فيروس "B" يقتل ضحاياه باليأس والعار

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


شاب يفشل فى الزواج من حبيبته بسبب المرض

إخفاء حقيقة الإصابة خشية فصل المصابين من العمل وعزلهم اجتماعيًا

نقل الفيروس من الأم لطفلها أو بالجنس ولو بين الأزواج وبالوشم وحقن المخدرات


لا ينسى إيهاب محمد، اليوم الأخير من سبتمبر عام 2000، رغم طول المدة، لأنه التاريخ الذى شهد خروجه من منزل الفتاة التى كان مغرماً بها، بعدما رفض والدها زواجه منها لأنه مريض بفيروس «بى».

وبعد اللقاء المخيب لآمال إيهاب، ظل لسنوات يتردد على أطباء أمراض الكبد، فى مدينة الإسكندرية، محاولاً التمسك بأمل الشفاء من الفيروس ليخطب حبيبته، ولكن الأطباء أجمعوا على أنه لا علاج للفيروس اللعين، الذى يصم المصاب به، فى حكم مؤجل بالإعدام.

التهاب الكبد «بى»، هو مرض معد يسببه فيروس يصيب المريض بالتهابات حادة ومزمنة، وتعود خطورته إلى أن أعراض الإصابة الأولية لا يمكن اكتشافها بسهولة، وأحياناً يعانى البعض من تطور سريع للإصابة بالفيروس منها التقيؤ، والاصفرار، والتعب، البول الداكن وآلام فى البطن.

وغالبا ما تستمر الأعراض بضعة أسابيع، ولكنها لا تسبب الموت، أما الأشخاص الذين يولدون لأم مصابة فاحتمالية إصابتهم بالعدوى تصل لـ90% بينما يصاب 10% من المواليد به بعد سن الخامسة، ومع مرور الوقت تظهر مضاعفات أكثر خطورة مثل تليف الكبد وسرطان الكبد، ما قد يؤدى للوفاة بنسبة 15 إلى 25٪.

وينتقل الفيروس عن طريق التعرض المباشر لدم المصاب، أو عن طريق الاتصال الجنسى وتعاطى المخدرات عن طريق الحقن الوريدى ومن خلال عمليات نقل الدم، وغسيل الكلى، والحياة مع مصاب، والوشم والوخز بالإبر.

الحالات الشبيهة بإيهاب يعيشون فى جحيم لأنهم محرومون من التواصل مع أى شخص يعرف حقيقة مرضهم إذ يعاملهم المحيطون بهم وكانهم مرضى بـ«الإيدز».

حاول إيهاب التقدم للزواج من فتيات أخريات، ولكن بمجرد معرفة حقيقة إصابته بالفيروس يتم فسخ الخطبة أو رفضه على الأقل خوفًا من انتقال المرض لبناتهم ومن ثم لأطفالهم فى المستقبل، وقرر إيهاب البحث عن فتاة مريضة بالفيروس مثله ليعيشا معاً ولكنه فشل أيضاً، رغم أنها فرصته الوحيدة فى الزواج.

أما «ص.س»، فهو أب لـ3 أبناء، حيث لجأ لخداع زوجته وأسرتها فلم يخبرهم من الأصل بإصابته «اتقدمت لناس كتير ومحدش كان بيوافق لأنهم خايفين على بناتهم ليتنقلهم المرض، فاضطريت أسافر الصعيد اتجوز واحدة متعرفش بمرضى، وولادى كلهم كويسين متنقلهمش المرض، ومراتى كانت سليمة وبعد ولادة الطفل الأخير جاء لها الفيروس، ومعرفتش أنه كان عندى قبل الزواج».

الأمر يختلف نسبياً بالنسبة لمحمد، 43 عاماً حيث تسببت إصابته بالفيروس فى انفصاله عن زوجته التى اكتشفت الأمر بعد زواجها بشهرين، مصادفة عقب إجرائها تحاليل خاصة بالحمل، وعندما واجهته اعترف لها بأنه كذب عليها خوفاً من رفضها الزواج منه، ولكنها طلبت الطلاق رغم إصابتها بالمرض.

مثل مرضى الإيدز، الذين يعانون من خوف المجتمع منهم وإدانته لهم، يعيش مرضى فيروس بى ويقول أحمد خميس، مدير البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز، إن فيروس بى من أخطر فيروسات الدم ويعتبر أخطر من فيروس الإيدز، وينتقل أيضًا عن طريق العلاقات الجنسية، ولكنه غير معروف إعلامياً على غرار «ضعف المناعة المكتسبة»، وذلك يرجع لوجود تعليمات فى هذا الصدد حتى لا يتم وصم عدد كبير من المجتمع لأن مرضى فيروس بى، ثلاثة أضعاف المصابين بالإيدز، ولذلك شجعت الدولة على عدم ربط الإصابة بفيروس بى بالعلاقات الجنسية مثل الإيدز حتى لا يتم وصم المرضى.

يقول الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد، إن نسبة انتقال فيروس بى خلال العلاقات الجنسية تصل لـ10%، والأشخاص الأكثر عرضة لنقل الفيروس لشريكهم الجنسى تكون نسبة الفيروس بدمهم عالية، كما أن تحليل الأجسام المضادة فى أجسادهم إيجابى، ويجب على المصابين بالفيروس قبل ممارسة الجنس مع طرف ثانى استخدام احتياطات منها التطعيم بـ3 جرعات لاكتساب مناعة ضد الفيروس واستخدام واق ذكرى أثناء فترة التطعيم، والخضوع لتحليل يكشف كمية الأجسام المضادة للفيروس فى جسده، وإذا كانت أقل من 10 % عليه أخذ جرعة تطعيم إضافية.

لم يكن الزواج فقط الأزمة التى تواجه مرضى فيروس بى، ولكن الحصول على فرصة عمل، إحدى الأزمات الكبرى التى تواجههم، لأنهم يتعرضون للفصل من عملهم حال اكتشاف إصابتهم، مثلما إسلام يوسف، 25 عاماً، والذى انتقل إليه الفيروس بسبب تلوث فى أدوات نقل الدم عند تبرعه به، تعايش مع المرض، ورضى بقدره، ولكن تم فصله من العمل بعد اكتشاف إصابته وقال له مدير الشركة إنه يخاف أن تنتقل العدوى منه لزملائه.

ويعتبر انتقال فيروس بى، من الأم للطفل، من بين الأسباب الرئيسية لانتقال العدوى من شخص لآخر، وحسب الدكتور عز العرب، فأن المستشفيات فى مصر تطبق مع الأم الحاملة لفيروس بى توصيات منظمة الأمم المتحدة خلال عملية الولادة، حيث يجب إعطاء الطفل عقب ولادته مباشرة جرعة وقائية من الفيروس، كما أن الأم إذا كانت على علم بإصابتها وتتناول الأدوية اللازمة، فيتم تغيير نوع الدواء فقط بعد الولادة، ولكن فى حالة عدم علمها فيجب أن تتناول علاجاً مضاد للفيروس من الأسبوع الـ 28 من الحمل، وحتى الأسبوع الثانى عشر بعد الولادة.