من "فاروق" لـ"السيسي".. العلاقات المصرية السعودية تتلألأ على مر العصور

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تشهد العلاقات المصرية السعودية، تميزًا وتطورًا ملحوظًا، في مواقف الدعم وتعزيز التعاون المشترك، والزيارات المتبادلة للقيادات والملوك والرؤساء، وتوطدت أكثر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ عمل على تدعيم أواصر الصلة والروابط التاريخية بين البلدين.

 

وترصد "الفجر" تاريخ العلاقات المصرية السعودية على مر العصور والرؤساء.

 

الملك فاروق

 

توطدت العلاقات المصرية السعودية بشكل جيد، منذ عام 1936م، حيث سعى الملك فاروق إلى تحسينها من خلال توقيع معاهدة الصداقة ‏بين البلدين، والتي أيدت فيها المملكة مطالب مصر بجلاء القوات البريطانية من أراضيها، ووقفت بجانبها‏وأيدتها أمام الجامعة العربية والأمم المتحدة، وفي كل المحافل الدولية.

 

وكان جبل رضوى - شمال غرب المملكة - شهد أول لقاء تاريخي جمع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بالملك فاروق ملك مصر، عام 1945م، وتم خلاله وضع السياسة الثابتة لمستقبل العلاقات الثنائية بين المملكة ومصر.

 

وبعدها جاءت زيارة الملك عبد العزيز لمصر سنة 1946م، فتطابقت وجهات النظر بين الملك عبد العزيز والملك فاروق تجاه الجامعة العربية، ووافق الملك عبد العزيز على بروتوكول الإسكندرية، وتمخض لقاؤهما عن موافقة الملك عبد العزيز فيشكل نهائي على انضمام المملكة العربية السعودية إلى الجامعة العربية.

 

جمال عبدالناصر

 

وتطورت العلاقات بشكل أكبر، بداية من عام 1955م، حينما جاء الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى القاهرة ليوقع مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اتفاقية للدفاع المشترك بين مصر والسعودية، كما أن الأسرة المالكة السعودية لم تكن تعتقد أنالاتفاقية مع مصر ستزيل الاحتلال البريطاني لـمنطقة "البوريمى" بالسعودية، ولكنها كانت عملا سياسيا يحدث أثاره المحلية، ريثما تتمكن السعودية من تنبيه وتحريك القوة الحقيقية القادرة على استعادة الواحة الغنية بمنابع البترول وهي أمريكا.

 

وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

 

وبعد العدوان الإسرائيلي على الدول العربية - مصر وسورية والأردن - عام 1967 توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب، مؤكدًا ضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها.

 

ورغم تحسن العلاقات، إلا أنها شهدت بعض التوترات في عهد "عبدالناصر"، حيث أيدت مصر موقف الثورة اليمنية وأرسلت جنودها هناك، بينما رفضت السعودية ذلك، وأيدت موقف الإمام اليمني محمد البدر حميد الدين، خوفا من امتداد الثورةإليها، حتى انتهى الأمر وحدث الصلح بين عبدالناصر والملك فيصل بعد نكسة 1967م، في مؤتمر الخرطوم، ودعا الملك فيصل الزعماء العرب للوقوف إلى جانب مصر والدول المضارة من العدوان.

 

وإبان نكسة 1967م، قدمت الرياض العديد من المساعدات لمصر، حيث نادى الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، آنذاك، ‏الزعماء العرب، بضرورة الوقوف إلى جانب مصر، وتخصيص مبالغ مالية لتتمكن من خلالها الصمود ‏بعد الحرب معإسرائيل.‏

 

 أنور السادات

 

لم تتوقف العلاقات المصرية السعودية عند الاتفاقيات المشتركة، بل شهدت دعم مشترك وخاصة خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وانطلاق حرب أكتوبر 1973، حيث ساهمت السعودية بالكثير من ‏النفقات المالية أثناء الحرب، وتزعمتمعركة البترول ضد الدول المساندة للجانب الإسرائيلي، وعلى ‏رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لخدمة مصر في الحرب والضغط عليهم بهذا السلاح.‏

 

وأصدر الملك فيصل قرارًا بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة التي كانت تساند إسرائيل، وطاف الملك فيصل بعدد من المدن المصرية وسط استقبال شعبي، وقال مقولته الشهيرة لوزير الخارجية الأسبق هنري كسنجر عند محاولته إثناءهعن قرار وقف ضخ البترول: "عشنا وعاش آباؤنا على التمر واللبن، وسنعود لهما".

