دواء قاتل .. "هيباتوفيرين" سم جديد يعالج به أطباء معهد الكبد مرضاهم (تحقيق بالمستندات)

أخبار مصر

بوابة الفجر


يحتضر زوجها الهزيل، على فراش الموت بالعناية المركزة، وإذ بها تطوف مكاتب معهد الأمراض المتواطنة والكبد، لم تترك بابا إلا وطرقته، في محاولة منها لمسابقة ملاك الموت، قبل أن يقبض روح شريك عمرها، راغبة في الحصول على الملف العلاجي الخاص بزوجها مريض الكبد والكلى، دون جدوى، وخلال بحثها عن تفسير للحالة المرضية الغريبة التي حلت بزوجها، على فراش الاحتضار، صدمتها إحدى طبيبات المعهد، بقولها: "إحنا آسفين.. نسينا نكتب على ملف زوجك، إنه زارع كلى ودواء الكبد، خطر عليه وممكن يموته".. لم يكن ذلك المشهد الدرامي جزءا من فيلم سينمائي، أو مشهد ينفك له الجمهور ضاحكا على خشبة مسرح وضيع، بل هو حقيقة وواقع مرير، وكارثة طبية، جسيمة، إرتكبها طبيبين، بحق رجل مسكين ترك خلفه، أسرة بسيطة وزوجة لا تقنط من رحمة الله سبحانه وتعالى، قضت حياتها بين طرقات المستشفيات، وطوابير الانتظار، والعمل، وتربية الأولاد



"محمد يوسف  الخربطلي" رجل خمسيني توفي بسبب خطأ طبيبين وعامل بمعهد الأمراض المتوطنة والكلى، حكاية عم محمد بدأت كما روتها لنا زوجته "حنان" منذ أن كان في أوائل العقد الثاني من عمره، حيث كان مريض بالكلى وقام لمدة خمس سنوات بغسيل كلى حتى قام عام 1999 بعملية زرع كلى لأول مرة، وظل بحالة صحية جيدة لمدة تسع سنوات وبعد ذلك تلفت الكلى التي قام بزراعتها فقام بعملية الزرع الثانية نهاية عام 2008.



قالت "حنان"، أن زوجها عند خضوعه لعملية الزرع الثانية انتقل له فيروس سي عن طريق الدم الذي نقل له في مستشفى قصر العيني الفرنساوي، كما أشارت الزوجة أن نسبة الفيروس في البداية كانت قليلة ولكنها ظلت في ازدياد حتى وصلت العام الحالي قبل وفاته لـ167، قائلة أنهم قاموا بالمتابعة في معهد الأمراض المتوطنة والكبد لمعالجة الفيروس.



وأكملت الزوجة: "أول ما بدأنا متابعة في معهد الكبد كان مع دكتور مصطفى.ع، طلب مننا تحاليل كتير وعملناها، وسألنا وقت الكشف عن إذا كان يوجد معاناة في الكلي فأخبره زوجي أنه زارع كلى مرتين، مؤكدا له أن الفحوصات والتحاليل التي تثبت ذلك موجودة داخل الملف الخاص به، فكتب له الطبيب المذكور أعلاه علاج "هيباتوفيرين" وكان مكتوب بالاستمارة التي مضى عليها الطبيب أنه مريض كلى وطلب منهم أن يتناوله في يوم مرة واليوم الثاني مرتين صباحًا ومساءًا، فقمنا بعد ذلك بتقديم أوراقنا للحصول على الموافقة لصرف علاجي الكبد والكلى على نفقة الدولة سويًا، وبعد أيام قليلة تمت الموافقة على القرارين معًا وقمنا بصرفهم في يومين متتاليين".



