طارق الشناوي يكتب: ماء النار

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


حققت هذه الدورة الفارقة من عمر مهرجان القاهرة السينمائى نجاحًا من الصعب تجاهله، ووهجًا من المستحيل أن نغض الطرف عنه، نعم لم يسلم الأمر من أخطاء، عدد منها مجانى، كما أن الكاتب والمنتج محمد حفظى، رئيس المهرجان، يتحرك فقط داخل دائرة مغلقة، بينما لصالح المهرجان أن تتسع الرؤية، ورغم ذلك فمن يتحمل المسؤولية أمام الدولة لا يمكن أن نجبره على أسلوب إدارته للأمور.

أتمنى أن يتحلى حفظى برحابة صدر وقدرة على الإنصات لكل الآراء حتى التى يتشكك بعضنا فى صدق دوافعها، هؤلاء لو قالوا شيئا يحمل منطقا ما، فإن على رئيس المهرجان وفريق العمل الإنصات له ودراسته.

نتابع بيانا يتم تداوله عبر (النت) يستقطب عددا من الأصدقاء والزملاء للتوقيع عليه، ولهم كل الحق قطعا فى تبنى ما يرونه معبرا عنهم.

فى البيان ذكروا اسم أكثر من منتج أجنبى عرضت أفلامهم بالمهرجان، وأنا ليس لى فى الحقيقة دراية بتلك التفاصيل الإنتاجية، ويقينى أن عددًا كبيرًا من الزملاء الموقعين على البيان لا يعرفون الكثير عن هؤلاء، ولم يشاهدوا أفلامهم.

البيان خص بالذكر اسم أحد المنتجين، وتوقفوا أمام فيلميه (اختراق) و(زيارة الفرقة) قالوا إنهما موجهان لتشويه مصر. لم أشاهد الفيلم الأول، وشاهدت الثانى عند عرضه فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان) عام 2009، ومن الممكن أن تعتبره قصيدة عشق فى مصر.

وبالمناسبة تقدم منتجه بعرضه فى مهرجان (القاهرة) وقبله مهرجان (أبوظبى)، وبالطبع هذا مرفوض تماما، لا نحكم على مضمون الفيلم، هل هو مؤيد لنا أم لا، جنسية الفيلم هى الفيصل أولا قبل مضمونه، وهكذا رفض الفيلم فى أبوظبى والقاهرة، لأنه إسرائيلى الجنسية، وليس لأنه ضد مصر.

هل تأكد زملائى الموقعون على البيان من صدق كل الوقائع، أم أن الخوف من الاتهام بالتطبيع صار سلاحًا يستخدمه البعض بمهارة لاكتساب أكبر عدد من الأصوات.

عام 2014 فى مهرجان الإسكندرية كان الصديق الناقد والشاعر الأمير أباظة قد أعلن أنه بصدد عرض فيلم (فيلا توما) فى الافتتاح، كما أنه سيشارك فى التسابق، قلت له، وكتبت وقتها أن الفيلم من الناحية العلمية يصنف كفيلم إسرئيلى، لأنه حاصل على تمويل من صندوق دعم الفيلم الإسرائيلى، وشركة الإنتاج تقع فى (حيفا)، وهوية الفيلم تحددها جهة التمويل.

صحيح الفيلم من إخراج فلسطينية الجذور التى تحمل الجنسية الإسرائيلية، سهى عراف، ولكن الفيلم إسرائيلى، وأصر أباظة على حقه فى العرض، وفى النهاية لم يعرض الفيلم، وتردد أن الجمارك المصرية منعته باعتباره فيلما إسرائيليا،ولم يجرؤ أى مهرجان عربى على عرضه.

زميلنا الصحفى والناقد والكاتب والمخرج والمنتج أحمد عاطف دُرة الذى يقف فى طليعة متهمى مهرجان القاهرة بالتطبيع مع إسرائيل- كان مشاركا فى التسابق بفيلمه فى مهرجان الإسكندرية، ولم ينسحب احتجاجا على السماح بمشاركة فيلم إسرائيلى، ولم يتهمه أحد بالتواطؤ حتى يحصل على جائزة، فلا أحد من حقه محاكمة الضمير. يُمسكون ماء النار يطلقون عليه اتهام التطبيع الذى يشوهون به من يريدون اغتياله أدبيًا، وفى مواقف أخرى نجد النيران قد صارت على من يحبونهم بردًا وسلامًا.