حكايات عصفور قمر الدين.. وزير مع إيقاف التنفيذ!

العدد الأسبوعي

حكايات عصفور قمر
حكايات عصفور قمر الدين.. وزير مع إيقاف التنفيذ!


لا يصدق حتى الآن أنه أصبح خارج دائرة الضوء والاهتمام، لا يصدق أن ما بناه فى سنوات انهار أمام عينيه فى ساعات قليلة، ليصبح من ضحايا ثورة 25 يناير كما يرى هو ويصدق ذلك، فكل ما رسمه لنفسه عبر سنوات طويلة ذهب ولن يعد مرة أخرى، يمنى نفسه أوقاتًا طويلة أن النظام الحالى ربما يحتاج له فى وقت ما، ليعيد ترتيب المشهد من جديد، لم يأت حتى الآن وزيراً بعده يحمل طريقته وفكره فى الإدارة والتنفيذ، السنوات القليلة التى قضاها خلف القضبان لم تنزع من قلبه حبًا السلطة والكرسى، ربما ظل مصدوماً لفترة عقب خروجه بأن الناس تعامله وكأنه مواطن عادى، عليه أن يقف فى طوابير السوبر ماركت الشهير ويأخذ رقمًا لشراء احتياجاته، نسب الخصم التى كانت تتسابق على تقديمها محلات الملابس العالمية لم تعد موجودة وربما لم يعد مرحبًا به كما كان من قبل، الأسبوع الماضى كان عائداً من سهرة مع بعض الأصدقاء القدامى، وتذكر أنه يجب أن يمر على السوبر ماركت الشهير لشراء بعض المستلزمات، دخل إلى السوبر ماركت الشهير، وبعد أن قام بشراء ما يلزمه تذكر نوعًا من الجبن الفرنسى الشهير كان يفضله دائماً، ذهب مباشرة إلى البقال، وبعفوية اعتادها، طلب نصف كيلو من الجبن الفرنسى وبعض أنواع المخلل ونوع من البطارخ، صدمه العامل عندما سأله أمام الحضور، رقم حضرتك كام؟! أجابه بكل ثقة، رقم إيه؟! فقال له العامل، النظام اتغير لازم حضرتك تاخد رقم وتستنى الدور، صمت لثوان قبل أن يشكره ويعتذر للحضور وينصرف فى هدوء بعد أن ترك كل ما قام بجمعه فى سيارة السلع الصغيرة، وخرج من السوبر ماركت الشهير وهو فى قمة اكتئابه، ولم يرغب أن يعود للمنزل فى هذه الحالة وقرر الذهاب إلى مكتبه وظل جالساً فيه حتى الساعات الأولى من الصباح.

ربما فى هذه الجلسة الخاصة مع نفسه، راجع كل سنوات قوته ونجاحه، كيف كان يحرك الجميع بإشارة صغيرة من يديه، وكيف كان يجتهد الناس ليتقربوا إليه، تذكر واحدًا من أفراد مكتبه كان متخصصًا فى اختيار رابطات العنق ونوع الإفطار المناسب له وتحديد أحدث أماكن السهر، تحول هذا الموظف بسبب قدراته الخاصة فى إسعاد من يعمل لحسابه لشخصية مهمة، صاحب كلمة مؤثرة فى نفس مجال الوزير السابق، الذى لا يصدق كيف تحول هذا الموظف الصغير إلى ما هو عليه الآن، يخفى الوزير إحساسه بالغضب والاكتئاب فى مظاهر خادعة لمن يشاهده، يختبئ خلف خطوط الموضة والمظهر الشبابى والسيارة الرياضية، يحاول أن يظهر أنه مشغول دائماً، وأن لديه مواعيد طوال اليوم، وأنه يحرك استثمارات بالملايين فى دول الخليج، لايزال يحتفظ بأرقام الملايين والمليارات فى حديثه، ولكنه على يقين بأن دوره كمسئول انتهى للأبد، ولكن يعيش على حلم بأن يعود يوم ما، ليس كوزير أو مسئول حكومى بارز، ولكن على الأقل كمستشار، ربما وقتها قد يشعر بأن سنوات عمره لم تضع وأن ما بناه لم ينهر على رأسه بالكامل، وأنه مازال هناك بقايا أنقاض من وزير مع إيقاف التنفيذ.