من دانيال لـ "الخواجة ريان".. قصة مصور سويسري اعتنق الإسلام لما رآه من معاملة حسنة بين الأقصريين

محافظات

بوابة الفجر


المصور السويسري يحكي لـ"الفجر" مواقف مثيرة حدثت له في مصر وغيرت مجرى حياته

دانيال: مومياء رمسيس الثاني تحدثت معي في المتحف المصري 20 دقيقة

هدية الخالق لـ"ريان" تجعل شيخ الأزهر يبارك له اعتناقه الإسلام

ريان: روجت للسياحة بالتقاط 7 آلاف صورة للمعالم الأثرية.. وأتمنى حصولي على الجنسية المصرية


"المعاملة الحسنة"، صفة حميدة تحلها بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وأوصانا بها، ليتحلى بها الكثيرون حول العام، ولكن تحلي المصريين بها له طابع خاص، وخاصة في قلب الصعيد بمحافظة الأقصر، والتي تجذب العديد إلى حبهم لدرجة كبيرة جدًا.

ومن بين درجات الجذب التي يتمتع بها أبناء الأقصر للغير من معاملتهم الحسنة، جذبت سائح سويسري الجنسية جاب العديد من دول العالم، للاستقرار بالمحافظة الحضارية والتسويق لها، بل وجعلته يعتنق الإسلام لما رآه من كرم أخلاق وود وتسامح من الأهالي في معاملته.

والتقت "الفجر"، السويسري "دانيال بيك"، والذي قام بتغيير اسمه منذ أيام، إلى "ريان"، بعد نطقه الشهادتين أما الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حين وصوله مسقط رأسه في أجازته الشهرية، ليقص علينا أحداث مثيرة عن مدة عشقه للتاريخ الفرعوني، وتغير مجرى حياته بالاستقرار في مصر، واعتناقه الديانة الإسلامية.

وبدأ صاحب الـ47 عامًا، الذي ولد في مدينة بازل السويسرية، حديثه عن عشقه للحضارة الفرعونية، التي بدأت منذ عامه الثاني عشر، حين كان يدرس في المدرسة، كيفية خروج اليهود من مصر، والتي لم يلتفت لها بقدر أهميته بدراسة التاريخ الفرعوني، وحلمه بزيارة مصر.

"سحر الفراعنة في معبد الكرنك"

وأوضح، أنه زار العديد من البلدان حول العالم، وفي عام 2000 قرر المجيئ إلى مصر، حيث تفقد في أول زيارته له، معبد الكرنك، الذي سحره، وأن هذا المبنى لم يرى له مثيل في العالم، لما يحتوي عليه من تصاميم هندسية رائعة، وأعمال يدوية عالية الدقة، والأبنية المرتفعة بداخله، مما جعله يشعر بأن بداية العالم بدأت من مصر.

وأضاف، "سحر الحضارة الفرعونية، جعل لدي شعور، أن مصر هي من قامت بتعليم كل بلاد العالم التقدم في جميع المجالات، كالتكنولوجيا وعلم الفلك والطب وغيرهم مما كان يتقنه الفراعنة، وترك ذلك لديه انطباع بأن الحضارة الفرعونية هي أول حضارة في العالم، مما جعله يحرص على زيارتها عدة مرات.

"رحلته في الترويج للسياحة المصرية"

"الدعاية السياحية لمصر خارجيًا ليست على مستوى مكانة الحضارة التاريخية التي تمتلكها"، هكذا تحدث "بيك"، عن ضعف الترويج السياحي لمصر، قائلًا: هذا الأمر جعلني أقرر التفكير في الترويج لها على من خلال التقاط الصور للأماكن التاريخية، وعرضها من خلال "الإنترنت" وأنشأ صفحة عامة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت اسم Amun Tours Egypt، والتي وصل عدد متابعيها حتى الآن لأكثر من 35 ألف متابع، وزار الكثيرون منهم مصر مؤخرًا.

