"الفجر" تخترق العالم السفلي لـ"الدهابة".. سراديب وممرات في باطن الجبل بحثًاً عن الثراء السريع (صور)

محافظات

بوابة الفجر


يهجرون حياة المواطن العادي، والاحتكاك بالآخرين، يجوبون الدروب والأودية الوعرة في باطن سلاسل جبال البحر الأحمر، يعيشون في حياة من التقشف والفقر، بحثًا عن كنوز الطبيعة المدفونة في تلك الجبال، حيث الخام الأصفر البراق، الذي يحول تلك الأيام القاسية إلى حياة يملؤها البزخ والترف، تلك هي مهنة "الدهابة"، أو التنقيب عن الذهب.




- بداية الرحلة 

أرادت "الفجر" كشف ذلك العالم السفلي المجهول، الذي يجذب العديد من المواطنين القاطنين بالمحافظات المجاورة من سلاسل جبال البحر الأحمر، مثل أسوان والأقصر وقنا حتى بعض الهاربين المهاجرين من دولة السودان، بحثًا عن "الحبيبات الصفراء". 

الطريق إلى تلك المناطق لم تكن بالسهلة، إلا أن "قصاصي الاثر" من بعض رعاة الغنم، الذين يعرفون تلك الأماكن، يعتبر هو الدليل الذي يقودك خلال رحلتك بحثًا عن منطقة العمل، التي تجذب الباحثين عن مهنة أو لقمة العيش. 

يقول الدليل في تلك الرحلة "الشيخ خ.م" إن أهالى جنوب البحر الاحمر، تعرفوا على التنقيب عن الذهب من خلال مجموعة من السودانيين، وصلوا لتلك الأودية الجبلية بحثًا عن الذهب مستخدمين أجهزة تنقيب، وعلموا أهالى الجنوب طرق التنقيب الغير شرعي عن الذهب. 




- أماكن التنقيب 

وتابع حديثه أنه تعتبر أبرز الاماكن التي يتم التنقيب فيها، هي المناطق الجبلية بمنطقة المناجم، التي تقع بالمدقات الوعرة بالقصير وطريق قفط وطريق مرسى علم وطريق إدفو، حيث كانت أولى أعمال التنقيب غير الشرعى عن الذهب، التي رصدت، جنوب البحر الأحمر نهاية عام 2009 بمنطقة البرمية بمرسى علم. 

بعد الوصول الى تلك المنطقة المنعزلة عن الأعين ولم تكن مؤطأ قدم، تركنا الدليل بصحبة أحد الأشخاص الذي أوصى بأننا من طرف أحد "المقاولين"، المختصين بجمع العمالة التي تقوم بالتنقيب، لنبدأ تلك الرحلة بمدخل إحدى السراديب، في باطن الجبل. 



- عمل منظّم 

عيون غائرة ووجوه عليها غبرة، وشفاة متشققة، اكتست بروائح الصخور، تلك هي الصورة عن العاملين في تلك السراديب والأنفاق الموجودة في الجبال، لتبدأ في تقسيم العمل المنظم، الذي يعتبر كأحدى خلايا النحل، فمنهم من يعمل بالتكسير أو التعبأة أو التحميل واستخراج تلك الأحجار الى الخارج. 

تمر أيام معدودة، لتتضح أمامنا تلك الصورة الخاصة بكيفية تنفيذ عمليات التنقيب عن خام الذهب، قفى بداية الأمر كان يضع المنقبون الجهاز على سطح الأرض، ويجرون البحث لحين أن يصدر الجهاز صوتا معينا وأرقاما على شاشته الصغيرة، ليثبت أن تلك المعدن هو ذهب، ثم البدء بالحفر لاستخراجه. 



- طرق الإعاشة 

يعتبر الأكل أو الشرب من الأشياء الضرورية، خاصة في تلك البيئة القاسية، ووسط العمل المكثف لأنجاز أكبر قدر من تلك المهمة، حيث يعتبر الغذاء عبارة عن الأجبان والأسماك المعلبة من التونة والسردين، بالاضافة الى العصائر المغلفة، وكميات من المياه التي تأتي في خزانات، ويستخدم جهاز لتوليد الكهرباء للإضاءة.



- البحث عن الكوارتز 

ولكن في الآونة الأخيرة سرعان ما تطورت عمليات التنقيب عن الذهب، باستخدام المعدات، بدلا من الأجهزة بتكسير أحجار الكوارتز وتعبأتها فى أجولة وظهور الكسارات لطحنها واستخراج الذهب منها في ذات المكان. 

يتم تعبئة أحجار الكوارتز، بعد التأكد من وجود خام الذهب فيها، وذلك عن طريق طحن كمية فى البداية لمعرفة نسب الذهب فى الطن الواحد فيها، والتى تصل 30 جراما فى الطن الواحد من أحجار الكوارتز. 



- قسم أجهزة التنقيب 

وتعتبر أجهزة الكشف عن الذهب، وهي عبارة عن جهاز كشف عن المعادن، يتم استخدمه للحث عن واستخراج الذهب، كل تلك الأدوات عرفها المواطنين المصريين من السودانيون، ومن أكثر الاجهزة شيوعًا هما جهازي "الجيبا" و"التكنس". 