وتابعت الزوجة، أنها قامت بكافة التحاليل ثم ذهبت مرة أخرى لمعهد الكبد لمقابلة دكتورة مي، وحينها علمت أن جميع الأجهزة بداخل جسد زوجها في طريقها للتوقف وأنه معرض للموت في أي وقت، مشيرة أنه في ذلك الوقت طلبت منها دكتورة مى نقل زوجها لطوارئ معهد الكلى بالمطرية، وأثناء انتظارها لملف زوجها من المعهد أعطته لها الدكتورة وهي تعتذر منها قائلة: "احنا آسفين يا مدام نسينا نكتب على ملف جوزك أنه زارع كلى"، أخذت الزوجة الملف ونقلت زوجها لمعهد المطرية، ومنذ دخوله وهو في الطوارئ وحالته كانت تسوء كل يوم عن الآخر إلى أن توفي بعد ثلاثة أيام معدودة.



لم تتنازل حنان عن حق زوجها وقامت بتحرير محضر ضد دكتور مصطفى.ع، ودكتورة عزة.م.ف برقم 7311 بنيابة السيدة زينب، لتورطهما في قتل زوجها فالأول كتب له ذلك العلاج الذي تسبب في موته، والثانية قامت بصرف العلاج دون مراجعة ملف المريض لمعرفة ملائمته له أم لا، وعند مواجهة النيابة لدكتور مصطفى أنكر معرفته بأن المريض زارع كلى، وقال أنا كثرة عدد المرضى بمعهد الكبد يجعلهم يكشفون على المرضى شفويًا، وأكد أن المريض لم يخبره بذلك بالرغم من امضته على ملف المريض وكتابته بنفسه أنه مريض كبد زرع كلى،  كما أن دكتورة عزة  تهربت من الحضور، وبرر دكتور مصطفى أنها مشغولة لذلك لم تحضر لاستجوابها في النيابة، فأمر وكيل النيابة باستدعاء خبير من وزارة الصحة لشكه في شبهه جنائية بتلك القضية.



 قامت الزوجة  أيضًا بإرسال تظلم للنائب العام ولكن تم حفظه، وهي الآن بانتظار محاسبة الجناة الذين تسببوا في ذلك الإهمال الذي أدى لوفاة زوجها ولقبها بالأرملة وهي في ريعان شبابها ويتَّمَ طفليها.



لم تكن حالة "الخربطلى" هي الوحيدة التي فقدت حياتها بسبب علاج الـ"هيباتوفيرين" فيوجد أيضا حالة "صلاح الدين عبد العزيز" الرجل الستيني الذي فقد حياته بين ليلة وضحاها بسبب ذلك العلاج اللعين، حيث قال نجله: "كان يعاني والدي من الكبد والقلب وحصى على الكلي يصعب تفتيتها، ظل يتلقى العلاج لمدة عشرين عامًا على التوالي، تارة يشتد عليه التعب وأخرى يكون مجرد الألم العادي الذي يصطحبه طوال سنوات التعب،  ولكن في المرة الأخيرة التي اشتد عليه المرض لم يكمل بالعناية المركزة سواء أربعة أيام  وانتقل إلى رحمة الله".



أضاف الابن: "قبل وفاة والدي كانت التحاليل التي أجراها أخر مرة غريبة عن المرات السابقة، فأبى الذي لم يعاني من الكلي بينت التحاليل أنه يعاني الفشل الكلوي المزمن، وارتفاع حاد في نسبة السيولة بالدم، وهبوط حاد في الدورة الدموية، تلك التحاليل التي كانت مصدر شك كبير لنا حيث أنه بعد دخول أبي مستشفى بالدقي وطلب مني الطبيب اخر علاج كبد كتبه أطباء معهد الكبد لوالدي وهو الـ "هيباتوفيرين" قمت بإحضاره، وقاموا بإعطائه لوالدي بعد مدة كبيرة كنا قد أوقفناه له بأمر الطبيب، وقاموا بذلك عندما كان في طوارئ الانتظار دون أن تخضع حالته للكشف، ومنذ تناول أبي تلك الجرعة من العلاج  لمدة يومين تدهورت حالته وتوفي بعد أربعة أيام وكان بالعناية المركزة غير واعي بمن حوله، توفي والدي وانشغلنا بالحزن فترة ولكن بعدها قمت بمحاولة معرفة سبب تدهور الحالة والأطباء أجمعوا على أن السبب كان ذلك العلاج ولكني احتسبت والدي عند الله ولم اتحدث بالأمر خوفاً على والدتي".



