرض من ارتفاع كبير، وأن سبب السقوط حسبما أكد له زملاء ابنه بموقع العمل، هو أنه لم يكن يربط حزام الأمان وأن قدمه انزلقت وهو يحاول ربط ماسورة كبيرة فما كان إلا أن سقط وفارق الحياة على الفور.. وتم تحرير محضر للواقعة بقسم شرطة عتاقة تحت رقم 2336 لعام 2018 إدارى عتاقة.. وأكد لى عم حمدى أن شهادة الوفاة كتب بها أن سبب الوفاة توقف بالقلب!، وأنه لم يحصل على أى مستندات تخص تقرير الطب الشرعى أو صورة المحضر أو أى شىء يثبت سبب وفاة ابنه أو أى مستند يحدد المسئول عن الحادثة! وواصل عم حمدى كلامه بأنه فوجئ باتصال من المقاول الذى كان يعمل معه ابنه، وأخبره بأنه سيحضر إليه، وبالفعل حضر المقاول وقدم واجب العزاء وأعطى عم حمدى مبلغ 20 ألف جنيه فقط لا غير وقال له ربنا يعوض عليك!، وتركه وانصرف، ولم يعرف عم حمدى هل هذه الفلوس مساعدة من المقاول لمعرفته بظروف مرضه وأن ابنه عثمان كان العائل الوحيد للأسرة، أم أنها تعويض عن موت عثمان نتيجة عدم متابعة ارتدائه حزام الأمان أثناء تعلقه بالأدوار العليا! وواصل عم حمدى حديثه أنه تلقى اتصالاً آخرًا بعدها بفترة قصيرة من محام أخبره بأنه يريد الحصول منه على توكيل لرفع دعوى تعويض على الشركة ،ليتمكن عم حمدى من الحصول على مبلغ محترم من التعويض يستطيع من خلاله الإنفاق على دوائه وتربية بناته وكفالة أسرته الصغيرة، خصوصاً أنه بلا عمل بعد أن توقف عن ممارسة مهنة السباكة لظروفه الصحية..

هذه هى القصة الذى قالها لى عم حمدى وهو يخرج من جيبه كيس بلاستيك صغير يحمل صورة لبطاقة عثمان وشهادة وفاته ورقم المقاول محمد جمال، واسم شركة إيمكو للمقاولات، وسألنى: أعمل إيه يا أستاذ مصطفى؟ وأتصرف إزاى؟، وأنا لى حق ولا لأ!، ومين هيجبهولى؟، وأعيش أنا والعيال وأمهم منين؟! فى الحقيقة لم أجد ما أجيب به على تساؤلات الرجل المسكين، وقررت أن أكتب قصته، لعل وعسى أن تصل إلى رئيس مجلس إدارة شركة إيمكو ويشعر بالمسئولية تجاه عم حمدى وأن يصرف له تعويضاً مناسباً، أو حتى معاشًا شهريًا يغنيه عن سؤال الناس، وقبل أن أنشر حاولت التواصل مع أى من مسئولى الشركة لمعرفة موقفهم ولكن كالعادة لا أحد يجيب على السؤال من سيأتى بحق عثمان؟! فقررت أن أضع القصة بين يدى رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى ووزيرة التضامن الاجتماعى دكتورة غادة والى لعلهم يعيدوا لعم حمدى وأسرته حقهم، ليحموه فى كبر سنه من التسول هو وأفراد أسرته.

والله من وراء القصد