الجماعة أم الوطن؟.. مواقف "الإخوان" الملتبسة إزاء الهوية والانتماء

عربي ودولي

جماعة الإخوان
جماعة الإخوان


نشرت "سكاي نيوز عربية" تقرير حول حركات وولاءات جماعة الإخوان الإرهابية في الخارج، مشيرة إلى أن التنظيم يواجه مواقف "ملتبسة" إزاء مسألتي الهوية والانتماء.

 

وقال التقرير: "تتبنى تنظيمات الإسلام السياسي مواقف ملتبسة إزاء مسألتي الهوية والانتماء، ويميل أتباع هذه التيارات المتشددة في العادة إلى تغليب مفهوم "الأمة" على الدولة الوطنية".

 

وأضاف التقرير: "إذا كانت الحكومات العربية قد سعت في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى تكريس مفهوم الدولة لدى الشعوب حتى يضحي الناس قادرين على العيش في وئام بغض النظر عن اختلافات الطائفة واللغة والدين، تجاهلت تنظيمات الإخوان هذه المساعي وركزت على ما اعتبرته "إطارا جامعا وعابرا للحدود" بل وانتقدت ما أسمتها (قطرية ضيقة)".

 

وأكد: "على الرغم من سقوط الخلافة العثمانية، رسميا، سنة 1923 بعدما صارت تنعت في آخر أيامها بالرجل المريض، أبقت حركات الإخوان نفسها في حنين متواصل إلى قرون مضت، حتى وإن لم يكن "الباب العالي" في إسطنبول قد أثمر تجربة ملهمة في البلدان التي خضعت له".

 

وتابع: "في ظل هذا التأرجح بين الولاء للوطن والارتماء في حضن جماعة مؤدلجة، يثار في أيامنا هذه نقاش شائك حول جدلية الانتماء لدى أتباع الإخوان، لاسيما أن ممارسات بعض الأحزاب والتيارات في دول عربية أظهرت حجم الضرر الذي يلحق بالدول حين يدين أبناؤها بالولاء لجهات خارجية".

 

ويحاول أتباع الإخوان أن يجدوا ذرائع لهذا الولاء الخارجي من خلال الحديث عن كون المسلمين أمة واحدة، لكن هذا الكلام الذي يبدو بديهيا، ينطوي على حيلة كبرى، فالإسلام دين سماوي شامل لكل معتنقيه أما الإسلام السياسي فمجرد تيار متشدد يضم قاعدة محدودة من الأتباع.

 

وفي إطار هذا الولاء "الجارف"، جعل عددٌ من أتباع الإخوان من أزمة الليرة التركية قضيةً لهم، فدعا كثير منهم إلى شراء العملة بذريعة وجود حرب "غربية" على البلد الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، الذي ينتهج فكر الإسلام السياسي، حتى وإن كانت البلاد علمانية منذ تسعة عقود.

 

ولم تكن أزمة الليرة سوى غيض من فيض، كما يقال، فمنصات التواصل الاجتماعي تشهد على "انبهار إخواني"، في محاولة لتصوير "النموذج التركي" بمثابة نجاح خارق حتى وإن كانت السنوات الأخيرة قد عرت نقائص خطيرة مثل المشكلات الاقتصادية وانتهاكات حقوقية من جراء اعتقال وتسريح آلاف الأشخاص.

 

أصول الالتباس

 

ويرى الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات، منتصر حمادة، أن فهم هذه القضية يستدعي العودة إلى سياق تأسيس أول حركة إسلامية في المنطقة، ويتعلق الأمر بجماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا في مصر سنة 1928.

 

ويوضح "ما يهم في هذه السياقات بالتحديد، هو السياق الزمني، أي تاريخ التأسيس، فهذه الجماعة تأسست بعد 4 سنوات بعد سقوط ما كان يصطلح عليه الخلافة العثمانية..".

 

وأوضح "منذ لحظة التأسيس وحتى اليوم، لا تختلف أغلب الحركات الإسلامية، سواء كانت تشتغل في العمل الدعوي أو العمل السياسي (ما يصطلح عليه بالإسلام السياسي)، أو العمل القتالي (الإهاب) على التركيز نظريا وعمليا على إقامة "دول الخلافة".

 

وتبعا لذلك، يرى حمادة أن هم العقل الإسلامي ما يزال هما أمميا، يشغل بال هذه الجماعات الإسلامية، حتى لو كانت في أستراليا أو البرازيل، أي أن الولاء يكون لصالح الجماعة الأمة وتفرعاتها، قبل الولاء للدولة الوطنية".

 

ويضيف حمادة أنه من هنا جاءت فكرة ما يصطلح عليه بالتنظيم الدولي للإخوان، والذي ينظم لقاءات دولية في العديد من دول عدة، وخاصة في باكستان وتركيا وقطر، ويؤدي هذا الإيمان العقدي عند أغلب الإسلاميين إلى هوس في متابعة قضايا التنظيم في العالم.

 

وتركز هذه الأصوات على قضايا التنظيم أكثر مما تولي اهتماما لشؤون البلاد الداخلية، ففي المغرب مثلا، يقول حمادة إن هذه الأقلام تتفاعل بحماس أكبر مع قضايا التنظيم مقارنة بما تفعله إزاء قضية الصحراء التي توصف في البلاد بالقضية الأولى.

 

وقال حمادة إن عددا قليلا من الإسلاميين قاموا بمراجعات، أما الأغلبية فما زالت رهينة لأدبيات ترفع من شأن الجماعة وما يسمى "الطائفة المنصورة" وتنظر إلى المجتمعات الراهنة باعتبارها جاهلية.

 

موازاة مع ذلك، تعتمد الجماعات الإسلامية مبدأي "التمكين" و"التقية"، والسبب في هذا بحسب حمادة، هو أنه لا يمكن لمن يعتنق أفكارا من هذا القبيل أن يتحرر بين عشية وضحايا.