- طحن الأحجار بالكسارات 

تأتي بعد ذلك مهمة أصحاب الورش، الخاصة بتفريغ أحجار الكوارتز، داخل كسارة كبيرة بها أسطوانتين حديدتين تدوران عكس بعضهما لطحن الأحجار، مع تشغيل المياه عليها بشكل دائم أثناء الطحن، ثم عقب الانتهاء من الطحن يقوم بسكب مادة كميائية تعمل على عزل خام الذهب عن نتائج طحن الكوارتز. 



- 2000 جنيه لطن الأحجار 

قيمة طحن طن من أحجار الكوارتز تبلغ 2000 جنيها، وتستغرق المعدات من 4 إلي 5 ساعات لطحن الطن الواحد، والذي غالبًا ما يستخرج قرابة 40 أو 50 جرامًا للطن من تلك الاحجار. 



- الجمع والتصفية 

يتم جمع حبات خام الذهب بعد طفوها على سطح الماء، وتجميعها بمصفاة ثم صهرها وتجميعها عن طريق التسخين لتصبح قطعة واحدة، عبارة عن سبائك، للبدء في اعدادها للبيع، عن طريق تجار ذهب معينون أغلبهم من محافظة أسوان والقاهرة وقنا لديهم اتباع داخل أودية الجبال لإخبارهم فور استخراج أى شخص كمية من الذهب. 

وبعد إستخراج خام الذهب ويباع بمقابل بيع سعر الذهب الـ21 فى السوق، حيث إذا كان سعر الذهب العيار 21 فى السوق 800 جنيه يصل الكيلو من الذهب الخام إلى 800 ألف جنيه. 



- نهاية الرحلة 

بعد قضاء 3 أيام، جاء "الشيخ خ.م" دليل تلك الرحلة، ليخبر المسؤول عن الموقع ان هناك حملة أمنية مكبرة، تم الاعداد لها لمداهمة تلك المنطقة، وضبط المنقبين ليتم الخروج من تلك الرحلة، الا أنه بعد خروجنا من المكان، تم القاء القبض على بعض المنقبين الآخرين، وبحوزتهم سيارة بدون لوحات، و2 دراجة بخارية بدون لوحات، وميزان حساس رقمي صغير، وزجاجة بلاستيكية بها مادة الزئبق، وقطعة صفراء اللون يشتبه أن تكون لخام الذهب تزن 646 جرام تقريبا. 



- زيادة في أعداد المنقبين 

ويشير أحمد طاهر، باحث جيولوجي، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، الى أن العاملين في التنقيب عن الذهب في منطقة جبال البحر الأحمر يتم التعامل معهم على كونهم لصوص ويتم القبض على أعداد كبيرة منهم، ولكن أعدادهم زادت بشكل كبير ولم تتمكن الدولة من مواجهة التنقيب الغير شرعي.



- استغلال المنقبين لصالح الوطن 

ويوضح أن أغلب هؤلاء المنقبين في الأصل مواطنين عاديين أو رعاة للاغنام ضاقت بهم السبل والبحث عن لقمة العيش، ليتوجهوا للبحث عن الذهب في الجبال، مطالبًا بضرورة استغلال خبرة هؤلاء المنقبين والاستفادة من الذهب لصالح الدولة، على الرغم من استخدامهم أجهزة بسيطة وبدائية. 



- الدولة تواجه التنقيب 

قامت الدولة، بعد إنتشار تلك عمليات التنقيب الغير شرعي عن خام الذهب جنوب البحر الأحمر بإتخاذ بعض الإجراءات لتقنين عمليات التنقيب في بداية عام 2014 وذلك عن طريق استخراج تصريح للمنقبين مقابل مبلغ مالى شهريًا، عن طريق شركة الشلاتين لاستخراج الذهب ويتم تسليم الكمية المستخرجة لها ويحصل المنقب على 20% من النسبة للمستخرجة إلا أن لم تستمر لعدم تسليم المنقبين الكميات بشكل صحيح وعدم دخول الكثير منهم تحت مظلة الشركة. 



- الاستثمار في التنقيب 

ولقد طرحت وزارة البترول 5 مناطق بالصحراء الشرقية للاستثمار فى التنقيب عن الذهب، وهى بالأودية المختلفة جنوب البحر الأحمر، منها مناطق البرمية وعتود والفوخير، وأكدت مؤخرًا أنه تم توقيع الاتفاقيات للتنقيب والتى رست على 4 شركات عالمية. 



- محاربة الدولة 

وتحارب الدولة المنقبين غير الشرعين، عن الذهب جنوب البحر الأحمر عن طريق شن حملات متكررة بالأودية الجبلية لضبطهم، وتم ضبط المئات منهم فى حملات تم شنها خلال الأشهر القليلة الماضية. 



- حملات أمنية مكبرة 

وتمكنت الأجهزة الأمنية بالبحر الأحمر، في مطلع شهر سبتمبر الماضي، بالتنسيق مع مباحث مرسى علم، من ضبط 42 منقبا عن الذهب بطرق غير شرعية بينهم 5 مصريين والباقى من جنسية أخرى، وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة لمباشرة التحقيقات. 

حيث توجه الدولة تهمة استخراج معادن طبيعية من المناجم والمحاجر بدون ترخيص من الجهات المختصة، والتى جاءت عقوبتها بالقانون رقم 198 لسنة 2014 بالسجن لمدة لا تقل عن العام، وغرامة لا تقل عن ربع مليون جنيها.