أنشطة التهريب تتزايد في ليبيا وسط تفاقم الانقسام السياسي

عربي ودولي

أنشطة التهريب - أرشيفية
أنشطة التهريب - أرشيفية


عززت شبكات المافيا المتخصصة في تهريب الأشخاص والوقود والأسلحة من قوتها في ليبيا خلال 2018 بينما ساهمت الخلافات بين فرنسا وإيطاليا في تعزيز عدم الاستقرار والإنقسام السياسي في البلد العربي الذي يعاني من الفوضى منذ إسقاط نظام الديكتاتور معمر القذافي عام 2011.

 

وبحسب تقديرات منظمات تابعة للأمم المتحدة فإن قيمة هذا الاقتصاد الموازي تبلغ أكثر من 10 مليارات يورو في العام.

 

ويعتبر المصدر الرئيسي للعمل بالنسبة للعديد من العائلات الليبية، خاصة في المناطق التي تتركز في جنوب غرب وشمال غرب ليبيا.

 

ويعود نحو 1.5 مليار يورو من هذه المقدرات إلى الأعمال القذرة ذات الصلة بالهجرة السرية إلى أوروبا، التي حافظت على قوتها خلال 2018 رغم أن الاتفاق المبرم في 2017 بين الحكومة الإيطالية وبعض الجماعات، ساهم في خفض عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى سواحل أوروبا خلال الشهور الماضية.

 

ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية فإن ما يقرب من 24 ألف شخص تمكنوا في 2018 من الوصول إلى موانئ إيطاليا ومالطا من خلال ما يسمى بـ"الطريق الأوسط بالبحر المتوسط"، حيث يقع أكبر عدد من حالات الوفاة (ما يزيد عن 1200 خلال 2018) مقارنة بطرق هجرة أخرى في العالم.

 

وتعتبر هذه التقديرات أقل بكثير من تلك المسجلة في 2017 عندما وصل إلى هذين البلدين أكثر من 120 ألف شخص، فيما فقد قرابة ألفين و900 آخرين حياتهم في البحر، لكن ذلك لم يؤثر في أعمال التهريب، حيث لا يزال المهاجرون يصلون إلى ليبيا حيث يبقون عالقين في قبضة العصابات.

 

وفي سياق متصل، تقدر منظمات حقوقية الأرباح الناجمة عن البيع غير الشرعي للبنزين المسروق، الذي يباع إلى بلدان الجوار بما يزيد عن ملياري يورو.

 

وتسببت السرقة الممنهجة للوقود الليبي أيضاً في إدخال بنزين وديزل إلى ليبيا بشكل سري من الدول المجاورة، ما يباع بكميات فلكية في السوق السوداء بالبلد العربي.

 

ويمثل هذا الوضع حلقة مفرغة قائمة على طرق القوافل القديمة، ما تستغله أيضاً الجماعات الجهادية الموجودة في ليبيا وبلدان أخرى بمنطقة الساحل بهدف تهريب الرجال والسلاح.

 

وساهمت المواجهة السياسية، التي ازدادت حدة خلال 2018، في تعزيز وجود هذه العصابات، التي باتت في العديد من المناطق بغرب ليبيا البديل الوحيد عن البطالة.

 

وتعتبر ليبيا بلداً فاشلاً وقع ضحية للفوضى والحرب الأهلية منذ أن ساهم المجتمع الدولي في فوز فصائل معارضة عسكرياً على الدكتاتور معمر القذافي في 2011.

 

ومنذ 2014 تتنافس حكومتان داخل القطر الليبي، أحدهما هي "حكومة الوفاق الوطني" في طرابلس (غرب) والمدعومة من الأمم المتحدة ويرأسها فايز السراج، والأخرى في طبرق (شرق) برئاسة الجنرال خليفة حفتر الذي يسعى للسيطرة على السلطة والموارد النفطية بمساعدة عشرات الميليشيات.

 

وإلى جانب الاثنين، يوجد مركزان مهمان للسلطة في مدينتي الزنتان ومصراتة، وتعتبر الأخير أشد أعداء حفتر.

 

وتوجد أيضاً قبائل الطوارق والتبو، التي تنتشر في مساحات شاسعة جنوبي ليبيا، وتعارض سلطات الشمال.

 

وفي ظل هذا السياق، أطلق مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا غسان سلامة عملية سلام في سبتمبر 2017 تستهدف الدعوة إلى عقد انتخابات رئاسية وتشريعية في 2018.

 

وتعرقلت هذه الخطة على وجه الخصوص جراء النزاع القائم بين إيطاليا التي تدعم حكومة طرابلس وفرنسا التي تؤيد حفتر.

وفي مايو الماضي، دعت الحكومة الفرنسية الجنرال المثير للجدل ولاعبين خارجيين آخرين إلى زيارة باريس، حيث تم تحديد موعد الانتخابات في 10 ديسمبر، ما جاء على عكس رغبة الأمم المتحدة وفي تحد مفتوح لإيطاليا، التي ترتبط بعلاقة متوترة مع حفتر.

 

وفي ظل هذه الضغوطات، دعت الحكومة الإيطالية في نوفمبر الماضي، إلى قمة دولية في باليرمو، حضر إليها حفتر والسراج، وتم الاتفاق خلالها على تأجيل الانتخابات حتى ربيع 2019.

 

وحتى بداية 2018 كان الجنرال يعارض فكرة الانتخابات ولكن بعد ذلك بشهور باتت ميليشياته تقول الآن إنها تدعم هذا الخيار لأنه يمثل فرصة لتحقيق التطلع الدائم بدخول طرابلس.