وأرف، أن فكرة ترويجه للسياحة الثقافية المصرية، لم تهدف إلى كسب المال، ولكن لعشقه لهذه الحضارة، مؤكدًا أن تكلفة ما أنفقه على تصوير المناطق الأثرية في مصر، بواقع 7 آلاف صورة تقريبًا، خلال الـ6 سنوات الماضية يصل إلى نحو 10 آلاف يورو، وذلك من أجل مساعدة المصريين فقط، لجلب المزيد من السياح وتوافر العمل لديهم، مطالبًا بحصوله على تسهيلات في تصوير المناطق الأثرية ليستطيع المساهمة بشكل أكبر في فكرة الترويج، ووصل متابعي الصفحة التي أنشأها إلى 350 ألف خلال الفترة المقبلة.


"حديث مومياء رمسيس الثاني للسائح لمدة 20 دقيقة"

وأشار "ريان"، إلى أنه في إحدى زياراته، ذهب إلى المتحف المصري، وشعر بأن مومياء الملك رمسيس الثاني تتحدث معه، مما جعله يتوقف أمامها لمدة تصل إلى 20 دقيقة، وأن الملك أمره بالذهاب للأقصر والعيش في جبل القرنة بالبر الغربي من محافظة الأقصر.

واستطرد، أن هذه الإشارة ظلت تراوده كثيرًا في عقله، حتى أخذ هذا القرار بالفعل، واشترى مسكنًا بقرية البعيرات مطلًا على الجبل، لأنه يحب رؤية المقابر الفرعونية يوميًا حين استيقاظه من النوم.

وتابع، أنه كان يتمنى قبل شراء المنزل ومازال، أن يحصل على بيتًا بجوار منزل كارتر، أو جبل القرنة بالمناطق التي تم تهجيرها منذ سنوات، لافتًا إلى مدى علمه بأن هذا الأمر مستحيل، ولكنه يتنمى ذلك.


نقطة التحول التي تسببت في اعتناق دانيل للإسلام

يقول السائح "السويسري "في رحلاتي المتكررة للأقصر، كنت أرى ما يحدث بين الأهالي من مساعدة بعضهم البعض، وخاصة في شهر "رمضان الكريم"، حيث يساعد الغني الفقير، على عكس ما أراءه في قنوات التليفزيون الأوربية من الحديث بصورة سيئة عن المسلمين، ومن هنا كانت بداية تفكيري منذ 4 سنوات في اعتناق الإسلام الذي أشعر بأنه ديني.

ومضى في حديثه، أرى الإسلام في الشارع، كوقوف أحد الأشخاص بسيارته لسيدة مسنة في الشارع لاستقلالها دون معرفتها، وإمرأة تحمل طفلها، ومساعدة الشباب للمسنين في القطار بحمل حقائبهم، لافتًا إلى أن هناك مواقف حدثت معه شخصيًا جعلته يرى الإسلام بداخله.

ومن بين تلك المواقف التي قصها "دنيال بيك"، قدوم فني كهربائي لمنزله، لتعطل التيار، وبعد إصلاح العطل لم يتقاضى منه أجر، لأن العطل بسيط، بالإضافة إلى انقاذ صديق أقصري له، أثناء تواجده في البحر الأحمر، بشراء تذكرة طيران شارتر له عن طريق الهاتف لنفاذ النقود منه، دون ضمانات، مشيرًا إلى أنه قص هذه الرواية على أصدقائه وزوجته في سويسرا ولم يصدقوا هذا الأمر، لأن المعاملة هناك في الماديات تتطلب ضمانًا كتابيًا.

كما لفت إلى معاملة جيرانه الحسنة له، بإعطائه الخبز الشمسي الساخن الذي يتميز به أبناء الأقصر، واستبدال اسطوانة البوتاجاز الفارغة، بالإضافة إلى إهداءه الأطعمة التي يشتهر بها أبناء الصعيد، وجود الكرم الذي لم يراه من قبل، والذي يعد في طباعه.

وأكد، عدم قراءته عن الإسلام في الكتب أو من خلال "الانترنت"، قائلًا: "اعتناقي له جاء من منطلق إحساسي تجاه معاملات المواطنين في الأقصر"، وأن هذا ما أحب أن أتعامل به مع الناس الآخرين.

هدية الخالق لـ"ريان".. ومباركة شيخ الأزهر اعتناقه الإسلام

أقام "دانيال بيك" الخميس قبل الماضي، معرضًا للصور " وادي الملوك بعيون سويسرية"، في مكتبة مصر العامة بالأقصر، لعدد من الصور التي التقطها للمعالم الأثرية بالمحافظة، مشاركة منه في الترويج للسياحة الثقافية، وما ان انتهى يومه الحافل بالتعب والمشقة لما سبقه من أيام للتجهيز للمعرض، حتى علم بقدوم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى مسقط رأسه.

يقول أحمد قناوي، الصديق المقرب لـ"بيك"، إنه رغم إرهاقه الشديد من تجهيزات المعرض وافتتاحه، إلى أنه أصر على مقابلة شيخ الأزهر في هذا اليوم، حتى ليشهر اسلامه على يده، مشيرًا إلى قيامهم بالذهاب إليه في ساحة آل الطيب بمدينة القرنة.

ومضى قناوي بالقول، عندما تحدثت مع الإمام الأكبر، وأخبرته بذلك، أخبرني بضرورة الذهاب لمشيخة الأزهر لإشهار إسلامه هنا، فطلبت منه أن يجلس معه دانيال، للحديث عن بعض الأمور قبل أن يشهر إسلامه، فوافق بالأمر، وطالبني بترجمة ما يقول بالألمانية، لأن لغة السائح الانجليزية ضعيفة وحتى لا يكون هناك لبس معاني بعض الكلمات، الأمر الذي جعلني أشعر بتخوف من مسئولية هذه الترجمة، وهنا كانت المفاجئة.

وتابع، كان يتواجد رجل وزوجته ألمانيان الجنسية، ويتحدثان العربية بطلاقة جدًا، فطلب منهم شيخ الأزهر ترجمة ما يقول دانيال بالعربية، وترجمه ما يقوله الشيخ بالألمانية للسائح، ودار بينهما نقاشًا شيقًا، وبانتهائه أخبر الإمام الأكبر دانيال، بأن الإسلام في قلبة قبل أن يشهر إسلامه، لحبه للمعاملة الحسنة، وما يقوم به تجاه الناس من ود ومساعدة الغير.

وذكر صديق السائح، أن دانيال عطوف بطبعه، حيث يقوم بالإحسان للغير دون معرفتهم، ومن بين الأمثلة على ذلك، تصدقه بالمال لبعض الفقراء، في أشد ظروفه المادية الصعبة، بالإضافة إلى قيامه بتوزيع التمر الذي يثمر من نخلة في منزله على جيرانه في رمضان، ليشاركهم فرحة هذا الشهر العظيم، وغير ذلك من المواقف العديدة.

وعاد بالحديث مجددًا عن مقابلة الإمام الأكبر، ذاكرًا أن الألمانيان المتواجدان لديه، سألا "دانيال" عن صدفة مجيئه وهما متواجدان، لخبرهما شيخ الأزهر، أن الله أرسلهما كهدية له للقيام بالترجمة الصحيحة للطرفين دون حدوث أية أخطاء قد تؤثر على مفهوم الحديث.

و غير دانيال اسمه إلى "ريان"، وبسؤاله عن سبب اختيار الاسم، أوضح أن "الريان" باب من أبواب الجنة يدخله الصائمون، ولتأثره بالود والحب الذي يراه في أنفس جيرانه بشهر رمضان الكريم وهم صائمون.

وأعرب "ريان" في ختام حديثه عن سعادته باعتناقه الإسلام، قائلًا: " أنا سعيد باعتناقي الإسلام.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله"، متمنيًا حصوله على الجنسية المصرية، لأنه يشعر بأنه من أبناء هذه البلدة، ولا ينتمي إلى مكان آخر.