طارق الشناوي يكتب: قول للزمان.. ارجع يا زمان!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


(ما عاش اللى يطلع معاش) جملة لا تزال تحتفظ بها ذاكرتى، فى اللقاء الوحيد الذى أجريته مع العملاق توفيق الدقن، كان قد بلغ السن القانونية، وهو فى سجلات الدولة مجرد موظف تابع للمسرح القومى، فى الستين من عمره، يستحق معاشا بدون أن يعمل، إلا أن الدقن لم يغادر خشبة المسرح وظل واقفا عليه حتى اللحظات الأخيرة، وتنوع عطاؤه بعدها أمام كاميرا السينما والتليفزيون وخلف ميكروفون الإذاعة، (وما عاش اللى يطلعك معاش يا دقن).

محمود المليجى غادر الدنيا أثناء التصوير مع عمر الشريف فى فيلم (أيوب)، وكان يردد دائما (أفضل أن أموت جنديا فى الميدان بدلا من أصبح جنرالا متقاعدا)، أقول ذلك لمن يتساءل عن رغبة كل من نادية الجندى للعودة للسينما، وفيفى عبده للرقص.

طبعا اللياقة البدنية واحدة من أسلحة الفنان، التى لا غنى عنها، مهما أوغل فى العمر تظل قدرته على تطويع جسده واحدة من أدواته، ليست هى السلاح الأهم، كما أن للسينما وسائلها للتغلب، على فقدان جزء وليس كل اللياقة، ولهذا ستجد تدريبات فى ورش فن إعداد الممثل لها علاقة مباشرة باللياقة البدنية، وليس فقط التعبيرية.

ويبقى الرقص وهو بالقطع يتأثر سلبا كلما ازداد رصيد الإنسان من العمر، الراقصات الثلاث المصريات دينا ولوسى وفيفى لم يعتزلن، دينا أصغرهن تجاوزت الخمسين، إلا أنها تحتفظ بلياقتها الجسدية متصالحة مع الزمن، ولديها جمهور، وتمتلك (ترمومتر) يقظا بأنها سوف تتوقف عن الرقص فى اللحظة التى تجد أن مؤشر جماهيرتها فى هبوط، وتكتفى بضبط موجتها فقط على التمثيل.

لوسى تؤكد أنها لم تعتزل الرقص ولكنها فى الحد الأدنى لا تشارك حاليا فى حفلات، وتبقى فيفى عبده الرقم الصعب، تواجدت فى كل المساحات، سينما مسرح تليفزيون، وكُتبت لها أفلام ومسلسلات وحققت شعبية غير مسبوقة، ثم بدأت رحلة الخفوت، ولم تعد شركات الإنتاج تراهن عليها، وعندما قررت أن تلعب بها بعض الفضائيات كمحاورة لم يزد الأمر على إيفييه انتهى عمره الافتراض بعد (5 مواه).

هل تعود فيفى للرقص؟ نظريا ممكن، على شرط أن تقدم تابلوه يشارك فيه عدد من الراقصات الجديدات، وتظهر هى فقط فى أجزاء، مثلما كانت تفعل بديعة مصابنى فى نهاية الثلاثينيات، كانت تترك لتحية كاريوكا وسامية جمال المساحة الأكبر فى الملهى الشهير الذى يحمل اسمها، وتقدم هى (النمرة) الأخيرة، الراقصة تحتاج إلى مواصفات متعددة لا أراها تنطبق على فيفى حاليا، نعم عادت سامية بعد أن تجاوزت الستين، لأنها كانت بحاجة للمال، وتلك الصفحة من تاريخ سامية تم محوها تماما، فلم تسجل سوى شذرات منها، وكان رد الفعل سواء لها أو لتحية كاريوكا التى شاركتها بعض التابلوهات سيئا، إحساس الإشفاق وليس الاستمتاع كان هو المسيطر على الجمهور.

فيفى لا تعانى من ضائقة مالية هى تريد فقط إثبات أنها لا تزال فيفى و(على سنجة عشرة)، السنجة كما ترون ابتعدت كثيرا عن عشرة، بسب زيادة فى الوزن، عموما الميه تكذب الغطاس والرقصة تكدب الرقاص.

وتبقى نادية الجندى وعودتها الصعبة ولكنها قطعا ليست مستحيلة، على شرط أن تطوى تماما صفحتى (مهمة فى تل أبيب) و(24 ساعة فى إسرائيل) ومعهما (خالتى بتسلم عليك).. وغدا نكمل.