 

ورغم نضج العلاقات المصرية السعودية، إلا أن التوتر أصابها، حيث جاءت اتفاقية كامب ديفيد، والتي رفضتها السعودية وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع مصر في أبريل 1979م، في عهد الملك خالد بن عبد العزيز.

 

حسني مبارك

 

وقفت مصر بجيشها مع السعودية في حرب الخليج لتحرير الكويت عام 1990م، بعدها قدمت السعودية ضمن خمس دول عربية دعمًا سخيًا للاقتصاد المصري، بلغ في ذلك الوقت 6.4 مليار دولار.

 

وازدهرت العلاقات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان هناك تقاربا في السياسة ولم تشهد هذه الفترة أي توترات بين البلدين.

 

 ثورة 25 يناير

 

أما العلاقات بعد الثورة، فإنها اتخذت شكلًا آخر، إذ شنت السعودية هجوما على نظام حسني مبارك، وعرضت السعودية، في موقف يعكس قوة العلاقة بين البلدين، مساعدات مالية، بدلا من المعونة الأمريكية.

 

وتحرك أحمد عبد العزيز قطان سفير السعودية بالقاهرة، بدبلوماسية ناجحة لمقابلة كبار المسئولين في مصر، وعلى رأسهم المشير طنطاوي، ورئيس الوزراء، مؤكدا أن السعودية بقيادة الملك عبد الله لن تتخلى عن مصر في أزمتها الراهنة، وأنعلاقتهم بمبارك انتهت منذ تنحيه عن الحكم، كما أن بلاده سوف تتعامل مع الرئيس الجديد الذي يختاره الشعب، ونفي دعمهم للسلفيين الذين رفع بعضهم أعلام السعودية وسط المظاهرات، وواعدًا بدعم التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين.

 

محمد مرسي

 

وعقب تولي محمد مرسي، رئاسة الجمهورية، قام بزيارة السعودية بناء على دعوة من لبحث العلاقات الثنائية، إلا أن العلاقات شهدت فتورًا كبيرًا، خاصة في ظل موقف الديوان الملكي الرافض لصعود نظام جماعة الأخوان المسلمين للحكم.

 

ثورة 30 يونيو

 

 وعقب ثورة 30 يونيو، أعلنت السعودية وقوفها إلى جانب مصر ضد الإرهاب، حيث أكدت وقتها رفضها لأي تدخل في الشأن المصري الداخل.

 

وأعلنت السعودية أنها ستقدم مساعدات لمصر بقيمة أربعة مليارات دولار وهو ما قابله تعهدات مماثلة من الكويت والإمارات.

 

وقام الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بالقيام بزيارة عاجلة لفرنسا ضمن جولته الأوروبية لدعم مصر.

 

الرئيس عبد الفتاح السيسي

 

وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت العلاقات المصرية السعودية، تطورًا ملحوظًا، استهلت عقب الانتخابات الرئاسية، في 20 يونيو 2014م، حينما جاء الملك عبد الله إلى مطار القاهرة الدولي، قادمًا من المغرب التي كان يقضي بهاأجازته الخاصة، واجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في جلسة مباحثات ثنائية لتعزيز العلاقات بين البلدين بغرفة اجتماعات طائرة العاهل السعودي.

 

وعقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية 2014م، كان العاهل السعودي الملك عبد الله أول المهنئين للشعب المصري وللمرشح الناجح عبد الفتاح السيسي، وقام بإرسال رسالة أوضح فيها أن المساس بأمن مصر هو مساس بالسعودية.

 

ونظرًا لمكانة مصر لدى السعودية، كانت أول زيارة لولى العهد محمد بن سلمان، في أول جولة دولية له عقب توليه ولاية العهد، اختياره لمصر وهو دليل واضح على مكانة مصر لدى السعودية والسعوديين ودليل على ثقلها العربي والإقليمي؛ حيثاستقبله خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحث لقاءهما مجلس التنسيق المصري السعودي المشترك، الذي يهدف إلى تعزيز أواصر التعاون والتبادل الاقتصادي بين الدولتين.

 

وتعددت زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمملكة العربية السعودية، إذ قام بأول زيارة في أغسطس 2014م، حينما التقى بالعاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وعقدت بينهما جلسة مباحثات حول الأوضاع العربية والعالمية.

 

وتوطدت العلاقات أكثر من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وتعاون بين البلدين في عدد من المجالات، شملت اتفاقيات قروض مشروعات تنموية في مجالات الطاقة والتنمية والكهرباء وتجنب الازدواج الضريبي، والصحة، والنقل البحريوالموانئ والزراعة والإسكان والتجارة والصناعة ومكافحة الفساد والتعاون التعليمي والثقافي بالإضافة إلى تعيين الحدود البحرية بين البلدين.