حصاد 2018.. عام الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في العالم

عربي ودولي

احتجاجات حول العالم
احتجاجات حول العالم


تهتز أوروبا في أيامنا الحالية تحت وطأة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية، التي اتسم بعضها بالعنف والقوة وتمت مواجهتها بقوة أكبر، كما حدث في فرنسا وبلجيكا ودول أخرى مؤخرا.

 

لكن رغم أن احتجاجات أصحاب "السترات الصفراء" في فرنسا شعبية وغير مرتبطة بتنامي الشعبوية في أوروبا، لكنها تمثل تيارا شعبيا رافضا لمطالب الحكم، خصوصا أن الأخير يستهدف الغالبية العظمى من الشعب بممارسته، مثل ضريبة الوقود، وهي تستهدف الناس البسطاء خارج العاصمة باريس أكثر مما تستهدف الأثرياء الذين لن يتأثروا كثيرا بها.

 

بطبيعة الأحوال، تشهد دول أوروبية عدة احتجاجات مماثلة، ولأسباب أخرى، منها التعامل مع المهاجرين واللاجئين، كما حدث في بلجيكا وإيطاليا وغيرهما، وهذا النوع من الاحتجاجات في العادة تحركه الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي أخذت تشق طريقها بقوة نحو البرلمانات في دولها، مستغلة الأوضاع المعيشية الصعبة للناس ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين.

 

الشعبوية واليمين المتطرف

في فبراير 2017، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطويو غوتيريش من تنامي الشعبوية، في أوروبا خصوصا والعالم عموما، وذلك في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وقال إن هناك تزايدا في مظاهر الشعبوية والتطرف، مشيرا إلى أن الشعبوية والتطرف يعززان بعضهما البعض عبر العنصرية والكراهية ضد الأجانب ومعاداة الأجانب

 

وفي وقت سابق، حذر البابا فرنسيس في مقابلة مع صحيفة "ال باييس" الإسبانية من "الحركات الشعبوية"، مشيرا إلى أن سببها يعود إلى الأزمات وتدفع بالتالي لانتخاب "منقذين" وإحاطة النفس بـ"أسلاك شائكة".

 

أما الأزمات التي يشير إليها البابا فرانسيس، فمن بينها بالتأكيد سبب اندلاع احتجاجات السترات الصفراء، أي الأوضاع الاقتصادية، كما أن من بينها الأسباب الاجتماعية ممثلة باللاجئين والمهاجرين، مثلما حدث في إيطاليا، عندما خرج المتظاهرون لتأييد فوز اليمين المتطرف المناهض للهجرة واللجوء.

 

صعود اليمين

ومنذ بروز أزمة اللاجئين إلى أوروبا وتنامي الإرهاب، ظهرت بقوة أحزاب اليمين المتطرف، وأخذت تزيد من تواجدها في البرلمانات في بلادها بعد أن حصدت مقاعد كافية خلال الانتخابات التشريعية على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن هيمنتها أخذت تتسع أكثر في العام 2018، وربما تهيمن أكثر في انتخابات البرلمان الأوروبي في مارس 2019.

 

وشكل فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانتخابات نوفمبر 2016، دفعة قوية للأحزاب اليمينية الشعبوية الأوروبية التي عبرت عن حماسة كبيرة في وصوله إلى السلطة عندما التقى زعماء أحزاب اليمين المتطرف في اجتماع بألمانيا فيما وصف بأنه "قمة أوروبية" مضادة تجسد طموح اليمين المتطرف قبل الانتخابات التشريعية في هولندا في مارس المقبل والانتخابات الرئاسية في فرنسا في إبريل ومايو والانتخابات التشريعية في ألمانيا نهاية سبتمبر من هذا العام.

 

وخلال السنوات القليلة الماضية، أخذت أوروبا تتجه أكثر نحو التطرف أيضا، مستغلة الأزمات الاقتصادية وأزمة اللاجئين وزيادة الكراهية للأجانب، ففاز اليمين في الانتخابات في العديد من الدول الأوروبية، وإن لم يحقق انتصارات ساحقة، لكنه بالتأكيد يوسع من سيطرته في البرلمانات الأوروبية.

 

ففي إيطاليا، التي تعد من أكبر الدول الأوروبية المستقبلة للاجئين، فاز حزب الرابطة، ثم تحالف مع "حركة 5 نجوم" اليمينية (انتزعت وحدها 33 في المئة من أصوات الناخبين)، وكلاهما من المعادين للمهاجرين والأجانب، وشكلا حكومة برئاسة ماتيو سالفيني.