" هيباتوفيرين"، علاج مضاد للفيروسات لعلاج فيروس سي، ذلك العلاج له العديد من الآثار الجانبية لذلك ينصح باستخدامه حسب الجرعات التي يسمح بها الطبيب، كما أنه لا يصرف إلا من معهد الأمراض المتوطنة والكبد، ذلك العلاج بمثابة السم الذي يسري في العروق ويودي بحياة مرضى الكبد في أيام معدودة، راح ضحيته العديدون منهم من لا يدرك أن ذلك العلاج سبب موت مريضهم، ومنهم من أدرك حقيقة ذلك السم وظل يقاضي المتسببين في تسميم مريضهم به.



تحتوي روشتة "هيباتوفيرين" على عدة نصائح تمنع مريض الكبد من تناوله، خاصة اذا كان يعاني من حساسية  "ريبافيرين" أو أي ي مكون آخر من مكونات هيباتوفيرين، وإذا كان لديه نوع من أنواع التهاب الكبد أو بعض اضطرابات الدم أو مرض شديد في الكلى



وأيضًا مدون بالنشرة الداخلية، أن "هيباتوفيرين" قد يسبب  نقص ملحوظ في عدد خلايا الدم الحمراء ويسبب "أنيميا"في بعض الحالات، تكون مصحوبة ببعض مشكلات القلب، وفي حالات نادرة يتسبب في أزمة قلبية مفاجئة ووفاة في الحال.



من جانبه قال محمد العبد، الأمين العام لنقابة الصيادلة، لـ "الفجر"، إن مادة "الريبافيرين" والتى يحتوى عليها الـ "هيباتوفيرين" لا يمكن استخدامها مع مرضى زرع الكلى، مشيرًا إلي أن بروتوكول العلاج يجب خلاله تدوين الطبيب المعالج للتاريخ المرضى للحالة اولًا، ويتم التحديد من خلال حالة المريض الصحية، وبحث اشكالية تعارض بين حالته والعقار من عدمه، وعند وجود تعارض يتم استبداله بعقار آخر يتناسب مع حالته.




وأضاف أمين عام الصيادلة، أن مريض الكبد الذى يصاحبه زرع كلى أو فشل كلوى له بروتوكول خاص يناسبه،ووفقا لبرنامج علاجي
 محدد، مشيرا الي أن كل العقاقير لا تحوز لعلاج نفس المرض، ولكن هناك اعتباراتمرضية أخري تتخذ في الاعتبار.


وأكد الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد ورئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، وأستاذ لجنة الفيروسات الكبدية، أن مرضى زرع الكلى المصابين بفيروس "سي" لهم علاج مختلف تمامًا عن المرضى العاديين، موضحًا أن مرضى زرع الكلى يأخذون دواء يخفض نسبة المناعة لديهم ولذلك توجد لديهم بروتوكولات علاجية مختلفة نسبيًا عن البروتوكولات العادية فى نوع الدواء المخصص لهم، وكذلك المرضى اللذين لديهم قصور فى وظائف الكلى أو مرضى  الغسيل الكلوى.




وأضاف فى تصريح لـ"الفجر"، أن دواء "الهيباتوفيرينمضاعف كبد وليس علاج فيروس، مشيرًا 
أن"الهيباتوفيرينتحتوى تركيبته على "الريبفايرينوالتى تتعارض مع مرضى الكبد زارع الكلى وتؤدى للوفاه.