تفسير الشعراوي للآية 110 من سورة الأعراف

إسلاميات

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي


{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ(110)}

إنها نكبة جاءت لفرعون الذي يدعي الألوهية، ونكبة لمن حوله من هؤلاء الذين يوافقونه، فكيف يواجهها حتى يظل في هيئته وهيبته؛ قال عن موسى: إنه ساحر، لكي يصرف الناس الذين رأوا معجزات موسى عن الإِيمان والاقتناع به، وأنه رسول رب العالمين، وبعد ذلك يهيج فرعون وطنيتهم ويهيج ويثير غيرتهم ويحرك انتماءهم إلى مكانهم فقال: {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}.

اتهموا موسى عليه السلام بأنه يريد أن يخرج الناس بسحره من أرضهم، وهذا القول من فرعون ومن معه له هدف هو تهييج الناس وإثارتهم؛ لأن فرعون اقنع الناس أنه إله. وها هي ذي الألوهية تكاد تنهدم في لحظة، فقال عن موسى إنه ساحر، وبين قوم لهم إلف بالسحر، وقوله: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} على لسان الملأ من قوم فرعون تدل على أن القائل للعبارة أدنى من المقول لهم، فالمفروض أن فرعون هو صاحب الأمر على الجميع، ومجيء القول: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} يدل على أن الذي يأمر في مسائل مثل هذه هو فرعون، وهذا يشعر بأن فرعون قد أدرك أن مكانته قد انحطت وأنه نزل عن كبريائه وغطرسته. أو أن يكون ذلك من فرعون تطييباً لقلوب من حوله، وأنه لا يقطع أمراً إلا بالمشورة، فكيف تشاور الناس يا فرعون وأنت قد غرست في الناس أنك إله؟ وهل يشاور الإِله مألوهاً؟. إن قولك هذا يحمل الخيبة فيك لأنك تدعي الألوهية ثم تريد أن تستعين بأمر المألوه.

ويقول الحق سبحانه: {قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ...}.