محمد سمير يكتب: عَشِقَ النميمة وسار بها بين الناس.. حكاية أحد مشايخ الأوقاف المناكيد

ركن القراء

محمد سمير
محمد سمير


يطل عليك في طول النخلة، لكنه خالياً من كل رحيق تتميز به ذوات العوالي، فخيْره قد انحسر، وشرّه قد بلغ مداه، تسكنه الشياطين، عيناه شاخصتان تستمد سوادها من شدة الغل والحقد، الذي يتنامى مع كل زفرة إنسان يراه يتألم، وبيت من البيوت يحترق، هذا عشقه!!

يسير بين الناس وهو يحمل شهادته الجامعية من كلية الشريعة والقانون، وقد اعتلى بشهادته أحد المنابر في إحدى قرى القليوبية، هناك حيث القرية التي تعاني من حقده الدفين، بيوت تشتعل بنيران نميمته، هناك حيث الشوارع تعج بنتنه المعهود، جدرانها قد بُليت، ونورها قد ولّى، ما إن تراه يسير بينها إلا و تلتحف بالسواد، حزناً على أهالي القرية وخوفاً عليهم. 

هذا هو أحد مشايخ الأوقاف المناكيد، الذي ضرب أروع المثل في سواد القلب، والنفاق، الذي يسكن صاحبه قعر جهنم، جزاء ما اقترفت يداه من سوء، هو أعظم الذنوب، تتركه وزارة الأوقاف يعبث بالناس، دون تربية أو رقابة، يبدو عليه أثر الرجال، لكنه في الحقيقة يعشق (النسونة). 

انطلق يوماً في مهمة جديدة قاصداً شخصاً وجاره، أراد ضربهما بسهام الوقيعة، الشخصان تربطهما صلة قرابة، بيتهما يلتصقان ببعضهما، لكن واحداً منهما هو أخ لـ (أبو طويلة)، في الطبع، وهو أحد مشايخ الأوقاف أيضا، ينطق بلسان غيره، تافه، لا تستطيع تحديد نوعه، هل هو رجل أم امرأة أم جنس ثالث أم رابع، جامعاً مانعاً لكل ألوان الكذب والضلال، يعشق (الفلوس) وإن كسبها من مسالك مذمومة، لا يمكن أن تحدد له اتجاه، ليس لغباء منك، بل لكثرة المتلاعبين برأسه، والناعقين في أذنه. 

انجرف الأخير وراء ( أبو طويلة)، فهما لا يفلحان إلا في قول الزور والعمل به، والسير بضمير في خراب البيوت، وقلب الحق باطل، وأكل حقوق الناس، ليبدآن في إيذاء الثالث، الذي لم يحمل يوماً أي شر في قلبه لأحد، يسعد بسعادة الناس حوله، له من (الجمايل) الكثير والكثير التي ينأى بها جبينهم، لكن طيبته طرحته بين أيدي (أبو طويلة) ليلتقطها ويُقسّم عليها كالراقصات، ذوات الليالي الحمراء، ثم ينفث سمّه كالحية، ليستقر، مطمئناً أنه سيحقق مراده. 

مرّ عام، والحال يسير هكذا، و (أبو طويلة) لا يردعه رادع، ولا يؤلمه الحال الذي يؤول إلى سوء من وراء سوء، جراء نميمته، وسعادته البالغة في رؤية الآخرين يتقاتلون ويتعاركون، إنه المرض الحقيقي الذي تعجز أمامه كل الأدوية، إلا دواءً واحداً يأباه (أبو طويلة)!! 

لم يفكر يوماً ولن يفكر، في جلال ما يقوله وما يطرحه على الناس، من عظات على منبر رسول الله، الذي يتبرأ منه، بل ويلعنه في كل مرة يعتليه فيها، وكأنه قد طُرحت عليه أقفال من كل اتجاه، جعلته ينسى ويتَنَاسَى قول الرسول (لا يدخل الجنة قتات) أي نمام، وقوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا).