السلفيون: "اختنوا فتياتكم" لضبط الشهوة وعدم الانحراف.. حتى لا يدمن ممارسة الحب

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


التحريض على الختان فى الجمعيات الشرعية.. والجراحة بـ400 جنيه فى المستشفيات التابعة لها


بجوار مسجد الاستقامة الموجود فى قلب ميدان الجيزة، توجد سوق كبيرة لبيع ملابس المنقبات والمستلزمات الدينية، من عطور ومصاحف وكتب دينية، تجولنا لساعات داخلها، لإلقاء نظرة على بعض الكتب التى تباع للمواطنين، فلاحظنا أن كل البائعين يغلب عليهم الشكل الكلاسيكى للسلفيين، جلباب قصير ولحى كثيفة.

ومن بين الكتب لفت انتباهنا كتابا بعنوان «الختان»، لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق جاد الحق على جاد الحق، فالتقطناه وألقينا نظرة سريعة عليه، فوجدناه لا يجرم ختان الإناث، بل يدعمه ويدعو إليه، فقررنا البحث عن الكتب الدينية التى تناولت موضوع الختان.

سألنا الباعة عن وجود كتب أخرى فأكدوا وجود العديد من الكتب المعنية بالأمر، غير كتاب الشيخ جاد الحق، لكنها نفدت لكثرة الطلب عليها، ونصحنا أحدهم بالتوجه إلى شارع العزيز بالله الموجود فى منطقة حدائق الزيتون، حيث سنجد هناك العديد من الكتب ذات الصلة، وعلى الفور انتقلنا إلى حيث دلنا البائع.

وعندما وصلنا لشارع العزيز بالله، دخلنا إحدى المكتبات المنتشرة به، تعلوها لافتة مكتوب عليها «سلسبيل»، وهناك وجدنا كتابا آخر عن نفس الموضوع، وهو «الختان شريعة الرحمن»، فسألنا البائع، شاب سلفى المظهر، هل هناك كتب أخرى عن الختان؟، فاقترح علينا كتاب شيخ الأزهر جاد الحق، ثم تطوع وأخبرنا أن ختان الإناث حلال شرعا، ونصحنا بإجراء العملية لكل فتاة فى أسرتنا، بداعى أن القوانين المدنية الموجودة حاليا لا تتفق مع الشريعة الإسلامية، مستشهدا بأن العرب كانوا يسبون من لم تختن أمه ويصفونه بـ«ابن القلفاء».

بعد ذلك، قررنا خوض جولة ميدانية على بعض المساجد، لمعرفة آراء أئمتها فيما يخص قضية الختان، والبداية كانت من مسجد العزيز بالله، التابع للجمعية الشرعية بمنطقة حدائق الزيتون، وهناك استقبلنا شيخ يبدو عليه المظهر السلفى، يدعى الشيخ أحمد السيد، فسألناه: هل الختان حلال أم حرام؟

أجاب: «يجب على الفتاة أن تذهب إلى طبيبة مؤتمنة، لتحدد لها إذا كانت تحتاج إلى الختان أم لا، فهى مسألة طبية، وإذا كان هناك بُد من العملية فالشرع يقر هذا، وإذا لم يكن للعملية داع فالشرع أيضا يحترم ذلك»، فأخبرناه أن لنا قريبة تبلغ من العمر 8 سنوات، وعرضناها على طبيبة فأخبرتنا أنها تحتاج إلى إجراء الختان، ولكن والدها يرفض ذلك.

عندها، نصحنا الشيخ بأنه يجب على الوالد أن يفهم بأن الختان أمر شرعى، وطالما الطبيبة نصحت بإجراء العملية فعلى الجميع أن يلتزم بالاستشارة المتخصصة فى هذا الشأن، موضحا أن الفتاة قد تجرى العملية حتى سن 12 عاماً، لأنها غالبا تتم فى سن كبيرة بعض الشيء، حتى يكتمل نمو الفتاة ليتسنى للطبيبة إجراء العملية، مؤكدا أن الشرع يبحث عن المصلحة العامة، ومن يبتعد عن الشرع يأثم.

وفى اليوم التالى ذهبنا إلى منطقة المطرية، وانطلقنا إلى مسجد التوحيد الموجود فى عزبة العقاد، أحد مساجد الجمعية الشرعية المشهرة برقم 1019، وهناك قابلنا الإمام، وهو الدكتور الشيخ عبد العزيز، شيخ سلفى المظهر، تكسو وجهه لحية بيضاء، فى العقد السادس من عمره تقريبًا.

قصصنا عليه القصة السابقة، وأن قريبتنا الطفلة لم تختن، لأن والدها يرفض تماما ذلك، رغم تأكيدات طبية أن البنت تحتاج إلى الختان، فقال: الختان واجب للولد مكرمة للبنت، لأنه يعمل على «تظبيط الشهوة»، وهو شيء ليس منكرا أو حراما، وعلى الفتاة أن تذهب للطبيبة لإجراء الختان، مع مراعاة أن السن المناسبة لإجراء العملية يكون قبل البلوغ، ومن الممكن أن تجريها الطفلة وهى فى سن الـ13 من عمرها، خاصة أنه سنة مستحبة ومكرمة للفتاة، حتى نراعى مستقبلها بعد ذلك، لتكون عاطفتها هادئة، مستشهدا بما جاء فى كتاب شيخ الأزهر جاد الحق.

سألناه: هل ممكن أن نجرى لها الختان دون معرفة والدها؟، فأجاب: نعم يجوز ذلك «مفيش مشكلة»، لأنه شىء أباحه الله سبحانه وتعالى، ليس حراما ألا نعلم الوالد، «هو الأب له إيه فى الأمور دي؟»، الأصل أن الأم هى التى تتدخل فى مثل هذه الأمور وليس الأب، موضحا أنها أمور شرعية وإذا أصر الأب على موقفه يتحمل هو الذنب.

أخبرناه أن والدها يرفض الختان لأن القانون يمنعه، فقال: ليس لنا علاقة بالقانون، وبما أن الأب يرفض الشرع يتحمل إثم ذلك، فهذا القانون شاذ وضد الدين ولا يحكمنا، فالختان عادة منتشرة فى مصر كلها وهى أمر طبيعى، المفاجأة الحقيقية تجلت فى آخر حديثنا معه، عندما سألناه عن لقب دكتور الذى يسبق اسمه، فأجاب بأنه طبيب أمراض صدر.

بعد ذلك توجهنا إلى مسجد النور المحمدى، الموجود فى منطقة المسلة القديمة، والذى يتبع أيضا الجمعية الشرعية، وهناك قابلنا إمام المسجد الشيخ طه عبد العظيم، فأخبرناه بما أخبرنا به من سبقوه، فقال إن اختلفت فى شيء فردوه إلى الله ورسوله، ونقطة الفصل فى هذه القضية ليس الأب والأم أو البنت، ولكن الشرع فى المقام الأول، وهو الذى يقول تستحق أم لا تستحق، بعد استشارة الطبيبة.

وتابع: إذا أكدت الطبيبة وجوب ختان الفتاة فالأمر أصبح إجراء العملية إلزاميا، لتفادى الأضرار الذى قد يتسبب رفض إجرائها فى حدوثها فيما بعد، خاصة أن الزمن الذى نعيشه الآن مليء بالفتن والانفلاتات، فإذا لم تختن الفتاة قد يؤدى ذلك إلى زيادة شهوتها، ما قد يفتح بابا أمامها للانحراف الأخلاقى، لذا لابد من ضبط هذا الأمر، لأننا نخشى على البنت فيما بعد، خاصة أن الطبيبة أكدت حاجتها إلى الختان.

وقبل انتهاء المقابلة سألنا الشيخ عن رأى والدة الطفلة، فأخبرناه أنها موافقة فأثنى على ذلك وقال «يعنى خايفة على بنتها»، موضحا: المفروض الأب هو الذى يسعى لإجرائها، وأى شخص عنده قدر قليل من التدين عليه أن يكون حريصا على أن تختن ابنته، لذا من الممكن أن نجرى عملية الختان بدون معرفة الوالد، لأن الختان ليس حراما، والبعض قال بإنها مكرمة.

