"الإرهاب الأبيض" قادم

العدد الأسبوعي

دونالد ترامب - الرئيس
دونالد ترامب - الرئيس الأمريكي


مركز أبحاث أمريكى يرصد: زيادة هجمات الإرهابية لليمين المتطرف فى أمريكا مقارنة بداعش


انتهت انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، بفوز الديمقراطيين بمجلس النواب واستعادة الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ، والمخيف أكثر أنها كشفت حقيقة صعود اليمين المتطرف فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى ظل وجود رئيس شعبوى -دونالد ترامب- فى البيت الأبيض، ما فجر حالة من الاستقطاب بالولايات المتحدة الأمريكية، وانقسامات شديدة بالمجتمع الذى يبدو أنه تحول إلى فريقين متنافسين.


استعادة الحزب الجمهورى لمجلس الشيوخ، رغم كل التحليلات التى أكدت أن الديمقراطيين سيسيطرون بالكامل على الكونجرس، جاءت لتؤكد أن تيار اليمين المتطرف فى أمريكا يتصاعد بقوة، وأن وجود ترامب فى البيت الأبيض، بداية رحلة طويلة ستخوضها الولايات المتحدة مع هذا التيار الذى يبدو أنه يتنامى ويتصاعد بوتيرة أسرع من المتوقع.

المشكلة الأخرى التى تواجه الولايات المتحدة أن صعود اليمين المتطرف يأتى فى ظل حالة من الاستقطاب، لا مثيل لها جعلت المجتمع الأمريكى منقسما بين اتجاهين على طرفى النقيض، ويكفى أن تدخل على صفحة ترامب على موقع التغريدات «تويتر»، لترى حجم التراشق بين أنصاره من اليمينيين المتطرفين وبقية الشعب الأمريكى لتكتشف حالة الاحتقان والتراشق التى جعلت من المشهد السياسى الأمريكى وكأنه صراعًا بين فريقى كرة القدم، بأعلى درجة من التعصب والتأهب للهجوم على المنافسين.

حسب تقرير لمركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية فى الولايات المتحدة الأمريكية، فإن التهديد الذى يمثله الإرهاب اليمينى فى الولايات المتحدة - وأوروبا - آخذ فى الارتفاع، ولا يقتصر على مجرد ظهور تيار سياسى معادٍ للمهاجرين والمسلمين ويمارس سياسة عنصرية ولكنه يمتد إلى أشكال متصاعدة من أعمال العنف والإرهاب.

وحسب تحليل مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية، مع الاتجاه المتصاعد فى التطرف اليمينى، تحتاج الوكالات الفيدرالية والمحلية فى الولايات المتحدة إلى التركيز وتوجيه واردها الاستخباراتية إلى اختراق الشبكات اليمينية المتطرفة ومنع الهجمات المستقبلية، حيث تزايدت الهجمات الإرهابية من قبل المتطرفين اليمينيين فى الولايات المتحدة، بين عامى 2007 و2011، كان عدد هذه الهجمات 5 أو أقل فى السنة. ثم ارتفع لـ14 فى عام 2012، استمرت الهجمات على مستوى مماثل بين عامى 2012 و2016، ثم قفزت لتصبح 31 فى عام 2017، كما ازدادت اعتقالات المباحث الفيدرالية للمتطرفين اليمينيين فى العام الجارى.

وهناك عدة عوامل قد تكون ساهمت فى هذا النمو الكبير لهذا التيار المتطرف الذى يهدد وحدة المجتمع الأمريكى، منها استخدام المتطرفين اليمينيين الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية بشكل متزايد لإصدار بيانات دعائية وتنسيق التدريب «بما فى ذلك التدريب على القتال، وتنظيم السفر لحضور الاحتجاجات والأحداث الأخرى وجمع الأموال وتجنيد الأعضاء والتواصل مع الآخرين.

ويوفر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى فرصة لا مثيل لها للوصول إلى جمهور أوسع، على نفس غرار استخدام تنظيم داعش للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، وكما لاحظ أحد المنشقين عن تنظيم داعش، فإن المتخصصين فى وسائل الإعلام أكثر أهمية من الإرهابيين التقليديين، لأن هؤلاء المتخصصين فى التواصل الاجتماعى قادرون على توسيع الشبكة الإرهابية من خلال تجنيد أعضاء جدد ونشر الأفكار المتطرفة وممارسة شكل من أشكال النفوذ على بقية أعضاء الشبكة.

وتنتشر على مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية عبارات مثل الكلمات الأربع عشرة، «التى يشار إليها أيضا باسم 14 أو 14/88»، التى صاغها عالم التفوق الأبيض ديفيد لين، وهو عضو مؤسس لمجموعة «جماعة الأمر» اليمينية المتطرفة، وتتضمن الكلمات الـ14 عبارات مثل: «يجب علينا تأمين وجود شعبنا والمستقبل للأطفال البيض».

ويسافر المتطرفون اليمينيون بشكل متزايد إلى الخارج للالتقاء وتبادل الآراء مع أفراد متشابهين، وفى ربيع عام 2018، على سبيل المثال، سافر العديد من أعضاء الحركة اليمينية الأمريكية «ارتفع أعلى» إلى ألمانيا وأوكرانيا وإيطاليا للاحتفال بعيد ميلاد أدولف هتلر، ولقاء أعضاء الجماعات الأوروبية العنصرية البيضاء.

أما ذاكرة الوصول العشوائى أو «RAM» وهى مجموعة يمينية متطرفة تتواجد فى جنوب كاليفورنيا، فنشر أعضاؤها صوراً على حساباتهم على انستجرام لرحلتهم فى أوروبا مع شعارات نازية وعنصرية، وفى أوكرانيا، التقى أعضاء «RAM» مع جماعات مثل كتيبة آزوف، وهى وحدة شبه عسكرية تابعة للحرس الوطنى الأوكرانى، والتى يقول مكتب التحقيقات الفيدرالى إنها مرتبطة بالأيديولوجية النازية الجديدة، ويعتقد أيضاً أن كتيبة آزوف تقوم بتدريب منظمات متعصبة يمينية فى الولايات المتحدة.

وتوفر هذه الروابط الخارجية للجماعات التى تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها فرصة لتحسين أساليبها وتطوير أدوات استخبارات مضادة أفضل وتشديد وجهات نظرها المتطرفة وتوسيع شبكاتها العالمية.

وحسب تقييم لوزارة الأمن الداخلى الأمريكية، بعد الانتخابات بوقت قصير، استغل المتطرفون اليمينيون انتخاب أوباما وركزوا جهودهم على تجنيد أعضاء جدد وتعبئة المؤيدين الحاليين، كما شعر آخرون بالضيق من موجة الهجرة إلى الولايات المتحدة من دول مثل المكسيك وسوريا.

وبالتأكيد ساهم وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فى توطيد قاعدة اليمين المتطرف الأمريكى. شعارات مثل «أمريكا أولاً» أو «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» والتى رفعها ترامب تتماشى تماماً مع أفكار اليمين المتطرف، يجد هؤلاء المتطرفون فى ترامب رئيسياً مثالياً وكثيراً ما يدخلون فى مشاحنات مع الجماعات التى تعارض أفكار ترامب.