انتهت المقابلة وقررنا الدخول إلى المستشفى الملحقة بالمسجد، مستشفى النور المحمدى، لمعرفة إذا ما كانوا يجرون عمليات الختان للإناث بها أم لا، خاصة بعدما تحدثنا مع بعض أهالى المنطقة، الذين أكدوا إجراء المستشفى عمليات الختان للفتيات.

دخلنا المستشفى وتحدثنا مع موظف شباك تذاكر الكشف، أخبرناه برغبتنا فى إجراء عملية ختان لطفلة قريبة لنا، لذا نود معرفة تكلفة العملية، فسألنا: هى عندها كام سنة؟، أجبنا: 8 سنوات، فقال: «الطهارة» ممنوعة، فأخبرناه أن بعض الأهالى أكدوا لنا أن المستشفى يجرى ختاناً للإناث، فقال بعد تفكير، «هاتى البت تكشف جراحة أطفال، والطبيب يفحصها، لو تحتاج عملية هيقول لنا نعمل إيه، وإذا لم تحتاج لن تجريها، والمواعيد يوميا من 7 إلى 9 مساء».

سألناه: إذا قال الطبيب إنها تحتاج إجراء ختان، كم ستكون تكلفة العملية؟، فأجاب: «أصلها متعملتش كتير عندنا، بس عموما مش هتتكلف كتير، حوالى 400جنيه بس».

انتهت جولتنا الميدانية على 3 مساجد تابعة للجمعية الشرعية فى مناطق مختلفة، وأكد أئمتها على ضرورة إجراء عمليات الختان للفتيات إذا استوجب الأمر ذلك، بعد مشورة الأطباء، فى مخالفة واضحة للقانون، الذى يجرم الأمر.

تصفحنا الكتابين اللذين حصلنا عليهما، الأول كتاب الختان للشيخ جاد الحق على جاد الحق، أحد إصدارات دار أصحاب الرسول للنشر والتوزيع، برقم إيداع 23091/2007، وجاء فى مقدمته: «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا»، البقرة 217، وكم للقتال من أساليب، هذا أحدها، يرمون من ورائه اليوم إلى إبطال شعيرة الختان والله من ورائهم محيط.

أمام هذا الكيد يسر الله تعالى للقائمين على تحرير هذه المجلة، «مجلة الأزهر» تذكر فتوى لفضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق فى الختان ووقع على هذه المقدمة دكتور على أحمد الخطيب رئيس التحرير.

ويوضح الكتاب آراء الأئمة الأربعة فى الختان، وخلاصة هذه الأقوال أن الفقهاء اتفقوا على الختان فى حق الرجال والخفاض فى حق الإناث مشروع، ثم اختلفوا فى وجوبه.

كما أوضح الكتاب أيضا رأى الأطباء، الذين يرون أن الختان يهذب كثيرا من إثارة الجنس، لاسيما فى سن المراهقة التى هى أخطر مراحل حياة الفتاة ولعل تعبير بعض روايات الحديث الشريف فى ختان النساء بأنه مكرمة يهدينا إلى أن فيه الصون، وأن طريق للعفة فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنية التى تؤدى إلى التهابات مجرى البول وموضع التناسل والتعرض بذلك للأمراض الخبيثة.

هذا خلاصة ما قاله الأطباء المؤيدون لختان النساء، وأضافوا أن الفتاة التى تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفى مراهقتها حادة المزاج سيئة الطبع، وهذا أمر قد يصوره لنا ويحذر من آثاره ما صرنا إليه فى عصرنا من تداخل وتزاحم بل وتلاحم بين الرجال والنساء فى مجالات الملاصقة التى لا تخفى على أحد، إن لم تختتن الإناث لتعرضن لمثيرات عديدة تؤدى بهن مع موجبات أخرى تزخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه إلى الانحراف والفساد».

وفى ختام الكتاب جاء: «وفى شأن الختان عامة للذكر والأنثى نذكر المسلمين بما جاء فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة لو اجتمع أهل بلد على ترك الختان قاتلهم الإمام «أى ولى الأمر» لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه، إن مقتضى هذا لزوما لختان الذكر والأنثى وأنه مشروع فى الإسلام». وفى النهاية توقيع شيخ الأزهر جاد الحق على جاد الحق.